نجح الرئيس أبو مازن إلى حد كبير في عقد اجتماع الفصائل الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية. واستطاع أن يسحب البساط من تحت أقدام من يحاول العبث في الساحة الفلسطينية تحت أي من العناوين، وتكلل هذا المؤتمر بالنجاح من خلال المناخ الديمقراطي الذي كان سائدًا في الاجتماع، وحرية التعبير بكل ما لديهم من مواقف وملاحظات خلال الكلمات التي عبر عنها الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية، بل وذهب معهم إلى كافة الاختيارات التي يرتؤونها دون أي تحفظ ولم يقطع على أحد ولم يعلق على أي كان خلال جلسات الاجتماع، وأهم وأبرز ما جاء في هذا الاجتماع أن تحضيره وتوقيته وإنتاجه صناعة فلسطينية مائة في المئة، ويؤسس لمرحلة جديدة قوامها إنهاء الانقسام والوحدة الوطنية والشراكة السياسية، والانتخابات.

والمهم أنها المرة الأولى التي يتم فيها عقد اجتماع بنجاح على هذا المستوى من هذا التمثيل الفلسطيني بهذه التقنية.

عبر فيديو كونفرنس تجمع كل الفصائل الفلسطينية من دمشق إلى بيروت إلى فلسطين بمدينة رام الله. دون الموافقة أو الرفض الإسرائيلي.

كما أن كلمات المشاركين في هذا الاجتماع جسدت بكل تفاصيلها الديمقراطية الفلسطينية. دون أي تحفظ أو قيود، أو سقف.

 

على المسار السياسي

تم التأكيد على أن الجانب الرسمي الفلسطيني، قد استنزف كل المحاولات الرامية لتحقيق السلام وفقا للقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية رغم تأكيد التمسك بقرارات الشرعية الدولية التي تتمثل بقرارات مجلس الأمن الدولي ومبادرة السلام العربية وهذا الموقف يذكرنا بعد عودة الرئيس الراحل ياسر عرفات من لقاء كامب ديفيد الذي تم إسقاط الاستحقاق الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. واليوم الرئيس أبو مازن يتوجه إلى أفضل الخيارات والمسارات من خلال مشاركة الجميع لتحمل المسؤولية الوطنية.

لذلك وضع الرئيس أبو مازن أمام الأمناء العامين، كل التفاصيل وترك لهم أيضًا كل الخيارات والمسارات الرامية بشكل أساسي في تحقيق الوحدة الوطنية بكل الوسائل التي تؤدي إلى الوصول لتحقيق ذلك الهدف، وقد أزال كل ما يمكن أن يكون عائقًا من حيث وسائل التنفيذ حيث أكد على العودة إلى الاختيار الديمقراطي عبر صناديق الاقتراع والانتخابات الرئاسية، والتشريعية بالتمثيل النسبي الكامل، وفقا لما يتم من توصيات في اللجنة التي سوف تشكل من الفصائل والشخصيات الوطنية المستقلة لهذه الغاية. والمهم في هذا الأمر إنهاء الانقسام الفلسطيني وتعزيز الشراكة الوطنية الفلسطينية من خلال لجنة تضع المعايير وآلية العمل في سبيل إنهاء الانقسام الفلسطيني. وهي مسؤولية الجميع دون استثناء.

أعتقد أن كلمة السيد محمد بركة رئيس التجمع العربي في الداخل الفلسطيني قدمت حلاً نموذجيًا ومقبولاً من الممكن الاستفادة والبناء عليه. منها دائرة واحدة وقائمة مشتركة أو أكثر من قائمة يستطيع الجميع أن يشارك في الاقتراع وترشح والانتخابات التشريعية وأعتقد أن صناديق الاقتراع تشكل منعطفًا مهما على طريق الشراكة الوطنية وتدفع في بروز شخصيات جديدة من المكونات الفلسطينية خاصة أنها تمنح الشباب والمرأة دوراً مهما في المرحلة المقبلة التي تحتاج الى تطوير وسائل كفاحية متجددة. ووصول قيادات جديدة تستطيع تحمل المسؤولية وتتمسك في الثوابت الوطنية الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة.

وقد أكد الرئيس أيضاً على الانتخابات الرئاسية، وهو يريد أن تنتقل المسؤولية الوطنية ولكن في مقدمة ذلك تحصين الجبهة الداخلية التي تتمثل بشكل أساس في إنهاء الانقسام، وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية.

وأكد على ضرورة إنجاز اللجان المشكلة أعمالها خلال خمسة أسابيع قبل اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني، وفي الاعتقاد أن انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني، سوف يشكل منعطفا تاريخيا وانتقاليا لمرحلة جديدة، من خلال دخول الفصائل الوطنية والإسلامية وفصائل انقطعت عن المشاركة في العودة إلى منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية والتنفيذية.

وفي حال تحقق الوصول إلى ذلك، يكون الرئيس أبو مازن، قد قطع الطريق أمام كافة المحاولات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال ركائز عمادها الشراكة السياسية في تحمل المسؤولية ومواجهة كافة التحديات الإسرائيلية والأميركية وحلفائهم في التصدي وإيجاد وسائل مختلفة وفاعلة في التصدي وإحداث تغير جوهري في آلية جديدة للصراع.

الرئيس أبو مازن- في ختام اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية- أكد على نقاط أساسية تشكل عاملاً مهمًا جدًا. حين قال:

هناك لجان وفعاليات تم الحديث عنها والجميع وافق عليها لمواجهة عدد من المواضيع، اعتباراً من الغد يجب أن تبداء الفصائل بتشكيل هذه اللجان لتبدأ عملها فوراً، ولن يكون لي أي تحفظ على أي شخصية أو قرار تأخذه اللجان المشكلة.

بهذه الكلمات والمواقف لا توجد أي إمكانية في خلق الأعذار أمام المحطة الأولى التي تبدأ في إنهاء الانقسام. حكومة إنقاذ وطني مهمتها تنتهي بعد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، ومجلس وطني فلسطيني جديد يمثل الكل الوطني الفلسطيني في الوطن والشتات، يسهم في شاركة وطنية، ودمج الطاقات الكامنة في أبناء شعبنا الفلسطيني في معركة الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

لا وحدة وطنية دون الشراكة السياسية في كافة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.