تم التصويت على مشروع القرار الأميركي يوم الاثنين الماضي 10 يونيو، وتم اقراره بأغلبية 14 دولة، وتحفظ روسيا تحت الرقم 2735، ورغم ما يكتنف القرار الأميركي من غموض وضبابية في العديد من النقاط، إلا أن المصادقة عليه من مجلس الأمن الدولي يعتبر خطوة صغيرة بالاتجاه الصحيح، خاصة بعد إدخال بعض التعديلات عليه، حيث ورد في المشروع أن إسرائيل ملتزمة به، كونه بالأساس رؤية نتنياهو شخصيًا، وهذه الفقرة يفترض أنها تحمل بشكل واضح الزامًا لحكومة الحرب بوقف إطلاق النار فورًا؛ تضمنه زيادة شاحنات المساعدات الإنسانية من المعابر المختلفة؛ وعودة النازحين جميعًا دون قيد او شرط الى بيوتهم ومدنهم، التي نزحوا منها؛ وانسحاب أولي للجيش الإسرائيلي من التجمعات السكنية كافة على طريق الانسحاب الكامل من القطاع؛ ورفض وجود مناطق عازلة على حدود محافظات غزة، ورفض أي تغيير ديمغرافي للسكان؛ التأكيد على إعادة الاعمار الشاملة لما دمرته حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني طيلة الشهور ال9 الماضية؛ التأكيد على أن القطاع جزء لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية والذهاب للحل السياسي لتكريس خيار حل الدولتين.


ورغم ما تضمنه القرار من إيجابيات، بيد انه يعاني من نواقص عدة، منها: أولاً لم يحدد القرار متى يبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار، ثانيًا في الوقت الذي أشار فيه القرار إلى الافراج عن الأسرى الإسرائيليين، إلا أنه لم يحدد عدد أسرى الحرية الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم؛ ثالثًا ترك الباب مفتوحًا للمفاوضات دون إلزام إسرائيل بجدول زمني محدد للالتزام بالبنود كافة، وهو ما يسمح لحكومة نتنياهو بالعودة للمراوغة والتسويف والمماطلة، وإطالة أمد المفاوضات إلى أجل غير محدد؛ رابعًا لم يذكر من سيشرف على إعادة الإعمار، وترك الأمور عائمة وضبابية في هذا الجانب؛ خامسًا لم يذكر تاريخًا محددًا لعقد المؤتمر الدولي للسلام، وابقى الأمر مفتوحًا على المجهول، حتى أنه لم يتطرق بالنص الواضح للمؤتمر الدولي، وهو ما يعني العودة لدوامة المفاوضات الثنائية، التي لن تؤتي أية نتائج لبلوغ هدف حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967، والتجارب السابقة تؤكد هذه الحقيقة، فضلاً عن أن حكومة حرب الإبادة ترفض من حيث المبدأ وجود واستقلال دولة فلسطين. 
والأهم مما تقدم، أن مندوبة إسرائيل في الأمم المتحدة أكدت في كلمتها بعد إقرار مشروع القرار، ان إسرائيل ماضية في الحرب حتى تحقيق الأهداف الإسرائيلية كافة. كما أن هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مسؤول إسرائيلي، لم تسمه تأكيده، ان قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار يسمح لتل ابيب بمواصلة الحرب على قطاع غزة حتى تحقيق أهدافها، وأن إسرائيل لن تنهي الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها بالقضاء على القدرات العسكرية والحكومية لحماس، وهذا ما أعلنه أيضًا مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل واضح، من أن إسرائيل لن توقف الحرب.


ولعل هذه المواقف الإسرائيلية الواضحة وضوح الشمس تؤكد للقاصي والداني في العالم، أنها لم تلتزم بقرار مجلس الأمن إلا شكليًا لذر الرماد في العيون الأميركية، ورغم ذلك تحمل الإدارة الأميركية سلفًا أذرع المقاومة المسؤولية عن إطالة أمد الحرب، وغضت النظر عن الإشارة لمواقف حكومة الحرب الإسرائيلية، مع أنها أولاً الجهة القائمة بالاحتلال، ثانيًا كونها تواصل حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني بقيادة وغطاء الإدارة ذاتها؛ ثالثًا تركت الأبواب مشرعة أمامها للعبث وإطالة امد الحرب وفق مشيئتها ورؤيتها، والجميع يعلم ان نتنياهو واقرانه في الحكومة لا يريدون وقف الحرب، حتى يحققوا أهدافهم وبقاءهم في الحكم. 
إذاً قرار مجلس الامن 2735، الذي قدمه بايدن كان بمثابة تغطية على دور إدارته البشع في حرب الإبادة، ومحاولة لكسب ود الناخب الأميركي، والتفاف على الرأي العام العالمي عمومًا والدول التي صوتت على القرار، وبالتالي لا يحقق النتائج المرجوة منه.