أحد عوامل الصمود لشعب من الشعوب، ومجابهة التحديات الخارجية وأدواتهم في الداخل، يكمن في تعزيز وتصليب الجبهة الداخلية، ورص صفوف القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الفنية والأكاديمية بمختلف مشاربها واتجاهاتها الفكرية والعقائدية والسياسية، دون شرط الوحدة الوطنية على أساس برنامج سياسي وتنظيمي مشترك وجامع وآليات عمل ناظمة، لا يمكن التصدي لأخطار أهداف الأعداء في الداخل والخارج.
وعلى الصعيد الوطني الفلسطيني، حيث يواجه الشعب أخطر مرحلة من مراحل الصراع مع العدو الصهيو أميركي على مدار عقود الصراع الطويلة، التي تستهدف وجود وكينونة وأهداف الكفاح الوطني التحرري، المتمثلة بالإبادة الجماعية على مدار 411 يومًا، نجم عنها ارتقاء ما يزيد عن 150 ألف شهيدٍ وجريح غالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء بالإضافة لعمليات التدمير الهائلة، بالتلازم مع حروب التجويع والأمراض والأوبئة والتلوث البيئي، تُحَتِم الضرورة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنضالية تعزيز الوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها الوطني الجامع، وتصفية مظاهر التناقضات والخلافات الداخلية كافة، والابتعاد كليًا عن الحسابات والأجندات الخاصة والعربية والإقليمية.
لأن الكل الفلسطيني مستهدف، ولا يوجد فلسطيني بغض النظر عن انتمائه الحزبي والفصائلي بما في ذلك المستقلين بتلاوينهم وتوجهاتهم المختلفة خارج دائرة الاستهداف والموت والإبادة، مما يحتم على الجميع التعالي على الصغائر والحسابات الضيقة والمعطلة للوحدة، والاندفاع نحو بوابة الوحدة الوطنية.
وعندما أسلط الضوء على المثالب والنواقص والجرائم التي ترتكب من قبل بعض القوى الفلسطينية وخاصة حركة حماس ومن يدور في فلكها، وعن التجار الجشعين والعصابات وقطاع الطرق في محافظات الوطن عمومًا وقطاع غزة خصوصًا، لا أستهدف تعميق التناقضات والخلافات، العكس صحيح. لأن الغاية الأساسية وضع الإصبع على الجراح الداخلية، التي تفت في عضد وحدة الشعب، وتزيد من آلامه وجراحه وغضبه وسخطه من تلك الممارسات المعمقة لمصائب وويلات الشعب المنكوب بالإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية، والسعي للفت نظر الغيورين والحريصين على الوحدة الوطنية لتظافر جهودهم لرص الصفوف، والتنبه لأخطار ممارساتهم وعيوبهم، وانعكاساتها السلبية لا بل الخطيرة على تلاحم وتكافل قوى وقطاعات الشعب كافة، لوأد تلك الأمراض والنواقص.
إذاً لنرتقي إلى مستوى المسؤولية الوطنية، وشد عضد الشعب، والتخفيف من آلامه وأوجاعه ومصائبه وويلاته، تملي الضرورة الوطنية العمل على التالي:
- أولاً: طي صفحة الانقلاب على الشرعية فورًا، ومغادرة النزعات الذاتية والحسابات الذاتية.
- ثانيًا: الابتعاد كليًا عن الأجندات الخارجية، والتركيز على المصالح الوطنية.
- ثالثًا: الانضواء تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد وبرنامجها السياسي والتنظيمي والكفاحي.
- رابعًا: العمل المشترك على تطوير البرنامج الوطني من خلال الحوارات الوطنية المتواصلة، ومن خلال إدامة عقد الهيئات القيادية للمنظمة، واللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لتعزيز دور ومكانة المنظمة على الصعد المختلفة.
- خامسًا: وضع برنامج مشترك لمواجهة التحديات الناجمة عن الإبادة الجماعية الصهيو أميركية، والعمل من أجل وقف الحرب فورًا دون قيد أو شرط، ورفض التهجير القسري، والعمل على إدخال المساعدات الإنسانية كافةً تحت إشراف الحكومة الفلسطينية ووزاراتها واللجان المنبثقة عنها.
- سادسًا: وضع رؤية مشتركة لإعادة إعمار قطاع غزة بالتعاون مع الحكومة صاحبة الولاية السياسية والقانونية والإدارية، وإيواء المواطنين وعودتهم إلى بيوتهم ومدنهم ومخيماتهم؛ سادسًا الذهاب للحل السياسي بعد الإنسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، والعمل على استقلال وسيادة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على أراضي الدولة كافة.
الشعب الفلسطيني الذي يعيش كارثة ونكبة فاقت النكبة الكبرى عام 1948 بحاجة ماسة إلى الوحدة، وإلى رص الصفوف، وقطع يد اللصوص والتجار الشجعين وقطاع الطرق دون رحمة. وكل ثورات الشعوب التي واجهت تحديات داخلية بقوة ودون رحمة، لحماية البيت الوطني، وتعزيز دور الشرعيات الوطنية وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية والدولة والحكومة أصحاب الولاية الأساسية على أراضي الدولة الفلسطينية كافةً، الأمر الذي يفرض الاندفاع بسرعة ووفق رؤية برنامجية مشتركة لتحقيق الأهداف الوطنية الجامعة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها