الشاعرة الفلسطينية نهى عودة

أستقي أيّامًا عسى أن أروي بها
جفاف خساراتي المبعثرة 
أنا بلا وطن 
يا الله 
عشتُ حلمَه 
عبثًا أحاول تصوّره
سأقول لك يا الله 
كبرتُ مبتورةَ المشاعر 
فلا اكتمال هنا 
ولا حلم هناك 
لا حياة تليق بموت
ولا فرح يليق بهذا الألم 
كثيرٌ هو الخذلان هنا 
فما كنا إلا المسيح
وجميع من حولنا تلامذته
أدركتُ حجم المأساة 
علِمتُ كيف اختُطف الوطن
تعمّقتُ في ثوراتنا
تعبتُ من السفن التي تنقلهم
جهلتُ الوجهةَ وما يخفي القدر
يا وجعي المتضاعف 
يا قهري على الحواجز
ولست أملك جواز سفر
قرأت الكثير من أسفار التاريخ 
انتظرتُ دورة الأيام 
واحدة تلو أخرى 
حتى الآن لم يأتني أي خبر
كل انتظارٍ تلسعك عقاربُه 
تجعلك تعضّ الأنامل 
فما أكثر الوجوه 
وما أقبح مَن رسم خرائط بين دولنا 
ولا نجرؤ أن نحمل تلك المكيدة 
في سلّة القدر
سأقول لك يا الله 
عن ألمي الحيّ
عن وجهي الذي يؤنِّبني 
يهرب من عينَيّ 
خوفا من أن تشي 
عن الوخزة التي لا تُشفى 
كم كنتُ غريبة في الطرقات 
كم أوجعتني كل الأغاني الوطنيات
لست أرى ملامحي جيّدا 
مهزومة بجرح الوطن 
منهكة من اللجوء 
من الحواجز 
من بائعي الشعارات
منهكة مني 
فكيف أعرفُني 
وكل الدنيا ضاقَت علينا بما رحُبَت
فأرض الله ليس للفلسطيني بها مُستقرّ
كنتُ أهيم في عوالم المجهول من بلدي 
وأخشى أن أملّ من الدّعاء 
أنا يا الله 
أبكي 
أحنّ
أتضرّع لك 
أخشاك إن غضبتَ
فهذا قرباني  
فلستُ إلا فلسطينية 
نهش اللجوء قلبها 
وأنت يا ربّي 
عندك الإجابة 
وبك يطيب المُستقَرّ