أول إخفاق للأمم المتحدة تجلى بقدرة القوى الاستعمارية العالمية على إنتزاع قرار بتقسيم فلسطين إلى دولتين ذلك القرار الذي أضفى شرعية زائفة على حرب الإبادة والتطهير العرقي التي مارستها سلطات الاحتلال الاستعماري البريطاني والعصابات اليهودية الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، ما أسفر عن تدمير مئات القرى والبلدات الفلسطينية واقتلاع أبناء الشعب الفلسطيني من وطنهم التاريخي في أوسع عملية تهجير قسري بالقرن العشرين ليعيشوا في المنافي كلاجئين بانتظار تمكينهم من العودة لمدنهم وقراهم تنفيذًا لقرار الجمعية العامة رقم 194.
 
- 79 عامًا من الفشل:

إرتأيت بمقدمة هذا المقال للتدليل على أن ميثاق الأمم صيغ لتحقيق أهداف ومآرب ومصالح ونفوذ الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن بالهيمنة على دول العالم كنتيجة للحرب العالمية الثانية دون النظر لمصالح وحقوق شعوب العالم التي من المفترض أن تحتل الأولوية بعملها وهذا ما أدى إلى فشل الأمم المتحدة بتحقيق أهدافها ومقاصدها وميثاقها الذي يمكن الإشارة لبعض منه والذي يتطلب إرادة دولية جماعية لمعالجة أسباب وعوامل الفشل والإخفاق:

- أولاً: إنقاذ الأجيال من ويلات الحروب.

- ثانيًا: ألا تستخدم القوة المسلحة في غير المصالح المشتركة.

- ثالثًا: حفظ الأمن والسلم الدوليين وإتخاذ التدابير المشتركة  لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها.

- رابعًا: المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء.

- خامسًا: إمتناع الدول الأعضاء من إستخدام القوة أو التلميح بإستخدامها ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي لأي دولة.

- سادسًا: إلتزام وتعهد الدول الأعضاء بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها.

- سابعًا: تعهد كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة أن ينزل عند رغبة محكمة العدل الدولية في أية قضية يكون طرفا فيها.

- ثامنًا: حق الشعوب بتقرير المصير  والعمل على تعزيز حقوق الإنسان.

- أسباب وعوامل الإخفاق:

لفشل مؤسسات الأمم المتحدة عوامل وأسباب كثيرة منها:

- أولاً: حصر الصلاحيات التنفيذية بموافقة أو إمتناع الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن.

- ثانيًا: منح الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن صلاحية إستخدام الفيتو مما مكن ويمكن الدول المارقة الإفلات من المساءلة والعقاب كما يمكنها من تحدي ورفض تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها وما الفيتو الأميركي بحماية الكيان الاستعماري الإسرائيلي وتمكينه من الاستمرار بإحتلاله لأراضي الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا والمضي بإرتكابه جرائم حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.

- ثالثًا: إستخدام الفيتو بخلاف لمقاصد الأمم المتحدة بحفظ الأمن والسلم الدوليين.

- رابعًا: قبول غالبية الدول الأعضاء بالأمم المتحدة دون التصدي للدور الديكوري التي أرادته الدول الخمس  بتغييب دورها الحقيقي كأعلى سلطة بالأمم المتحدة وما العجز عن إلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ أي من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة لمدنهم وقراهم.

- خامسًا: الإزدواجية والانتقائية بمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن وفقًا لمصالح الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن أو أي منها إضافة إلى الإزدواجية والتناقض بتفسير بنود ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وما الموقف الأميركي والغربي من الحرب في أوكرانيا وعلى النقيض من ذلك الموقف الداعم  للاحتلال الاستعماري الاحلالي الإسرائيلي ومنحه الحق بإرتكاب مختلف أشكال الجرائم المعاقب عليها دوليًا  تحت ذريعة حق الدفاع عن النفس هذا مثال عن الإزدواجية البغيضة وما تؤديه من تقويض للأمن والسلم الإقليمي والدولي.

- سادسًا: تخلي الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن عن الإضطلاع بدورها ومسؤولياتها بحفظ الأمن والسلم وكفالة إحترام كافة الدول الأعضاء ميثاق الأمم المتحدة وتنفيذ القرارات الصادرة عن مؤسساتها وخاصة مضمون المادتين  25 و94  من الميثاق.

- سابعًا: استمرار دعم وتزويد الدول المارقة كالكيان الإرهابي الإسرائيلي بكل مقومات القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية مما مكنها من الإعلان بكل صلافة وعنجهية رفضها القبول بتنفيذ أي من القرارات الدولية بل وإتهام الأمم المتحدة وأمينها العام بدعم الإرهاب ومعاداة السامية لمجرد إصدار قرارات وتصريحات تندد بالعدوان والجرائم الإسرائيلية وتطالب وقف فوري للعدوان على قطاع غزة وعموم أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا.

- ثامنًا: عدم فرض عقوبات رادعة وضاغطة على "إسرائيل" المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة  لإلزامها تنفيذ القرارات الدولية وقرار محكمة العدل الدولية خلافًا للعقوبات المفروضة على روسيا هذا التناقض والإزدواجية الذي يعكس أحد مظاهر العجز والفشل لتجسبد وترسيخ مبادئ وأهداف الأمم المتحدة.
بناءً على ما تقدم، هناك تساؤل يدور في الأذهان هل عفا الزمن على الأمم المتحدة بشكلها وإطارها الحالي؟ وما هو المطلوب لإنشاء نظام عالمي جديد؟.