بعد أن وضع اجتماع القمة الفلسطينية الحصان أمام العربة، وبات السلوك، والعمل النضالي المطلوب، واضحًا تمام الوضوح، فإن الحركات الاستعراضية وخطاباتها لم تعد ممكنة، بل وغير مقبولة، كي نمضي بعربة العمل الوطني في دروبها الصحيحة.

لا نريد أن نعود لمربعات المناكفات، وصيغ الخلاف التي سئمت حتى من حالها في النص والسلوك!! لم يجمع الرئيس أبو مازن الشمل الفلسطيني في اجتماع القمة لغايات تسجيل المواقف، وإنما ليتحمل الكل الوطني الفصائلي، مسؤوليات التصدي لمخاطر المرحلة الراهنة، التي تمثلها مخططات التآمر الأميركية الإسرائيلية، الساعية لتدمير القضية الفلسطينية تدميرًا شاملاً، وعلى نحو لا يبقي ولا يذر منها شيئًا يذكر!!

وما ينبغي أن يكون واضحًا اليوم تمام الوضوح، أنه لاشرعية، ولا مصداقية لأي عمل فصائلي أو حزبي، خارج إطار ما اتفق عليه في البيان الختامي الذي صدر عن اجتماع القمة الفلسطينية، ومن ذلك أن ينطلق الفعل الفلسطيني على قلب رجل واحد، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والمضي في طريق إنهاء الانقسام، وإنجاز المصالحة، وتجسيد الشراكة الوطنية الفلسطينية، الشراكة التي ستجد مجالها الحيوي، في اللجنة الوطنية الموحدة، المتفق على تشكيلها، لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، والمجال الحيوي هنا، وبمعناه النضالي، من حيث هو ضرورة من ضرورات الأمن القومي الفلسطيني، الذي لا يتحصن بغير الوحدة الوطنية، والعمل الوطني الموحد.

خارج إطار هذه المهمات ستبقى العربة الفلسطينية، وإن كان الحصان قد وضع أمامها، ستبقى في مكانها!! هل نحن اليوم في عجلة من أمرنا، نعم، فلسنا في بحبوحة من الوقت، والصراع يشتد ويتسع، والإدارة الأميركية تسعى وراء المزيد من سبل تضييق الخناق علينا وتشديد الحصار من حولنا، حتى أنها ذهبت إلى "كوسوفو" لتعزيز صفقتها الفاسدة، بتوقيع اتفاق تطبيع بينها وإسرائيل، وبنقل سفارتها، من تل أبيب إلى القدس المحتلة، لتكون أول دولة ذات أغلبية إسلامية في أوروبا الشرقية تفعل ذلك، وحتى دون علم قادتها، إن كان هناك بند في اتفاق التطبيع هذا يلزمها بنقل السفارة، والذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لحظة التوقيع، وسط حيرة قادتها!!! واللافت في هذه "الحفلة الترامبية، أن اسرائيل وقعت هذا الاتفاق على ما يبدو عن بعد!! فهي لم تكن موجودة في هذه الحفلة، وبما يعني أن إدارة الرئيس الأميركي ترامب، لم تعد غير عربة لإسرائيل لتمضي بها إلى حيث ما تريد من تحقيق لأهدافها العدوانية ولهذا فإننا في مواجهة هذه العربة التي تسعى للمضي في دروبها الشريرة نهبًا، لا بد لنا أن نستعجل حركة عربتنا الوطنية، وألا نبقيها واقفة عند حدود بيانها الختامي، والأخطر ألا نجعلها إكسسوارا في حركات الاستعراض الشعبوية!!! وبالقطع فإن شعبنا الصابر الصامد لن يحتمل بعد اليوم مزيدا من هذه الاستعراضات، ولا مزيدا من الجعجعة التي لا طحين من ورائها!!