يجب ألا ننسى أن التاسع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام ليس مناسبة احتفالية، وإنما فرصة لتذكير المجتمع الدولي، وتحديدًا دول أوروبا الاستعمارية بما فعلته لحل المشلكة اليهودية على حساب وجودنا وتاريخنا وحقنا التاريخي والطبيعي بأرض وطننا فلسطين، ففي العام 1947 صدر القرار 181 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بتقسيم أرض وطننا فلسطين ومنح حوالي 50% منها لليهود.
أما وأن الأمم المتحدة قد أقرت يومًا عالميًا للتضامن مع الشعب الفلسطيني تصادف مع تاريخ قرار التقسيم فإننا عندما نمنح هذا اليوم ما يستحقه من اهتمام، فذلك مبعثه أن كفاحنا ونضالنا الوطني التحرري قد أثمر في جعل العالم يقر بحقوقنا غير القابلة للتصرف، ومحاولة من أعلى هيئة للشرعية الدولية للتكفير عن الظلم التاريخي الذي ألحقته بشعبنا عندما سايرت الدولة الاستعمارية بريطانيا التي قدمت وعد بلفور للمنظمة الصهيونية لانشاء (وطن لليهود) قبل ثلاثين عامًا من قرار التقسيم على ارض فلسطين الوطن التاريخي الذي ولد فيه الشعب الفلسطيني ونما وتطور حتى بات منارة حضارية في المنطقة.
وزيادة في التذكير، فإن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة اصدرت في 29 -11-1947 القرار رقم 181 تتبنى فيه خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى: دولة عربية على مساحة (11,000 كـم2) تبلغ حوالي 42.3% من فلسطين التاريخية والطبيعية وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر، وقسم ثان سمي (دولة يهودية) تبلغ مساحتها حوالي (15,000 كـم2) أي ما يعادل 57.7 % من مساحة فلسطين التاريخية والطبيعية وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل الربيع المعروفة الآن بتل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حالياً. أما القسم الثالث فضم القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، على ان تبقى تحت وصاية دولية، علما أن قرار التقسيم اتى بعد محاولات سابقة بذلتها دولة الانتداب الاستعماري بريطانيا عبر لجنتي: (بيل) في العام 1937 ولجنة (وودهد) عام 1938 اثر الثورات الفلسطينية المقاومة للاحتلال الانكليزي والاستعمار الصهيوني منذ العام 1925 وحتى العام 1939 حيث اوصتا بتقسيم أرض الشعب الفلسطيني فلسطين إلى دولتين.
نعتبر قرار الأمم المتحدة بتخصيص يوم عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بمثابة يقظة تاريخية يجب تجسيدها بقرارات عملية نافذة، تعكس إرادة حقيقية ملموسة لدى المجتمع الدولي تقنع الشعب الفلسطيني بأن القرار بداية لانطلاقة عالمية تنتصر فيها الدول والشعوب الحرة لإرادتها ومواثيقها وقوانينها ، ولتنفيذ القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 ، فنجاح المجتمع الدولي في الامتحان انعكاس لقدرته على تنفيذ قراراته ، فالمنطق لا يجيز غياب الإرادة القوية في تنفيذ القرارات إلى حد العجز، وفي الوقت ذاته يتم اقرار الاحتفاء بيوم عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، فهذا التناقض يكشف أزمة ضمير، فنحن لا يغيب عن بالنا نص القرار باعتماد اليوم العالمي حيث ورد فيه ما يلي: "عملا بقرار الجمعية العامة 32/40 باء المؤرخ 2 كانون الأول/ديسمبر 1977، يتم الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني سنويا يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر أو في حدود هذا التاريخ، وهو احتفال رسمي يقام للاحتفال باتخاذ الجمعية العامة، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، القرار 181 (د-2) الذي ينص على تقسيم فلسطين إلى دولتين.
ونعتقد أيضاً أن حجم التضامن الدولي الرسمي والشعبي مع الشعب الفلسطيني دليل على أهمية ومركزية القضية الفلسطينية والحل العادل في استقرار وازدهار منطقة حيوية واستراتيجية وحضارية من العالم، غاب عن أجوائها وأراضيها السلام منذ إنشاء إسرائيل، أما انتصار العالم لقضية فلسطين، ومساندة الشعب الفلسطيني في إنجاز استقلاله وسيادته على أرض دولته فهو المعيار لقياس انتصار الشرعية الدولية لمبادئ العدل والمساواة والحرية والحقوق الإنسانية، فحرية فلسطين ستكون علامة البداية لتحرر شعوب ودول كثيرة في العالم وامتلاكها لقرارها المستقل... فنحن نعتقد بضرورة اعتبار هذا اليوم انطلاقة عالمية لتحرير إرادة المجتمع الدولي من الهيمنة، فالاحتفاء باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني سيبقى خطوة قصيرة جدًا في الاتجاه الصحيح مادام الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والعنصرية والتطهير العرقي والتهجير وجرائم الحرب والمخالفات الصريحة للقانون الدولي ما دامت ماثلة على شكل دولة اسمها (اسرائيل).
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها