عدت أفريقيا واحدة من أهم الجغرافيا التي رفضت الاعتراف لإسرائيل باحتلالها للأراضي الفلسطينية، وكانت حركات التحرر في القارة على عهد جمال عبد الناصر ترفض مصادرة حق الشعب الفلسطيني في أرضه، وهو الذي كان له الدور الأساس في إعلان حركة عدم الانحياز لمواجهة الهيمنة التي فرضتها الدول الكبرى، ولعل ذلك الإعلان كان يشير إلى عبارة مهمة هي (لا شرقية ولا غربية) بعد أن تنازع العالم قطبان كبيران تسببا بالحرب الباردة، وشغلا الكوكب بالتهديدات والحروب بالوكالة، والتدخل في تقرير مصير الدول وشعوبها عبر الاحتلال المباشر، أو عن طريق التوغل الاقتصادي، والضغوط السياسية التي كانت تمارسها الإدارات الأميركية المتعاقبة لانتزاع اعتراف حكومات العالم بهيمنتها على حركة السياسة والاقتصاد، وأنفاس البشر.

القمة الأفريقية التي أنهت أعمالها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا واجهت تحديًا كبيرًا تمثل في طلب ملح قدمته إسرائيل منذ فترة ليست بالقليلة لقبول عضويتها في الاتحاد، وكان النقاش فيما إذا كان سيتم قبولها كعضو مراقب في الاتحاد الموغل في المشاكل والانقلابات؟ في حين كانت الآمال معقودة على ما تبقى من كبرياء لرفض هذا العرض الذي بينته الحكومة الفلسطينية وقوى الدفاع عن القضية وفي مقدمتها في هذا الإطار الجزائر، وقد أعلن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ترحيبه بقرار تجميد قبول إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد إلى القمة المقبلة، وقد مثل ذلك استمرار القارة المستنزفة على مبدأ الصمود أمام الضغوط سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو عسكرية حيث تراءى للأفارقة السلوك الإسرائيلي في دعم الأنظمة الدكتاتورية، والانقلابات والتحفيز الاقتصادي والشكوك في نوايا تل أبيب، والمتعلق منها ببعض المشاريع الاقتصادية كسد النهضة الذي يجري الحديث عنه بوصفه محاولة لإضعاف مصر والسودان، وتجفيف النيل، وبالتالي الحد من قدرة بلد المصب على المواجهة.

شكرًا للاتحاد الأفريقي الذي لا يزال قادرًا على أن يقرر كيف تجري الأمور، وكيف يتعاطى مع القصايا الصعبة، ولا تزال القضية الفلسطينية تمثل اختبارًا صعبًا، وتحديًا للشعوب الحرة، وللأمم التي تعاني، وتكابد من أجل التحرر، ورفض الهيمنة والطغيان..

المصدر: الحياة الجديدة