الشاعرة الفلسطينية نهى عودة

"يكاد الحديث عن الأزهار جريمة في زمن الحرب"، كلمات قالها الفيلسوف الألماني "فيخته" في ظروف الحرب التي أعلنتها فرنسا على بلاده، وهي كلمات تختزل الكثير من المعاني حول العلاقة بين الكتابة والحرب والقيم والجمال..

فالحرب تشوّه كلّ الأشياء الجميلة في الحياة، ويمتدّ التشويه إلى الذكريات التي تضجّ بها الذاكرة، وتتدفقّ من حين إلى آخر لتقوّي علاقة الإنسان بالحياة.. تلك الحياة التي هي قاسية أساسا على اللاجئ الفلسطيني بشكل خاص، وعلى الفلسطيني بشكل عام، وكل مَن يعيش الحروب المتتالية فلا ينعم براحة ولا خلوة ولا حتى أقل ما يُفترض أن تقدِّمه "الإنسانية" - من طمأنينة واستقرار نفسي وقدرة على تذوّق الجمال والحياة - لأيّ إنسان على وجه الأرض.

يُفترض أنّ المبدع، سواء كان كاتبا أو شاعرا أو روائيا..، هو الإنسان الذي ارتقى إلى أعلى مراتب الإنسانية، يختلف ويختلط عليه الأمر، خلال ظروف الحرب، في شؤون كثيرة منها طريقته في ممارسة "فنّ" الحياة، وفي كيفية التعامل مع مأساته.. فلا يعرف كيف يبكي، ولا كيف يصف شعوره اتجاه أي شيء، ولا أن يقول: أريد أن تقتلعني الحياة وكأنني لم أكن لأكتب. هو يكتب ليكون إنسانا طبيعيا، يكتب ليصف وجعه فلا ينصف روحه إلا حَرفه، ولا يعلم أداةً أخرى للتعبير عن وجعه غير الكتابة..

الكتابة فن الحب والموت وما أُهلَّ به لتكتمل الحياة ويمرّ الوقت بوجع أنيق تحت مُسمّى الإبداع.. يصفّق الناس لوجعك وقهرك، وأنت تتداخل بذاتك أكثر وأكثر، وتكون ندًّا للوجع فلا تُكسر، ولا تهادن.. ولا يهمك أيّ شيء غير أن تبقى شامخا.. فأنت فلسطيني ولا يليق بك غير الشموخ رغم كل الانتكاسات والانكسارات..