كتبت على صفحتها في وسائل التواصل الاجتماعي الفيسبوك: "شيخ الأسرى طالع" رح ينور فلسطين" و"تزيني يا دارنا .. فالغالي طالع بإذن الله" وبلغت ذروة الأمل بنيل والدها حريته عندما كتبت أيضًا :" وبدأ العد التنازلي 5 ساعات و 27 دقيقة".
لكن لجنة "بشليش" ومعناها (ثلثا المدة) التابعة لسلطات منظومة الاحتلال الإسرائيلي حطمت قلبها، وبددت فرحتها، وأملها باحتضانه حيا برفضها الإفراج المبكر بعد تسرب أخبار عن إمكانية إقرارها إطلاق حرية والدها الأسير فؤاد حازم الشوبكي 82 عامًا والملقب: (شيخ الأسرى)، فابنة اللواء أبو حازم كانت تخشى من سطوة الكورونا القاتلة، إلى جانب أمراض أخرى كادت جميعها تفتك بجسده في المعتقل فتنال من روحه التي بقيت قوية صامدة صابرة، ولم يستطع الاحتلال النيل من شرف انتمائها لشعب فلسطين المناضل.
تحظى حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بشرف نيل عضو في لجنتها المركزية الأسير كريم يونس بلقب عميد الأسرى ونلسون مانديلا فلسطين، وتحظى كذلك بشرف كون اللواء فؤاد حجازي حازم الشوبكي الذي عرفناه مناضلا في صفوفها ومسؤولاً عن جهازها المالي، ومسؤولاً عن المؤسسة المركزية المالية لقوات منظمة التحرير الفلسطينية، وواحدًا من أقرب المساعدين الملازمين للقائد الرئيس الشهيد ياسر عرفات أبو عمار، وعضوا في المجلس الثوري للحركة والمجلس الوطني الفلسطيني، والمجلس العسكري، أما على المستوى الشخصي فقد لمسنا منه مواقف إنسانية عديدة، علاوة على تقديره المميز للمناضلين المخلصين المعطائين وهذه شهادة نسجلها له في حياته باعتبارها حقًا علينا ووفاء له ولكل مناضل منح موقعه القيادي ما يستحق من العطاء والعمل من أجل الوطن والمناضلين على درب التحرير والحرية.
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فؤاد الشوبكي "أبو حازم" في الرابع عشر من شهر آذار من عام 2006 إثر هجومها على أريحا، وقررت محاكمها العسكرية حجز حريته بالمعتقل لمدة 20 سنة ثم خفضت المدة إلى 17 سنة، أمضى منها ما يزيد عن 16 سنة، وسينال حريته في 13 مارس 2023، ورغم معاناته إثر تدهور صحته بسبب الإهمال الطبي، أو ما يمكننا اعتباره إعداما ببطء إلا أن سلطات الاحتلال العنصرية لم تراع سنه ووضعه الصحي الصعب، ورفضت إطلاق حريته قبل شهور من الموعد الرسمي المحدد عندها، وهذا ليس غريبًا ولا جديدًا على ما يسمى القضاء الإسرائيلي الذي يشكل غطاء قانونيًا – حسب مزاعمهم- لأعمال وجرائم سلطات الاحتلال السياسية والعسكرية والأمنية، ونعتقد أن سلطة الاحتلال التي بلغ الإهمال الطبي حدًا أدى إلى استشهاد أسرى في الزنازين أو في مشافي المعتقلات، ما كان متوقعًا منها إطلاق حرية أبو حازم حتى ولو قبل يوم واحد من الموعد المقرر، فالاعتبارات الإنسانية ليست في قاموس سلطة احتلال إسرائيلي تمارس الظلم كأساس، أما العدل بالنسبة للفلسطيني فإنه ليس واردًا في قاموس قضائها المتماهي مع منظومة استعمارية عنصرية خارجة على القانون الدولي، وتعتبر نفسها فوقه وخارج سياق المحاسبة والمساءلة.. ولا نستبعد لجوء سلطة الاحتلال الأمنية على الإضرار بحياة الأسير فؤاد الشوبكي عن قصد، قبل إنتهاء المدة، أو ربما بعدها بقليل، ذلك منظومة الاحتلال اعتبرته خطرًا كبيرًا على أمنها، منذ اتهامها له بتمويل شراء الأسلحة التي ضبطتها في عملية عسكرية في عرض البحر على (السفينة كارين A) الأمر الذي نفاه أبو حازم، ولكن بقي في اعتبارنا أن منظومة الاحتلال كان يهمها كيفية عمل المركز العصبي المالي وتفرعاته واتجاهاته القريبة والبعيدة في عهد الرئيس الشهيد ياسر عرفات – رحمه الله.
من المهم هنا نسخ بعض ما كتبته إبنة الأسير فؤاد الشوبكي وهي تتحدث عن كل الأسرى، وهو حال الفلسطيني الوطني الذي يرى في آلام ومعاناة أبناء شعبه مواساة له على آلامه الشخصية، فقد كتبت باللغة المحكية: "باسم كل أهالى الأسرى وأنا منهم وباسم أهالي الأسيرات اللي تشوهوا وتعذبوا وانحرموا يسمعوا كلمة ماما أو بابا من أولادهم، وباسم أهالي الأسرى الأطفال اللي انسرقت منهم طفولتهم حتى صاروا اليوم شباب، وباسم أهالي الأسرى القدامى اللي اعتقلوا لما كانوا شباب وصاروا اليوم أجداد، الأسرى اللي آباؤهم وأمهاتهم توفوا، أو ولادهم تزوجوا وخلفوا وما حدا من الأطفال نطق بكلمة سيدي، عن الأسرى اللي مرضوا واستشهدوا بالسجن، حتى جثامينهم محتجزة، فأي قسوة اكتر من هذه ؟! عن والدي شيخ الأسرى اللي كان دائما مع الختيار أبو عمار من بلد لبلد وعشنا معاه الوطن، وبيكفينا فخر لما أسروه قالوا: اعتقلنا العمود الفقري لياسر عرفات..اعتقلنا نصير الفقراء والمظلومين … أمي توفت وهي بتحلم تشوفه حر، واخواتي تجوزوا وخلفوا وما شاف أولادهم، خايفة عليه من المرض اللي عما ياكل من جسمه، لكنه صامد وفداك الدنيا كلها يا بابا".
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها