بقلم: وعد الكار

منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تعيش بلدة بيت فجار الواقعة جنوب بيت لحم حالة من الحصار شبه الكامل بفعل الإغلاق الذي فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي على معظم الطرق المؤدية إليها، ما أدى إلى تقطيع أوصالها وجعل حياة سكانها، بخاصة السائقين منهم، لا تطاق.

ويقول المواطن أبو محمد ديرية الذي يعمل سائق شاحنة ينقل من خلالها الحجارة والمواد الخاصة بصناعة الحجر: إنه "منذ إغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى البلدة، أصبح مضطراً إلى المرور عبر الطريق الوحيد المتبقي من قرية المنشية المجاورة، وهو طريق وعر وصعب لا يصلح للمركبات الثقيلة".

وأضاف: "قبل الإغلاق، كنت أستطيع نقل البضائع إلى المدن المجاورة في نصف الوقت الذي أستغرقه الآن، الطريق عبر المنشية طويل جداً، ويحتاج إلى صيانة دورية، والشاحنة تتعطل كثيراً بسبب الحفر الكبيرة والصخور، وهذا يعني مصاريف إضافية لإصلاحها، بالإضافة إلى زيادة استهلاك الوقود"، مشيرًا إلى أن تكلفة الرحلة الواحدة زادت بنسبة تتجاوز الـ50%، بسبب طول المسافة وصعوبة الطريق، فضلاً عن الخسائر التي يتكبدها عندما تتعطل شاحنته في الطريق، وهو أمر يحدث بشكل متكرر.

وتابع: "أحياناً اضطر إلى دفع أكثر من 500 شيقل في اليوم الواحد لإصلاح الأعطال الناتجة عن الطرق الوعرة، وهذا مبلغ كبير بالنظر إلى الأرباح الضئيلة التي نحققها".

أما السائق أحمد عبد الرحيم فقال: "لقد أصبح العمل عبئًا يوميًا، فالطريق غير آمن، ونحن نخشى دائمًا من حدوث أعطال جديدة في أي لحظة".

ومن جهته، قال رئيس بلدية بيت فجار شريف سويطي: إن "بلدة بيت فجار وقرية المنشية المجاورة، تُشكلان حالياً حلقة الوصل الوحيدة التي تربط بين مدينتي الخليل وبيت لحم".

وأضاف سويطي: "عندما يغلق الاحتلال المداخل الرئيسية بين الخليل وبيت لحم، تصبح بيت فجار والمنشية الطريق الوحيد الذي يضطر الجميع إلى استخدامه، وهذا يخلق ضغطاً هائلاً على البنية التحتية المتواضعة لهما"، مشيرًا إلى أن الشوارع ليست مهيأة لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة من المركبات التي تمر يومياً، ما يؤدي إلى حدوث اختناقات مرورية ويزيد الحوادث المرورية والتأخير في الوصول إلى الوجهات المقصودة.

وتابع سويطي: أن البنية التحتية في بيت فجار والمنشية محدودة جداً، إذ إن الشوارع ضيقة وغير مهيأة بشكل جيد لاستقبال الكثافة المرورية العالية التي تتعرض لها يومياً بسبب الإغلاقات المتكررة من الاحتلال، مؤكدًا أن هذا الوضع لا يُعرّض حياة المواطنين فقط للخطر، بل يؤثر أيضاً في الحركة التجارية ونقل البضائع، ويزيد التكاليف الاقتصادية عليهم، داعيًا إلى تدخل دولي ومحلي لتحسين البنية التحتية والتخفيف من تأثير هذه الإغلاقات في حياة الناس اليومية والاقتصاد المحلي.

ولفت إلى أن بلدة بيت فجار تُعتبر من أكبر المراكز الصناعية في منطقة بيت لحم، إذ يعتمد اقتصادها بشكل رئيسي على صناعة الحجر، وهي الصناعة التي تُعرف بها فلسطين وتُساهم بشكل كبير في توفير فرص العمل للمواطنين، مشيرًا إلى أن صناعة الحجر ليست فقط مصدر رزق للعديد من العائلات، بل تُعتبر أيضاً جزءاً أساسياً من صادرات البلدة إلى الأسواق المحلية والدولية.

وبين أن إغلاق الطرق ونصب الحواجز العسكرية يعيقان حركة النقل ويُؤديان إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، ما يهدد استمرار هذه الصناعة الأساسية، ويضع العديد من الأسر تحت ضغط اقتصادي كبير بسبب تراجع الدخل وزيادة معدلات البطالة.

بدوره، قال المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات محمد حمدان: إن "إغلاق الطرق يؤدي إلى شلل الاقتصاد المحلي، وزيادة تكاليف النقل، ما يؤدي إلى تراجع كبير في النشاط التجاري"، مبينًا أن العزل المتكرر يجعل التواصل مع الأقارب والأصدقاء في المناطق المجاورة أمراً صعباً، ما يعزل المجتمعات المحلية ويُضعف النسيج الاجتماعي.

وتابع حمدان: المواطنون يعانون صعوبة كبيرة في الوصول إلى المستشفيات والمدارس والجامعات، فيكون لذلك تأثير مباشر في الصحة العامة، بما في ذلك وصول الحالات الطارئة إلى المستشفيات، موضحًا أن حرية الحركة تُعد حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، ويُفترض أن يتمتع بها كل شخص دون قيود، مؤكدًا أن الإغلاقات المستمرة تجعل التنقل الآمن مستحيلاً.