بقلم: زهران معالي
"لا ماء، لا كهرباء، لا شوارع ولا خدمات، ولا مقومات حياة متوفرة هنا، فنحن نعيش كارثة حقيقية"، هكذا وصف المواطن أبو محمد البدوي، أوضاع الحي الشرقي من مدينة جنين شمال الضفة الغربية، بعد عشرة أيام من العدوان الإسرائيلي المتواصل على المدينة ومخيمها.
قال البدوي الذي لم يغادر منزله منذ أيام برفقة أفراد عائلته العشرة: "دمر الاحتلال كل شيء في الحي، وجرف الشوارع ودمر شبكات الصرف الصحي والمياه وخطوط الكهرباء، وأغلق أبواب المنازل والمحلات التجارية بالسواتر الترابية".
وأضاف: "نعيش أصعب أيام حياتنا، عشنا الانتفاضتين الأولى والثانية خلال اجتياح مدينة جنين ومخيمها عام 2002، لكن لم يمر علينا أصعب من هذه الأيام، الاحتلال يشن حربًا حقيقية ضدنا، فلا طعام ولا دواء ولا مياه هنا".
يوم الجمعة الماضي، بدأت عائلات من الحي الشرقي بالنزوح إلى البلدات والقرى المحيطة بالمدينة، تحت ضغط العدوان، الذي حول منازلهم إلى ثكنات عسكرية، وقلة المواد الغذائية والمياه.
ويتابع البدوي: "بالكاد نتدبر أمورنا، فقد اضطررنا إلى تعبئة المياه من الأنابيب الناقلة التي دمرها الاحتلال في الحي، ونقلها باستخدام الزجاجات والدلاء من بيت إلى آخر بمساعدة الجيران".
ويخشى البدوي في حال استمرار الحصار نفاد مخزون القمح، الذي كان يحتفظ به لعائلته وأشقائه، وقال: "الحصول على الخبز مهمة محفوفة بالمخاطر، فقد تتعرض لإطلاق نار من القناصة، في طريقك للبحث عنه في الأحياء القريبة من منطقتنا".
وأضاف: أن معاناة المرضى تضاعفت خلال العدوان، فلم يعد بإمكانهم الوصول إلى المستشفى أو العيادات لتلقي العلاج، "زوجة شقيقي بحاجة إلى عملية غسيل كلى مرتين أسبوعيًا، ومنذ بدء العدوان، تمكنا لأول مرة قبل يومين من نقلها بمركبة إسعاف إلى أحد مستشفيات نابلس".
ووفق إحصائيات أولية لبلدية جنين، فإن الاحتلال دمر حتى اليوم أكثر من 80% من شبكة المياه في المدينة، وما زالت عمليات التجريف مستمرة في أحياء المدينة ومخيمها وشوارعهما.
وأكد مدير العلاقات العامة في البلدية بشير مطاحن، أن طواقم قسم المياه في البلدية تواصل العمل على فصل الخطوط المدمرة ومحاولة إصلاحها في شوارع المدينة، إلا أنها لم تتمكن من العمل داخل مخيم جنين حتى هذه اللحظة، بسبب الحصار المفروض عليه.
وقال: "لا تزال الكهرباء مقطوعة عن أحياء عدة في المخيم، وتتلقى البلدية مناشدة يومية من عائلات لديها مرضى وأصحاب أمراض مزمنة لتأمين وصول الأدوية والمواد الغذائية والمعونات الطارئة إليهم، ألا أن طواقمنا لم تنجح في ذلك، بسبب إجراءات الاحتلال".
وأضاف: أن "طواقم قسم الكهرباء ما زالت تعمل بإمكانياتها الشحيحة في الميدان على إصلاح بعض الخطوط المدمرة وإعادة التيار الكهربائي إلى المناطق التي تغرق في الظلام جراء عدوان الاحتلال المتواصل".
ووفق مطاحن، فقد دمرت آليات الاحتلال أكثر من 25 كم من شبكة الشوارع الرئيسية في مدينة جنين، وأبرزها: شارع الناصرة حتى الحارة الشرقية بشكل كامل، والطرق الواصلة إلى مخيم جنين بشكل كامل، وشارعا نابلس وحيفا، والشارع الذي يصل بين شرق المدينة وغربها "شارع فلسطين الذي يربط شارع حيفا بشارع الناصرة"، كذلك منطقة السوق التجاري، ودوار السينما مركز المدينة، وإحراق سوق الخضراوات المركزي، وتضرر مئات البيوت والمحلات التجارية، وإتلاف مئات المركبات التي كانت متوقفة أمام منازل المواطنين.
وتواصل قوات الاحتلال تدمير البنية التحتية في جنين ومخيمها، وتعمل على تجريف شوارع رئيسية لتقسيم المدينة إلى مربعات وفصل أحيائها عن بعضها.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال تتعمد أيضًا فصل جنين وعزلها عن محيطها، من خلال تجريف الشوارع الرئيسية ومداخلها التي تربطها بالبلدات والقرى المحيطة بها.
ومنذ يوم الأربعاء الثامن والعشرين من آب/أغسطس الماضي، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا على الضفة الغربية، خاصة شمالها، ما أسفر حتى اللحظة عن استشهاد 39 مواطنًا، بينهم 22 في محافظة جنين، و8 في طولكرم، و4 في طوباس، و3 في الخليل، ما يرفع حصيلة الشهداء في الضفة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 685.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها