*تقرير من جزئين

 

إعداد: د.رامي عيشة

٣٨ عامًا مرت على عملية كان الكيان الصهيوني، يُعدّ لتنفيذها بحق المدنيين وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في ملعب بيروت البلدي في بيروت. فقد سمحت الرقابة العسكرية في الكيان الصهيوني مطلع الأسبوع الحالي برفع السرية عن العملية التي حملت اسم "أولمبيا"، لتُظهر الوجه الحقيقي لهذا الكيان الغاصب، المجرم، الحاقد، المعادي للإنسانية.

 

التخطيط للعملية:

بدأت فكرة العملية بعد العملية الموجعة التي قادها الشهيد المقاوم سمير القنطار في العام ١٩٧٩ في منطقة نهاريا، بتخطيط من جبهة التحرير الفلسطينية إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية، وقتل فيها عائلة حاران الصهيونية.

وبحسب ما نُشر فبعد دفن العائلة الصهيونية، بدأ رئيس أركان الجيش الصهيوني في ذلك الوقت رافائيل إيتان، وقائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال يانوش بن غال، بالتخطيط للرد على العملية البطولية للشهيد القنطار ورفاقه، وكان هدف العملية اغتيال جميع قيادات منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان للثأر لكيان الاحتلال. وهكذا كان، واستعان بن غال لتنفيذ العملية بالضابط -الذي سيصبح لاحقاً رئيساً للموساد- مئير داغان.

بدأ الثلاثة بالتخطيط للعملية الثأرية، واستعانوا بعددٍ قليلٍ من الضباط الاكثر وحشية في جيش الاحتلال لتنفيذ العملية، بعدما وقع الاختيار على تفجير الملعب البلدي في منطقة الطريق الجديدة في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية في الاول من كانون الثاني.

 

وحدة سرية خططت للعملية:

بسبب وحشية العملية التي اطلق عليها اسم "أولمبيا"، لم يتم مشاركتها الا مع عدد قليل من ضباط الاحتلال، وتم التخطيط لها في سرية تامة من قبل وحدة شديدة السرية قادها داغان بعلم رئيس الاركان، لكن من دون معرفة باقي أعضاء هيئة الأركان والاستخبارات العسكرية.

وكانت مهمة هذه الوحدة السرية القيام بعمليات الاغتيال وشن حرب العصابات وتنفيذ الهجمات الارهابية، دون علم القيادة السياسية في الكيان الصهيوني. ولذلك كلفت هذه الوحدة تحديداً بالتخطيط للعملية، ولم يتم عرضها الا على عدد قليل من الشركاء السريين لأخذ موافقاتهم والتوقيع عليها.

 

تفاصيل العملية الوحشية:

كان يفترض أن تنفذ العملية في ١-١-١٩٨٢، من خلال إخفاء عدد من العبوات الناسفة تحت مقاعد الملعب، في حين يتم نقل ٣ عربات مفخخة -تحمل أطنان من المتفجرات- الى محيط الملعب البلدي، وإيقافها بالقرب من مداخل الملعب قبل عدة أيام من تنفيذ العملية.

لم يكن الهدف من العبوات الصغيرة الناسفة سوى إثارة الرعب في نفوس المدنيين المشاركين في ذكرى الانطلاقة والذين كانوا يقدرون بالآلاف، وعند بداية احياء ذكرى الإنطلاقة يقوم ضباط الموساد بتفجير العبوات الصغيرة، التي كانت من المفترض ان تقتل قيادة منظمة التحرير. وعند تدفق المدنيين -المذعورين- إلى خارج الملعب يتم تنشيط العربات المفخخة والتي كانت تحمل طنين من المتفجرات، مما يؤدي الى نهاية دموية لعملية أولمبيا، ويذهب ضحيتها الآلاف من المدنيين ومن قيادة منظمة التحرير. 

 

إلغاء العملية قبل ساعات من تنفيذها:

بعد زرع العبوات الناسفة ونقل العربات المفخخة الى محيط الملعب البلدي من قبل ضباط الموساد و بمعاونة عملائهم، كان كل شيء جاهز للتنفيذ. لكن قرار مشاركة عدد من ممثلي الاتحاد السوفياتي وعدد من الدول الغربية الصديقة للشعب الفلسطيني تقرر إلغاء العملية.

إذ قبل ساعات من تنفيذ العملية، استدعى رئيس الوزراء الصهيوني مناحيم بيغن، إيتان وبن غال وداغان وطالبهم بوقف العملية الدموية لا خوفاً على حياة المدنيين الأبرياء، بل بسبب الضرر الذي ستلحقه العملية بسمعة إسرائيل التي تقدم نفسها على أنها إحدى الدول الراقية في مجال حقوق الإنسان.

طلب إلغاء العملية أثار حنق داغان الذي كان يمني النفس بإشباعها بدماء الأبرياء، وأمام إصرار القتلة الثلاث على تنفيذ العملية، قام بيغن بتهديدهم بتقديمهم الى المحاكمة في حال تم تنفيذ العملية دون موافقته او الالتفاف على قراره. 

 

لا ندم على عدم تنفيذ العملية:

العملية الارهابية التي كان العدو الصهيوني بصدد اقترافها بحق المدنيين الأبرياء، والتي كانت سترقى الى مستوى الجريمة بحق الإنسانية في حال تنفيذها، هي عينة صغيرة عن وحشية ودموية هذا الكيان الغاصب.

وعلى الرغم من مرور ٣٨ عاماً على التخطيط لعملية "أولمبيا" ووفاة أو تقاعد معظم من كانوا يفترض أن يكونوا من المشاركين فيها، إلا أن أحدهم لم يعرب عن خجله من التخطيط لمثل هذه العملية، وظل داغان حتى أنفاسه العفنة الأخيرة قبل وفاته في العام ٢٠١٦ يردد أن "إسرائيل أضاعت فرصة ذهبية. لو تمت الموافقة على العملية، لكانت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية قد خرجت من اللعبة في ذلك اليوم".

نهاية الجزء الأول