للمغرب الكبير، رجال كبار، منحوا فلسطين حبًا من طراز خاص، سيصعب تعدادهم، فهم في كل موقع من هذه المملكة المتعافية بسلالتها العلوية، لكن حين يغيب الموت واحدًا من هؤلاء الكبار، سنراه حاضرًا، إسمًا وتاريخًا لا يمكن نسيانه، وفلسطين لا تنسى محبيها، ومن ساروا في دروب قضيتها، مدافعين عنها، وداعمين لحقوق شعبها، ونتحدث هنا عن رئيس الحكومة المغربية السابق عبد الرحمن اليوسفي الذي رحل عنا إلى مثواه الترابي، يوم الجمعة الماضي، رحل اليوسفي المؤسس للاتحاد الاشتراكي المغربي، والذي كان أول "معارض في العالم العربي يشارك في السلطة على نحو سلمي" في تجربة تحسب للمملكة المغربية، وبما يؤكد نزاهة التجربة، ودلالاتها الحضارية، ورحل اليوسفي ومع الأسف الشديد، وسط صخب جائحة "الكورونا" فلم ندرك رثاء له لحظة رحيله، غير أن غصة القلب لحظتها كانت حارقة.

سنذكر أن الراحل الكبير كان من أوائل المسؤولين العرب، من زار فلسطين عام 2000 والتقى في بيت لحم الزعيم الشهيد ياسر عرفات، وهو الذي كان وثيق الصلة به، ودائم الاتصال معه، وعلى نحو ما كان يؤكد أن فلسطين قضيته المركزية.كما وسنذكر وبتقديرعال أنه قاد مسيرة المليون في المغرب ضد الحصار الإسرائيلي للشهيد ياسرعرفات.

نعرف أن بيئة المغرب الثقافية، في جانبها القومي والإنساني، هي بيئة فلسطينية، وللمغاربة في فلسطين حارات ودلالات، ولهم لجنة القدس بقرار اسلامي، ما يعني أن اليوسفي كان متماهيًا مع بيئته الثقافية، وحاضرًا في رسم تطلعاتها النبيلة، وساعيًا لتحقيق هذه التطلعات المغربية الفلسطينية، ولا شك أن هذا شأن المملكة وأهلها من طنجة، إلى فاس والدار البيضاء ومراكش، وحتى أكادير وطانطان.

هذا هو عبد الرحمن اليوسفي، وهذه لحظات من حضوره الطيب في الذاكرة الفلسطينية التي تحيا بمحبيها وداعمي قضيتها، سلام لروحه الطاهرة. خالص العزاء للمغرب الشقيق ملكًا وحكومةً وشعبًا.. إنا لله وإنا إليه راجعون.