نقلت وكالات أنباء نقلًا عن القناة 12 أن المحكمة المركزية الإسرائيلية قررت تغريم السلطة الفلسطينية مليون شيقل لورثة يهوديتين كانتا على متن سفينة خطفتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1985 من ميناء بور سعيد المصري واقتادتها إلى ميناء طرطوس السوري. للتصحيح أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم يكن لها علاقة بالعملية. المقصود هي عملية اختطاف سفينة أكيلي لاورو، عملية قام بها أربعة من أعضاء جبهة التحرير الفلسطينية في 7 أكتوبر 1985، كانت متوجهة إلى ميناء أسدود الإسرائيلي، لكن الخاطفين لأسباب طارئة تحركوا قبل وصول السفينة إلى غايتها، فقادوها إلى ميناء طرطوس الذي رفض استقبالها فعادت إلى مصر، وتعقدت وتدخلت فيها دول كثيرة من بينها إيطاليا، مالكة السفينة والولايات المتحدة لوجود أميركيين على ظهرها...والتفاصيل كثيرة، لكن المهم أن منظمة التحرير الفلسطينية استنكرت العملية وتدخلت بالمفاوضات لإنهاء العملية، بالتنسيق مع مصر والجامعة العربية، وبطلب من الرئيس ياسر عرفات، شارك القائد هاني الحسن، وأبو العباس، زعيم جبهة التحرير الفلسطينية، وأطلق سراح الركاب، ونقل الخاطفون إلى إيطاليا على متن طائرة مصرية اعترضتها طائرة عسكرية أميركية أنزلتها في ميناء للناتو لاعتقال الخاطفين وأبو العباس، رفض الإيطاليون ذلك، وأصروا على محاكمة الخاطفين في إيطاليا وترك أبو العباس حرّا.

ذيول هذه العملية كثيرة، حيث تلاها اعتراف الولايات المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وجرى حبس الخاطفين في إيطاليا وأفرج عنهم لاحقًا، وجرى دفع تعويض عن قتل الأميركي اليهودي وطُوٍيَ ملف القضية ضمن الكثير من القضايا الشبيهة بتوقيع اتفاقية أوسلو وموافقة إسرائيل على دخول أبو العباس إلى غزة التي غادرها لاحقا ليستقر في بغداد حيث قضى نحبه في سجن أميركي بعد غزوهم للعراق.

تصر دولة الاحتلال على شيطنة المناضلين الفلسطينيين مهما كان انتماؤهم، ووسم نضالهم من أجل الحرية وتحرير وطنهم بالإرهاب، بينما يعترف العالم وبوتيرة متصاعدة وبقوة أنهم ضحايا الاحتلال وإرهاب الدولة العنصرية. وتنبش في ثنايا التاريخ المقاوم لشعبنا وتخلط بين مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية عن قيادة فعل العمل من أجل التحرير، وبين أي فعل تقوم به قوى ودول تكون في كثير من الأحيان في موقع معاداة منظمة التحرير، لتعطي لبلطجتها مسوِّغا لمصادرة الأموال الفلسطينية التي تجبيها بسيطرتها على الحدود والمعابر كضريبة لصالح السلطة الفلسطينية مقابل رسوم تتقاضاها على هذا العمل.

تخصم من هذه الأموال التي تخص الشعب الفلسطيني، أي مبلغ تحدده، ولجأت إلى تحديد قيمة ما تقدمه منظمة التحرير الفلسطينية الى عائلات الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين وتستولي عليه من قيمة ما تجبيه بحجة ان المنظمة ترعى بذلك الإرهاب بلغتها، وبلغة الفلسطينيين، أن هؤلاء هم خير من فيهم وطليعة الفعل المقاوم للاحتلال.

لا يرضخ الفلسطينيون لهذه البلطجة، ولن يرضخوا لقرار محاكم الاحتلال وعلى رأسها هذا القرار الأخير الذي يُحمِّل منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية مسؤولية عمل أصبح قضية مقضية، ومضى عليه 36 عاما لصالح ورثة يهوديتين كانتا على ظهر أكيلي لاورو، لم تصابا بأذى وعاشتا إلى فترة قريبة، بينما لا أحد يحاسب دولة الاحتلال على قتل آلاف الفلسطينيين بدم بارد ودون قيامهم بأي فعل مقاوم.

النضال مستمر من أجل التحرير منذ عقود، ولعقود أخرى، وستظل دولة الاحتلال تمارس الغطرسة والبلطجة والتضييق على منظمة التحرير وفي ظنها أن إجراءاتها هذه مع نقص التمويل الحاد للمنظمة ومؤسساتها، ستنعكس سلبا على ذوي المناضلين الذين سقطوا عبر هذه المسيرة الطويلة، ويردع المقاومين الأحياء...لم تنجح إجراءات الدولة العنصرية في الماضي ولا الحاضر، ولن تنجح في المستقبل. باختصار إنها بلطجة لا تنجح.