في مجرى الصراع الدائر على أشده مع الحركة الصهيونية ودولتها المارقة (إسرائيل)، ومع تكشف نسبي لخيارها الاستعماري المعادي للسلام، والمتناقض مع أبسط حقائق العدالة وحقوق الانسان، ترتقي ولايات ومدن ومؤسسات وبرلمانات وقوى وشخصيات إلى مستوى المسؤولية في دعم الكفاح الوطني التحرري، وتشد من ازره، وتفضح وجه المستعمرين الحقيقي، وتلطمهم على وجوههم بصفعات قوية، تهزهم من جذورهم، وتعريهم من دواخلهم، وتعمق الشك واللايقين فيهم.

من النماذج الرائعة، وذات الدلالة ما تبنته ولاية كاليفورنيا الأميركية، التي أقرت قانونًا لتدريس الرواية الفلسطينية عن "النكبة"، واعتبار الحركة الصهيونية حركة عنصرية، ضمن مساق "الدراسات العرقية"، التي طرحت كأحد متطلبات التخرج من الثانوية، وفق ما نشر الخبر في وسائل الاعلام الأميركية المتطابقة على مواقعها الاليكترونية يوم الأحد الماضي الموافق 11 أكتوبر 2021.

ولم يقتصر الأمر عند ما تبناه البرلمان، وإنما تجلت أهميته بمصادقة حاكم الولاية، غريفين نيوسوم على القانون ليصبح نافذا بدءا من خريف عام 2024. وبحسب تلك المصادر، فقد لاقى القانون الجديد معارضة اليهود الصهاينة بالولايات المتحدة، ووصفوا المناهج الدراسية بولاية كاليفورنيا بأنها "متحيزة تجاه فلسطين". رغم ذلك، حظي القانون بتأييد واسع داخل التجمعات الحزبية للسود واللاتينيين والاسيويين وجزر المحيط الهادي والأميركيين الأصليين في الولاية. بيد ان القانون يتيح للأقليات الأخرى تطوير مناهجها العرقية وتدريسها في المناطق التعليمية وفقًا لكثافتها السكانية.

وفي سياق آخر، واصلت الممثلة الأميركية سوزان ساراندون دعم الشعب الفلسطيني عبر تغريدات على "تويتر"، وآخر ما نشرته تزامن مع يوم السكان الأصليين في الولايات المتحدة. وكانت نشرت الممثلة الأميركية على حسابها في "تويتر" صورة تقارن مساحة الأرض، التي استولى عليها المستوطنون في فلسطين بين عامي 1918 و2021، وأخرى في الولايات المتحدة انتزعت من سكانها الأصليين بين عامي 1492 و2021. مما أحدث ضجة واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، جلها دعمًا لموقفها الإيجابي من قضية السلام وحقوق الإنسان بأبعادها المختلفة ليس الإنسانية فقط، وإنما وقبل كل شيء السياسية والقانونية.

ولأهمية ما نشرته الممثلة ساراندون، وتعزيزًا لموقفها قامت منظمة "صوت يهودي من أجل السلام" Jewish Voice for Pease بإعادة نشر التغريدة على حسابها الرسمي على "تويتر"، وشكرتها على "دعم حملة إعادة الأرض للسكان الأصليين، وحق الفلسطينيين في العودة وتقرير المصير في وطنهم. والمنظمة المذكورة يسارية ناشطة في أميركا، وتدعم حركة مقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات عليها".

وتغريدة ساراندون ليست الوحيدة، أو مقطوعة الجذور عن مواقفها السابقة الداعمة لفلسطين وشعبها، التي تجلت اثناء المواجهات الأخيرة في مايو الماضي على جبهة غزة، حين غردت قائلة "هذه ليست اشتباكات، هذه قوة عسكرية فائقة التسلح تقتل المدنيين لسرقة منازلهم. هذا احتلال واستعمار" والشيء نفسه فعلت دعمًا للسكان الفلسطينيين في الشيخ جراح في العاصمة الفلسطينية القدس، عندما غردت قائلة: "أنا مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه التطهير العرقي والترهيب على ايدي الحكومة الإسرائيلية ومنظمات المستوطنين اليهود الصهاينة". 

هذه المواقف المتفرقة والموزعة على خارطة أميركا والعالم، في حال تم رصدها وتجميعها، والتواصل مع أصحابها، ومن بادر لها، ومازال متمسكًا بدعم الكفاح الوطني الفلسطيني، والسعي لخلق تنسيق فيما بينها داخل حدود كل دولة او تجمع سكاني، ومن ثم كل قارة، يليها العالم كله، بحيث يصبح لدى القيادة الفلسطينية كتلة كبيرة من المؤيدين والمساندين لحقوق واهداف الشعب الفلسطيني، ومن ثم يتم العمل على تطوير تلك الأشكال والمبادرات من الدعم إلى خطط وبرامج عمل أوسع وأعمق لتوسيع دائرة التضامن الأممي مع خيار السلام الممكن والمقبول.

 

المصدر: الحياة الجديدة