من جاء مع فكرة نفي وجوده ومن ثم سعى إلى إلغاء وتصفية وجوده، هذا هو الطريق الذي جاءت به وانتهجته الصهيونية وإسرائيل الإرهابية مع الشعب الفلسطيني، وعندما فشلت تحاول اليوم تهميشه وإسكات صوته بكل السبل. القرار الإسرائيلي الشنيع الذي تم من خلاله تصنيف 6 مؤسسات فلسطينية حقوقية، مدنية وتنموية بأنها "إرهابية" هو دليل على فاشية إسرائيل وليس فقط إرهابها، فالفاشية هي ظاهرة يصل معها أي مجتمع إلى حالة إفلاس فكري ويتحول إلى مجتمع عدواني وعنصرية مع غياب كامل للحكمة والعقل ومصطلح التروي وتسيطر عليه الغريزة المتوحشة.

والفاشية الإسرائيلية أيضًا هي تعبير عن إفلاس أخلاقي، وعندما تضطر دولة، تملك قوة عسكرية متفوقة، لإغلاق مؤسسات حقوق إنسان،  فإن هذا يشير مرة أخرى إلى أنها دولة هشة وخاوية، وهو دليل ضعف في مثل هذه الحالة. وعندما تصل إسرائيل إلى هذه اللحظة فهذا يعني أن كل الأساليب التي استخدمتها لنفي وإلغاء وتصفية وجود الشعب الفلسطيني،  ومن  ثم محاولة إسكاته وتهميشه، قد فشلت فجاءت هذه الطلقة الأخيرة  باستهداف مؤسسة الحق ومؤسسة الضمير لحقوق الأسير والإنسان، والحركة العالمية لحقوق الطفل، ولجان العمل الزراعي، ولجان عمل المرأة،  ومؤسسة بيسان للتنمية،  بهدف إسكات صوت الحق والضمير ومرة أخرى لن تنجح.

منذ عقود كانت تقارير مؤسسات الحق والضمير والحركة العالمية لحقوق الطفل،  تفضح ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق الإنسان الفلسطيني، وتقارير هذه المؤسسات أصبحت هي المعتمدة عالميًا من قبل كافة مؤسسات حقوق الإنسان، ومن هنا  تنبع خطورة هذه المؤسسات على دولة الاحتلال والإرهاب والعنصرية،  لذلك وجب إسكاتها.

تذرع وزير الجيش الإسرائيلي غانتس في تصنيف المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، بأنها تدعم حركة المقاطعة العالمية، مع العلم أن هذه الأخير ة هي حركة تناضل سلميًا لعزل الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته للقانون الدولي على الساحة الدولية...فأي إرهاب هذا الذي يدعيه غانتس؟ يبدو أن وزير الحرب لديه طموح ليصبح رئيسًا للحكومة في إسرائيل، وفي العادة فإن أي "مجد" يحققه جنرالات دولة الاحتلال،  يجب أن يمر عبر العدوان وسفك الدم الفلسطيني، وبناء المستوطنات،  وغانتس يريد مجده اليوم عبر محاولة إسكات صوت الحق والضمير الفلسطيني.

هناك أصوات ارتفعت في وجه غانتس، حتى من داخل إسرائيل لأن الخطوة لا تخلو من الغباء السياسي.. فمن هو هذا الذكي الذي يعتقد أن بإمكانه إسكات صوت الحق والضمير؟

إلا أن الصوت العالمي، بالرغم أنه ارتفع قليلاً احتجاحًا على القرار الإسرائيلي، فإنه لا يزال خجولاً، هناك حاجة لمزيد من العمل لفضح طبيعة القرار الإسرائيلي والمغزى منه، خصوصًا أن العالم في هذا العصر يدعي أنه يدعم بنوع من التقديس منظمات ومؤسسات حقوق الإنسان، ولكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل فإن الجميع يخفون وجوههم  خلف غربال وينخفض صوتهم.

سيف "الإرهاب" عندما يسلط نحو منظمات حقوق إنسان تعمل بموجب القانون، هو دليل أنه سيف لقطع رأس الشعوب المكافحة من أجل حقوقها، خصوصًا إذا كان من يحمله هو الإرهابي رقم واحد في العالم، لأنه سيف دولة احتلال وعنصرية، سيف سياسة الإعدامات الميدانية والعقاب الجماعي، سيف تدمير المنازل وتهويد الأرض، إذا كانت حركة المقاطعة السلمية إرهابية ومن يدعمها إرهابيون فبئس هذا العالم ولكن مهما فعلوا فلن يسكتوا صوت الحق والضمير.