نتأصل في التاريخ، ونتطلع إلى المستقبل، نتأصل في التاريخ حيث هو أسلاف بناؤون، وتراث نراه كمثل بستان لنقطف منه أجمل وروده، وعلم ندركه لنتعلم ونستخلص منه أجدى الدروس. ونتطلع إلى المستقبل، بمنهج عمل لا يقبل التراخي، وبرؤية لا تعرف الرمادي، ولا الغباش، وبسياسة لا تقبل الخطب الاستهلاكية، ولاتقرب أحابيل شعاراتها الديماغوجية، وعلى قاعدة هذه السياسة، وهذا المنهج، وهذه الرؤية، رأينا يوم أمس الأول سيادة الرئيس أبو مازن وهو يفتتح في محافظة أريحا والأغوار، عدة مشاريع تنموية وسياحية، ويعلن بوضوح حاسم " يجب أن نعمل ليل نهار لاستكمال استقلال وطننا، فعندما نبني الإنسان والوطن، يبقى علينا أن نتخلص من الاحتلال" وقد أوضح سيادته هذا الموقف أكثر وأكثر وهو يشدد " إذا أردنا أن نبني وطناً فيجب قبل كل شيء أن نهتم بالإنسان، فهو أساس الحياة".

للتاريخ أن يبتهج وهو يرانا نعيد لقصر هشام بن عبد الملك، سجادته الحجرية الملونة بألوان حجر فلسطين، دلالة على سعينا في التأصيل، والتعلم والتطور، وفقا لما فيه من معرفة وانجاز وحادثة وذائقة جمالية، كعلامة تحضر إنساني.

ولمحافظة أريحا والأغوار أن تبتهج هي الأخرى ببوابتها الجديدة، والأهم بتطوير مشروع مدينة القمر، هذا المشروع الذي سيوفر أكثر من عشرين ألف فرصة عمل، وهذا يعني أن مشاريع الاستثمار في بلادنا، هي مشاريع تنموية وتأصيلية بتطلع مستقبلي، مشاريع دولة تتكامل بالتأصيل والتطور، وهذه المشاريع التي هي اليوم في أريحا، من إنجازات صندوق الاستثمار، بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" وبتمويل من الحكومة اليابانية، بتكلفة إجمالية بلغت 12 مليون دولار.

ومع هذه المشاريع ورغم الظروف الصعبة كما أعلن السيد الرئيس أبو مازن " هناك حالة صناعية واعدة نتمنى أن تستكمل في السنوات المقبلة" وهذا يعني أن الرؤية الوطنية المسؤولة بسياستها ومنهجها، وبقراراتها السيادية، هي رؤية التأسيس الحثيث لكل مقومات الدولة الإنتاجية الصناعية والزراعية والسياحية.

وتفقد سيادة الرئيس أبو مازن في نهاية جولته العملية في أريحا، مركز التدريب التابع للحرس الرئاسي،  وقد أشاد سيادته بالمستوى الذي وصل إليه أفراد الحرس الرئاسي، والذي يعكس التطور الذي تشهده المؤسسة العسكرية في فلسطين، بعد أن قدم أفراد الحرس عرضًا عسكريًا لافتًا أكدوا خلاله على حسن ما تلقوا من تدريب ومعرفة وثقافة عسكرية.

في أقدم مدينة في  العالم،  سيظل لافتًا هذا الاصرار الوطني الفلسطيني، على التأسيس والتطور والعمران، والأهم على تاكيد الانتماء للسلالة المجيدة،  التي طالما عمرت هذه البلاد، وكل ذلك تحديًا  للاحتلال الذي يحاول محمومًا تخريبها، وطمس أثارها، وتاريخها، وأصالتها الحضارية، لمصادرة مستقبلها، وليست هذه ألا محاولة الحمق في مخيلاته العنصرية المريضة.

المصدر: الحياة الجديدة