السيدات والسادة: تدعوكم قوى الاستعمار الامبريالية العالمية والصهيونية إلى حضور مهرجان الموت العالمي في غزة، وذلك بمناسبة عيد الهالووين الذي يصادف 31 أكتوبر من كل عام، وهو عيد الرعب المقدس الذي تحتفل به الدول الاستعمارية والأوروبية في آخر يوم من أيام الصيف في السنة وقبل قدوم الشتاء، ولأول مرة يقام هذا المهرجان على جسد غزة الذبيحة، وستشاهدون عروضًا مدهشة بتحويل حياة الناس إلى اشباح وجماجم وخوف، وكيف تزول الحدود بين عالمي الأموات والأحياء، ويتوحد بإرادة المستعمرين القضاء والقدر.


مهرجان الموت العالمي الذي بدأت عروضه يوم 7 أكتوبر 2023، لا زال مفتوحًا على الموت والمدى، سترون زوال الدنيا والآخرة في برهة واحدة، نيران تشتعل من الأعلى إلى الأسفل، ومن الأسفل الى الأعلى، ولا مانع أن تجلبوا معكم كل أنواع الأسلحة، الكاميرات، خبراتكم العلمية والجيولوجية والفلكية والطوبوغرافية، فضاء المهرجان مليء بكل أشكال المعرفة، ان تعيش هذه اللحظة تم تموت بعد لحظة، استنساخ غزة جديدة مشوهة ومسلوخة ومحطمة، المهرجان مليء بالتشويق والاثارة، عائلات كانت هنا ولم تعد هنا، الانقراض الإنساني الجماعي تروه في مدة زمنية سريعة وليس عبر تطورات بيولوجية طويلة، ويمكن لكل علماء الغرب ان يتدربوا في ساحة غزة، الكيميائيون وصانعوا الأسلحة، الخيميائيون والسوسيولوجيون والاكاديميون والفلاسفة، علماء التشريح والانتروبولوجيا والاحياء والأطباء والفيزياء وعلماء النفس والفلكيون والسياسيون، انها فرصة القرن الواحد والعشرين، لن تسمعوا عن الموت، بل ستشاهدوه اماكم مباشرة، ينقض على الناس بلا تمييز، موت مادي وموت معنوي، موت نفسي، موت اجتماعي، واكثر من ذلك سترون موت الموت، الرعب والفزع والهلع والمطاردة الساخنة، ويمكنكم ان تأخذوا عينات مخبرية من جثة غزة المحترقة، لتعرفوا ما أسباب صمود غزة وبطولتها الخارقة.


السيدات والسادة: أهلاً وسهلاً بكم في مهرجان الموت العالمي في غزة، ستحصلون على متعة لا تعوض، ستمارسون السادية السرية بارتياح، فلم يعد الجحيم مجرد قصص في الكتابات والافلام العنيفة والمسلسلات، بل اصبح واقعًا، قطاع غزة أمامكم الآن، أنظروا: تحول الى مطحنة لحم لمادة بشرية جاهزة لحفلات الترفيه والاستمتاع، صار فرنا ذريا، صفقوا للموت الحي، للموت اليقظ، راقبوا تدافع البشر هاربين الى نوع آخر من الموت خوفًا من موت، هي لحظة تحول تاريخي مصحوبًا بمشاهد الاشلاء المتطايرة والايقاعات الصوتية، شهوات التدمير والانقراض، رسم وجه آخر للحوض المتوسط، قبر هائل فاغر الفاه للأرواح في غزة.


اهلاً وسهلاً بكم في مهرجان الموت العالمي في غزة، الممثلون يحملون السيوف الحديدية، الصواريخ العابرة والقاطعة للحدود وللاجساد البشرية، يرتدون اقنعة وجلود الوحوش والملابس المرعبة، حركات بهلوانية ومشاهد تصويرية يرافقها عزف موسيقي للطائرات الحربية وهدير قنابل المدفعية، حتى رجال السينما في هوليوود أصيبوا بالاعجاب الشديد من عظمة هذه الاحتفالات التي تنفذها الصهيونية والامبريالية الأوروبية والأمريكية، حشرجات صوتية للمذبوحين، غرغرات دماء، أصوات أخرى لكل الكائنات الحية فوق الأرض وتحت الأرض، هندسة حياة أخرى والعودة الى العصور الحجرية والمجاهيل القاحلة.


السيدات والسادة:

من سيموت الآن؟ انظروا، صوت مدوي، الموت ليس فرديًا بل جماعيًا، الجثث أرقام وشظايا، لا يوجد نهاية للاعداد، وعلى علماء الرياضيات العباقرة الجالسين هنا أن يعيدوا النظر في جداول الحساب، مصفوفات الموت لا نهائية، الموت في غزة يعني الموت في كل مكان، وهو ليس فقط موت مادي، بل موت العقول والأفكار والتاريخ، لهذا يوجد صمت في المحيطـ، فالموت والاحياء سواء، ويستمر القصف، انظروا الوان سوداء وحمراء وصفراء، انشطارات للذرات البشرية والذهنية، يتأكسد الدم مع الهواء الخانق، يفنى الليل والنهار، الزمان والمكان جثة متجمدة في غزة، يسقط اينشتاين ونظريته النسبية، الغائبون يعانقون الحاضرون في الزمان والمكان، ثقب أسود يمتص الإجرام البشرية وغير البشرية، يشفطهم إلى الفناء الأزلي ويسحقهم في الفراغ.


اهلاً وسهلاً بكم في مهرجان الموت العالمي في غزة، وقد فتحت غزة جسدها واضلاعها لكل الباحثين الغربيين الذين هرعوا لاكتشاف كل عظمة من عظامها، وكل قدم ويد ورئة، أصبح التنافس الامبريالي الآن من يستطيع تقديم المشاهد الأكثر وحشية والأكثر دموية، وكلما كان التنفيذ دقيقا وكان الموت اكثر مأساوية، ازدادت المتعة والنشوة، والمحتفلون يرقصون ويهتفون: دلونا على اكوام الاطفال المحترقين، دلونا على أنواع أخرى من القتل والتعذيب، نحن الذين اخترعنا المقصلة والصلب والحرق والتقطيع والمخلعة والحديد المحمى والجلد والخازوق وبقر الجثث والسحل واطعام الاحياء للوحوش المفترسة، نريد شيئًا جديدًا في غزة يضاف إلى خبراتنا السابقة، أرونا المعسكرات والأسلاك الشائكة، أرونا نظريات تصنيف البشر وعمليات الانقراض والانشطار والأكسدة وتحويل الناس إلى ذرات دون أن يتركوا أي إثر.


اهلاً وسهلاً بكم في مهرجان الموت العالمي في غزة، لا زال الاحتفال صاخبًا، الدمار والموت هما نهار غزة وليلها، أصبحت غزة مرجل واسع لصهر البشر وتهديم الحياة الإنسانية، ولا زالت الامبريالية والصهيونية ورجالاتها يكتشفون الأرض المظلمة في أكثر الأماكن المأهولة بالفلسطينيين، إنه الفضول والحماس العلمي والهيمنة لبناء رواية ونكبة تضاف إلى روايات الإبادة التي تمتد في أصولها المشتركة إلى هذا التلاحم بين الامبريالية والصهيونية، السيطرة على شعوب العالم الثالث واخفاء فلسطين من الوجود صوتا وذاكرة وصورة.


أنصتوا الآن، المستعمرون يهتفون: نريد غزة ان تموت دون أن تخلف وراءها جثثًا، أن تتحول إلى لا شيء، نريد مزيدًا من العروض المرعبة، لا تقولوا لنا أن هناك غزة أخرى تحت الأرض، لا تستمعوا إلى خطابات الأمم المتحدة ومجلس الامن ومؤسسات حقوق الإنسان والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لا تستمعوا إلى صراخ سميح القاسم وهو يقول: تقدموا تقدموا الأرض تحتكم جهنم والسماء فوقكم جهنم، أطفئوا غزة من الوجود، لا هواء ولا ماء ولا دواء ولا غذاء ولا صوت، نريد أن يتنفس الوحش القابع في أعماقنا لنبني الحضارة والنهضة وفلسفة التنوير والحضارات المتقدمة، يجب أن تموت غزة وننهب حياتها السابقة والقادمة.