قرية ترمسعيا البطلة احتضنت أمس الأربعاء (19/8/2020) المهرجان الرابع لمواجهة صفقة القرن والضم والتطبيع العربي المجاني مع دولة الإستعمار الإسرائيلية. ورغم إستنفار أجهزة الموت الإسرائيلية من جيش وحرس حدود ومخابرات وقيادة الضفة كلها، ووضعها الحواجز على مداخل القرية البطلة، وقيامها بملاحقة الجماهير الفلسطينية الوافدة للمهرجان، وإضطرار اللجنة المنظمة لتغيير المكان داخل حدود القرية، غير أن المهرجان أقيم، وحضره العديد من قيادات فصائل العمل السياسي الفلسطيني بما في ذلك حسن يوسف، عضو قيادة حركة حماس، والذي القى أيضًا كلمة هامة فيه، وكان حضوره من النقاط الإيجابية، التي ميزت المهرجان، كون حضوره عزز قيمة وأهمية إجتماع القيادة أول أمس في المقاطعة بحضور الرئيس عباس.

كما أن المهرجان يعتبر خطوة إضافية تراكمية على مجموعة المهرجانات، التي نظمتها حركة فتح منذ إعلان الحكومة الإسرائيلية عن ضم ما يزيد عن 30% من أراضي الضفة الفلسطينية، وتحديدًا منطقة الأغوار الفلسطينية، التي تعتبر السلة الغذائية للدولة الفلسطينية بدعم مباشر ومعلن من إدارة الرئيس دونالد ترامب (مؤخرًا تراجعت عن إندفاعها في دعم الضم، لكنها لم تسقط هذة الخطوة، لا سيما وإنها جزء من صفقة العار). وتميز المهرجان عن المهرجانات السابقة أولاً بكلمة للرئيس الجنوب الافريقي، القتها نيابة عنه زوجة أحد الشهداء الفلسطينيين، وكلمة مسجلة لرئيس وزراء ماليزيا بالإضافة لكلمات ممثل القوى والفصائل الفلسطينية، وكلمة حركة فتح، التي القاها رئيس الوزراء، أضف إلى ذلك حضور دبلوماسي مميز عربي ودولي، أعطى المهرجان قوة وزخما، وغابت عن المهرجان إعلام الفصائل، واقتصر على رفع الراية الفلسطينية الجامعة، علم فلسطين.

مما لا شك فيه، أن إختيار ترمسعيا مكانًا للمهرجان كان موفقاً، لإنها قرية الشهيد أبو السكر، أحد أوائل أسرى الحرية، والقرية التي استشهد فيها المناضل البطل زياد ابو عين، وزير هيئة مقاومة الجدار والإستيطان السابق، وهو يزرع شجرة زيتون ردًا على جرائم دولة الإستعمار الإسرائيلية وقطعان مستعمريها. والأهم أن إقامة المهرجان جاء بعد عقد الإجتماع القيادي برئاسة الرئيس محمود عباس، رئيس منظمة التحرير، ورئيس الشعب، وبحضور ممثلي كافة القوى السياسية الفلسطينية، لتؤكد جميعها على أولا وحدة البيت الفلسطيني، ثانيا التمسك بالشرعية الوطنية بقيادة ممثلها ورمزها ابو مازن، ثالثا رفض الكل الفلسطيني لعملية التطبيع الضبيانية، التي يتحمل مسؤوليتها ولي عهد الدولة، محمد بن زايد، والتي شكلت طعنة مؤلمة في الظهر الفلسطينية، وإنقلابا على مقررات الإجماع العربي والإسلامي، ومبادرة السلام العربية، رابعا الإجتماع القيادي والمهرجان الرابع وجها رسالة قوية للأنظمة العربية الرسمية، بان صاحب الحق الوحيد في التعبير عن مصالح وحقوق وثوابت الشعب العربي الفلسطيني، هو قيادته الشرعية برئاسة الرئيس عباس، وليس احدا غيره، خامسا كما اكدت الكلمات المختلفة على تمسك وحرص القيادة الفلسطينية على التكامل والتعاون مع كل الأشقاء العرب على مختلف الصعد والمستويات، وتعمل على تعزيز التواصل معهم، وتريد دعمهم وإسنادهم، ولكنها لا تقبل لكائن من كان القفز عن دورها ومكانتها كممثل شرعي ووحيد للشعب العربي الفلسطيني. ولكنها لن تتورع بتحميل كل نظام سياسي أي كان موقعه وحجمة يتورط بالتطبيع المجاني مع دولة الإستعمار الإسرائيلية المسؤولية، وتوجيه أصبع الإتهام له بالتواطؤ مع حكومة نتنياهو في استباحة الحقوق والمصالح الوطنية، والإستسلام لمشيئة الإدارة الأميركية، سادسا كما أن الإجتماع والمهرجان، رغم أنه لم يتم في البيان والكلمات الإشارة مباشرة لهذة النقطة، إلآ انه تم تضمينها بشكل غير مباشر، بأن الأنظمة العربية وفي مقدمتها قيادة إمارة أبو ظبي، من خلال تطبيعها، اسهمت وتسهم بتمزيق النسيج القومي العربي الرسمي، وقلبت وتقلب المرتكزات الأساسية الناظمة للنظام الرسمي العربي، وقلبت معادلات الصراع، وأضعفت بتفتيتها المنظومة العربية المشروع القومي العربي، وقدمته لقمة سائغة كتابع للمشروع الصهيو أميركي، وحتى تخلت عنه كليًا، وانحازت بشكل غير مباشر لصالح المشاريع القومية المعادية والمتناقضة معه في الأقليم.

المهرجان الرابع، أو مهرجان ترمسعيا شكل إضافة نوعية جديدة في مسيرة المواجهة مع التحديات الصهيو أميركية وحلفائهم من العرب والعجم ومن لف لفهم في الإقليم. لكنه يحتاج إلى التطوير، والإندفاع بقوة نحو تعزيز خيار المقاومة الشعبية في كل المحافظات والمدن..