تقرير - عُلا موقدي

قصة المزارع الفلسطيني سليمان شملاوي الذي يبلغ من العمر (65 عاما) من قرية حارس شمال سلفيت، لها طابع خاص تحكي فصولا من المعاناة والصبر والصمود تجاه محاولات الاستيلاء على أرضه من قبل الاحتلال والمستوطنين طوال سنوات عديدة، لتبقى من الأراضي القليلة التي نجحت في الافلات من الاستيلاء عليها داخل بقعة استيطانية تعد من أكبر مستوطنات الضفة الغربية وأخطرها.

شملاوي أفنى حياته في الدفاع عن أرضه، وكان نموذجا حيا لثبات الفلسطيني فوق ارضه، فقد خاض عدة مواجهات مع الاحتلال ومستوطنيه، في سبيل الحفاظ عليها، تعددت ما بين: التصدي المباشر لاقتلاع أشجار الزيتون، أو تقديم الشكاوى في المحاكم ضد اخطارات الهدم لمنزله، أو اندلاع مواجهات فردية مع المستوطنين.

ويقول: "يعود الأمر إلى عام 1981، حين أعلنت سلطات الاحتلال الاستيلاء على أراضٍ من عدة قرى، وهي: حارس، وقراوة بني حسان، وسرطة، على مساحة تقارب 800 دونم، ومنذ ذلك الوقت بدأت رحلة التعب والشقاء".

وأضاف: "خضنا معارك مع محاكم الاحتلال التي تعتبر صورة مزيفة للعدالة، حيث تم الاستيلاء على نحو 175 دونما من أرضي، وبقي لي 42 دونما فقط، وفي كل جلسة للمحكمة كنت أشعر أنه لن يتم انصافي".

وبيّن شملاوي، هذه الأرض كانت كالذهب تستخرج منها الحجارة ويتم تصديرها للخارج، وكنا نزرعها بالقمح والزيتون، لكن منذ عام 1984 اقتلعت قوات الاحتلال ما يقارب من 2000 شجرة زيتون معمرة، وشددت الخناق علينا، وحاولت منعنا من الوصول إليها.

يُنهي المزارعون في محافظة سلفيت قطف ثمار الزيتون عادةً مع منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، ولكن عائلة شملاوي ومع بداية شهر كانول الأول/ ديسمبر، لم تنه حتى اليوم قطف الثمار، وذلك بسبب التضييق الذي يتعرضون له عند الوصول إلى أرضهم، ولا يستطيع أحد سوى أفراد العائلة الوصول اليها.

يكمل شملاوي: لا نملك حرية التصرف بأي شيء في أرضنا، ولا نستطيع استصلاحها، ورغم انتزاعنا قرارا من محكمة الاحتلال بدخولي أنا وزوجتي و8 من أبنائي إلى الأرض، إلا اننا لم نقو على تحمل المعاناة، بسبب وضعنا الصحي الصعب، حيث فقدت زوجتي النظر، فيما أصبت أنا بداء السرطان والفشل الكلوي.

حيث لم يستطع شملاوي خلال العام الجاري أن يجني ثمار الزيتون مع أبنائه، كونه يقضي طيلة أيام الأسبوع في المستشفى، إما لتلقي الجرعات الكيماوية، أو لغسيل الكلى.

يقول شملاوي، العام الماضي كنت أقضي نصف يومي في قطف الزيتون، وباقي اليوم في المستشفى، ولكن هذا العام لم أستطع الذهاب إلى الأرض، وأسعى إلى انهاء إجراءات تسجيلها في المحاكم الإسرائيلية، رغم مماطلات امتدت لسنوات للحيلولة دون ذلك.

وضمن مسار التضييق على العائلة، "في عام 1999 أخطرت سلطات الاحتلال بهدم منزلنا المكون من طابقين والقائم في وسط البلد، وفي وقت لاحق سلمت نجلي الأكبر إخطارا بهدم منزله ومنعته من أن يكمل العمل والبناء فيه، ليضيع بذلك حلمه بالزواج، وتكوين أسرة"، حسب شملاوي.

من جانبه، قال أمين سر حركة فتح اقليم سلفيت عبد الستار عواد: "علينا جميعا وضع حالة المزارع شملاوي والحالات المشابهة على سلم أولوياتنا بالدعم والمساندة، نظرا لوضعه الصحي أولا، وكونه رمزا من رموز الصمود في وجه احتلال يحاول بعنجهية وقوة السلاح أن يستولي على الحق الفلسطيني وأراضي الفلسطينيين ويحرمهم من خيراتها".

وذكر عواد، أن مستوطنة "بركان" الصناعية أقيمت على مساحات شاسعة من أراضي المواطنين بمحافظة سلفيت، وتضم ما يقرب 80 مصنعا للصناعات الثقيلة وصناعة الألمنيوم، والألياف الزجاجية والبلاستيك، وتقدر الاستثمارات فيها بمليارات الدولارات، وتنتج كميات ضخمة من المياه العادمة الصناعية، التي تؤثر بشكل مباشر على الأراضي الزراعية واتلاف المحاصيل.

وأضاف، محافظة سلفيت تتعرض للكثير من الانتهاكات خاصة في الفترة الأخيرة، حيث هدمت قوات الاحتلال المنازل القائمة والغرف الزراعية، وسلمت إخطارات بوقف العمل والبناء في منازل مأهولة بالسكان.