العام القادم هو عام نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الامم المتحدة،

وتصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال على طريق الاستقلال والعودة .

 

يا جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات

في هذه الذكرى المجيدة التي تختزن الكثير من الانجازات الوطنية، والمكاسب السياسية التي حققت نقلة نوعية بل جذرية في الواقع الفلسطيني. بفضلها، بفضل تضحيات شعبنا الفلسطيني الجسيمة تمكنت القيادة الفلسطينية أن تعيد القضية الفلسطينية إلى الخارطة السياسية والجغرافية، واستعاد شعبنا كيانه السياسي بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني المصمم على مواصلة مسيرته الكفاحية الوطنية التي لم تتوقف منذ أن بدأ تنفيذ المشروع الصهيوني في العام 1917 عندما قدّم آرثر بلفور وزير خارجية بريطانية وعداً لليهود الذين جمَّعتهم الحركة الصهيونية بالتعاون مع الدول الاستعمارية بإعطائهم دولة على أرض فلسطين التاريخية وتهجير شعبها منها.

في هذه الذكرى المباركة نقف بكل احترام وتقدير أمام عظمة الشهداء الأبطال وفي المقدمة منهم الشهيد الرمز ياسر عرفات مؤسس حركة فتح وقائد مسيرتها، كما نحيي الرجالات التي بنت هذه الثورة، وأسست جيلاً من حملة الراية الوطنية في كل الميادين، ويأتي في مقدمة هذه الرجالات شهداء اللجنة المركزية لحركة فتح، وشهداء اللجنة التنفيذية، وقادة الفصائل الوطنية والاسلامية، وقوافل الكوادر والضباط الذين أمضوا حياتهم مكافحين من أجل صناعة المستقبل، مستقبل الحرية والكرامة للأجيال القادمة.

يا جماهير شعبنا العظيم... يا شعب الجبارين

في هذه الذكرى التي يحتفل بها أبناء شعبنا في أماكن تواجدهم كافة باعتبارها هي التي نقلتهم من التشرد والضياع السياسي إلى الحضور بقوة الحق الفلسطيني والشرعية الدولية من أجل تكريس الحضور الوطني لشعبنا على مسرح مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، وتكريس حقوقنا الوطنية وخاصة حق تقرير المصير لشعبنا، وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على الأراضي التي احتلت في الرابع من حزيران العام 1967. فبعد مرور أربعة وستين عاماً على إحتلال أرضنا، وتشريد شعبنا، وانتهاك حقوقنا في كافة المجالات وخاصة ارتكاب المجازر بحق أهلنا، وزرع المستوطنات، وتهويد الأراضي، والاعتداء على المقدسات الاسلامية، والكنائس المسيحية، رغم هذه السنوات الطوال يستمر التحدي الفلسطيني من خلال القرارات القيادية الحاسمة التي يمثلها سيادة الرئيس أبو مازن رئيس دولة فلسطين، ورئيس اللجنة التنفيذية، ورئيس السلطة الوطنية، حيث وقف بوجه كافة التحديات الاميركية والاسرائيلية، وكافة التهديدات الأمنية، والمالية، والسياسية، والعسكرية، وأصرّ الرئيس أبو مازن ومعه كل الشعب الفلسطيني على وقف التفاوض مع الجانب الإسرائيلي إلاّ بتوافر الضوابط الكفيلة بإنجاح هذه المفاوضات، وخاصة وجود المرجعية الدولية، ووقف الاستيطان، كما أنَّ الرئيس أبو مازن واصل طريقه نحو مجلس الأمن ليضعه أمام مسؤولياته تجاه الحق التاريخي والقانوني والشرعي والسياسي الذي يمتلكه شعبنا، وكانت المعركة السياسية في مجلس الأمن حيث طُلب من مجلس الأمن الموافقة على طلب نيل العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. صحيح أن الولايات المتحدة وإسرائيل مارستا الترغيب والترهيب مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لمنعها من التصويت لصالح الشعب الفلسطيني، إلاّ أنَّ المعركة السياسية والدبلوماسية متواصلة من أجل تثبيت الحقوق الوطنية الفلسطينية، وهي حقوق لا يمكن التنازل عنها مهما طال الصراع، لأن الحقَّ يجب أن يعود إلى أصحابه، فلا سلام دون أن يستعيد شعبنا حقوقه المشروعة وخاصة حقه الطبيعي في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وفي المقدمة أيضاً حق العودة لأبناء شعبنا المشتتين الذين طردوا من أرضهم بقوة المؤامرة الدولية، والصمت الرسمي العربي، ونصرُّ على العودة إلى الأراضي التي طُردنا منها، وأن تكون العودة إستناداً إلى القرار 194.

ونحن نحتفل بذكرى الانطلاقة نؤكد التزامنا الكامل بميثاق المصالحة الوطنية الفلسطينية الذي تم اعتماده من قبل كافة القوى والفصائل الوطنية والاسلامية، كما نؤكد اعتزازنا بالثقة المتبادلة، والشراكة السياسية، ووضع المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني فوق المصالح الفصائلية، وهذا ما يعزِّز فرص نجاح هذه اللقاءات، والإجراءات التي تمّ الاتفاق عليها لإنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية المستندة إلى برنامج سياسي واضح ينهي الانقسام وتداعياته المدمِّرة في المجتمع الفلسطيني، ويحدد أيضاً الضوابط الكفيلة بصون وحماية المجتمع الفلسطيني من كافة أشكال الصراعات المؤلمة التي تدمِّر الانجازات الوطنية، وهذا يعني اعتماد الحوار الوطني البنّاء، والشراكة السياسية الحقيقية، وممارسة الديمقراطية كعامل مهم في حماية النظام السياسي الفلسطيني، وتنفيذ الاستحقاقات التي تضمن سلامة الخيارات الديمقراطية، ووحدة القرار وخاصة الانتخابات الرئاسية، والتشريعية، وانتخابات المجلس الوطني إضافة إلى الانتخابات النقابية والبلدية.

نحن نرى في اللقاءات الأخيرة التي تمت في القاهرة على أعلى المستويات الفلسطينية، والتي ناقشت واتفقت على إجراءات موضوعية بما يتعلق بالقضايا الأساسية وهي ركائز المصالحة، وخاصة الإطار القيادي الفلسطيني المؤقت وهو المعني بوضع كافة الترتيبات المستقبلية المتعلقة بموضوع انتخابات المجلس الوطني في الشتات، وضمان سلامة التمثيل في هذا المجلس الذي يمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وهو الذي سينتخب اللجنة التنفيذية الجديدة. هذا إضافة إلى تشكيل الحكومة الوطنية من المستقلين التكنوقراط والتي يُؤمل تشكيلها في الشهر القادم لتأخذ على عاتقها وضع كافة الترتيبات المتعلقة بالانتخابات، وأيضاً ما يتعلق بإعمار ما تهدَّم في قطاع غزة. كما أن لجنة المصالحات الاجتماعية بدأت عملها، ووضعت الآليات المناسبة لإنجاح مهمتها استناداً إلى ما تم الاتفاق عليه في الوثيقة المصرية التي تم اعتمادها خاصة المعايير المادية، والقانونية، وإصلاح ذات البين في المجتمع الفلسطيني، واعتماد الأسس الاعلامية في كافة المنابر السياسية، والدينية، والاعلامية لتكريس الثقافة الجديدة.

إنَّ ما أدلى به الرئيس الفلسطيني أبو مازن والأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وباقي الأخوة المسؤولين المعنيين بإنجاح المصالحة يؤكد أنّ هناك نقلة نوعية مميّزة في الواقع الفلسطيني، يمكن لشعبنا أن يراهن عليها لإنهاء حالة الانقسام الأسود الذي استخدمته إسرائيل سيفاً مسلّطاً على شعبنا، كما استخدمته غطاءً لتنفيذ المشاريع الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة مدينة القدس التي خنقتها المستوطنات، وهُجِّر الكثير من أهلها بعد سحب بطاقاتهم المقدسية، وإغراق المدينة في حالة تغيير ديموغرافي يومي، والاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى، والأماكن الأثرية الأخرى.

نحن في حركة فتح ندرك أن عملية إنجاز المصالحة، وإنهاء الانقسام ليست رحلة أو نزهة، وإنما مسؤولية وطنية تحتاج إلى جهود مشتركة وصادقة، وإلى حوار بنّاء ومسؤول يضع المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات الفصائلية، نحن نسجِّل تفاؤلنا بأنَّ هذه القيادة التاريخية قادرة مع شعبها المتعطش للوحدة الوطنية أن تجتاز هذا القطوع الصعب، وأن تنهض بالمسؤوليات الوطنية نحو واقع فلسطيني قادر على تفعيل المقاومة الشعبية اليومية بوجه الاحتلال الاسرائيلي، والعمل على مشاركة كافة الشرائح الوطنية والاجتماعية الفلسطينية في معركة الحرية والاستقلال ودحر الاحتلال.

اننا في حركة فتح نؤكد أهمية تجسيد العلاقات الوحدوية في المخيمات الفلسطينية، وهذه العلاقات القائمة على أسس ثابتة لتحقيق الأهداف الوطنية، والتطلعات المشروعة لشعبنا لدحر الإحتلال والعودة إلى الارض التي طردنا منها. إنَّ البحث عن كل ما يضمن أمن المخيم الفلسطيني، واستقراره الاجتماعي، وتطوير الثقافة الوطنية في إطار مسيرتنا الكفاحية هي الأساس في اهتماماتنا الحركية. ونحن نسعى بإستمرار إلى تكريس العلاقات والآليات القضائية والإجتماعية التي تؤدي إلى شراكة حقيقية تُسهم في القضاء على الفتنة، وعلى كل محاولات بث الخلافات، وتفوِّت الفرصة على كل الساعين إلى نسف الأمن الإجتماعي، وتعميم الفوضى. إننا نؤمن بضرورة تفعيل الآليات القائمة والتعاون في إطارها من أجل حماية المخيمات. خاصة أن هناك عوامل مساعدة في إيجاد الاستقرار الإجتماعي منها الإعلان عن المصالحة، والبدء بالتنفيذ الميداني، أيضاً أنّ هناك تعاوناً مع الدولة اللبنانية لمتابعة معالجة كافة القضايا بما يحفظ سيادة الدولة، وأمن المخيمات وعلى قاعدة السيادة والحرية والكرامة للفلسطينيين مؤكدين على حقنا في العودة ورفض كل أشكال التوطين والتهجير.

ونحن ندعو الجميع إلى التعاون من أجل حماية مخيم عين الحلوة من كل ما يعكِّر صفو العلاقات فيه، وبالإرادة المشتركة نستطيع فرض ما يخدم اهلنا في المخيمات، ونعاهدكم ان حركة فتح التي اطلقت الرصاصة الاولى من اجل فلسطين ستبقى ضمان الوحدة الوطنية، وصمام الامان في وجه الفتنة ومطلقيها، لأن حركتنا الرائدة ستبقى وفية لدماء الشهداء الطاهرة وستبقى حركة فتح حركة الشعب الفلسطيني، تحمل راية العودة والحرية والاستقلال حتى يعود شعبنا الى دياره عزيزاً كريما.

وفي هذه المناسبة فإننا ندعو إلى الاسراع في إستكمال كل ما يتعلق بعملية إعادة  إعمار مخيم نهر البارد حتى يتمكن أهله من العودة إليه، وتأمين التمويل اللازم لإعادة أعماره بالتعاون ما بين الدولة والاونروا، والدول العربية، والمجتمع الدولي ومنظمة التحرير الفلسطينية، كما نطالب بتسليم قطاع (Aبرايم) لأهله حتى يتمكنوا من بناء بيوتهم والعودة إليها .

التحية إلى شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة وفي كل مناطق الشتات ، معاً وسوياً حتى النصر و العودة إليها.

التحية إلى الشهداء الأبرار  الذين هم جسر العبور نحو الحرية والإستقلال.

التحية الى شهداء لبنان وفلسطين، وشهداء الامة العربية والاسلامية، والى كل الذين سقطوا من اجل فلسطين.

التحية إلى الأسرى الابطال في صمودهم بوجه السجَّان وآلة الاجرام الصهيونية.

التحية إلى الجرحى والمعوَّقين، مع الشفاء العاجل لهم.

عاشت فلسطين حرة عربية

وإنها لثورة حتى النصر

 قيادة حركة فتح-لبنان

31-12-2011