الحديث عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في ظل جريمة الإبادة ليس انتصارًا، هذا استحقاق للشعب الفلسطيني بتقرير المصير أسوة بباقي الشعوب وهذا أصلاً موقف ومقترح المجتمع الدولي. ومع ذلك لا نقلل من قيمة الاعتراف فهو مهم ويجب البناء عليه بشكل استراتيجي على أساس وضع خارطة للدول حسب التصويت وكيفية التعامل مع كل منها لضمان التحالفات اللازمة وهذا يتطلب مزيداً من التخصص في من يتولى الملفات الدبلوماسية.

العمل الدبلوماسي يحتاج للصبر والوقت والتخطيط فهو عمل تراكمي، بتاريخ ٢ أبريل ٢٠٢٤ تقدمت فلسطين بطلب إعادة النظر في طلبها المؤرخ ٢٣ سبتمبر ٢٠١١ للحصول على العضوية الكاملة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقد تم النظر في الطلب بتاريخ ١٨-٤-٢٠٢٤. جاء التصويت ١٢ من أصل ١٥ والدول التي امتنعت في مجلس الأمن هي المملكة المتحدة وسويسرا، حيث امتنعت دون توبيخ أو استدعاء أو طلب توضيح، إضافة للولايات المتحدة التي استخدمت الفيتو! بتاريخ ٢٠٢٤/٥/١٠ تم التصويت في الجمعية العامة تحت بند الاتحاد من أجل السلام ١٤٣ دولة من أصل ١٩٣صوتت لصالح الحق الفلسطيني بالتوصية لمجلس الأمن لإعادة النظر الإيجابي في قبول فلسطين كدولة عضو كامل العضوية. الغالبية العظمى لأعضاء المنظومة الدولية وقفت إلى جانب الحق الفلسطيني، في عام ٢٠١٢ صوتت ١٣٨ دولة في الجمعية العامة لدولة فلسطين وفي عام ٢٠٢٤ صوتت ١٤٣ دولة في الجمعية العام لصالح دولة فلسطين. هناك تقدم بعدد ٥ دول خلال ١٢ عاما من العمل الدبلوماسي، ٩ دول صوتت ضد و٢٥ امتنعت عن التصويت وغابت ١٦ دولة.

* الدول التي صوتت ضد:

ميكرونيزيا، بالاو، نورو، غينيا الجديدة، هنغاريا، الأرجنتين، التشيك، الولايات المتحدة الأميركية، إسرائيل.

* الدول التي امتنعت عن التصويت:

ألبانيا، النمسا، بلغاريا، كندا، كرواتيا، فيجي، فنلندا، جورجيا، ألمانيا، إيطاليا، لاتڤيا، لتوانيا، مالاوي، جزر المارشال، موناكو، هولندا، شمال ماسيدونيا، الباراغواي، مالدوڤا، رومانيا، سويسرا، السويد، أوكرانيا، المملكة المتحدة، ڤانواتو.

وبالرغم من ذلك، هناك تطور مهم في هذه التصويتات من قبل مجموعة من دول أوروبا، حيث اعترفت كل من إسبانيا وبلجيكا وإيرلندا وسلوفينيا وقريبا قد تلحق بها مالطا ولكسمبرغ، ومن المرجح أن نلحظ تغيرًا حقيقيًا من فرنسا. البعض ينظر لهذه الاعترافات بشكل رمزي فما زال الاحتلال قائم وجريمة الإبادة مستمرة والحواجز العسكرية والاستيطان ومصادرة الأرض والتهجير والإعدامات والاعتقالات وإرهاب المستوطنين في تزايد ملحوظ. بعد التحية والشكر للدول التي تعترف بفلسطين وللبناء على هذه الخطوة المهمة، من الضروري تذكر أن هذا حق وليس منة وأن هذا هو موقف المجتمع الدولي بالدرجة الأولى والتنازل الذي قدمته منظمة التحرير في سبيل الحل السلمي في الشرق الأوسط وعلى الدول جميعًا احترام هذه الحقيقة التي تترتب عليها التزامات ومسؤولية قانونية وأخلاقية لعدم الاكتفاء بالعمل الدبلوماسي المهم المتمثل بالاعتراف ولكن ضرورة أن تتبع ذلك مواقف واضحة وصريحة من تحديد حدود دولة إسرائيل سعيًا لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية ذات السيادة الحقيقية، بحيث لا تقتصر العملية على الاعترافات فقط، ومن الضروري جدًا الآن ممارسة الدبلوماسية القسرية ضمن العقوبات الاقتصادية والأكاديمية وغيرها في فرض الحلول المنبثقة عن الشرعية الدولية والقانون لضمان حق شعبنا الفلسطيني في تقرير المصير وضمان السلم والأمن والاستقرار في المنطقة.

بعد خطاب بايدن، الفرصة متاحة للبناء على هذا الزخم الدبلوماسي المتمثل بالاعترافات والتطور القانوني المتمثل في المحاكم الدولية والاستثمار الدبلوماسي يجب أن يأتي بشكل وحدوي وطني ومهني دون إسقاط الأدوات الأخرى لتحقيق المصلحة الوطنية العليا لضمان التحرر والكرامة والاستقلال والازدهار في دولة ذات سيادة كاملة كما يليق بنضال شعبنا الفلسطيني.