شكرا للمبادرات التي يقوم بها بعض الأخوة الأعزاء في هيئة القوى الوطنية و الإسلامية في غزة , في محاولة مخلصة منهم لإصلاح ذات البين , و إعادة الأمور إلى نصابها , بعد الواقعة المؤسفة جدا التي تعرضت لها نقابة الصحفيين في غزة و أعضاء مجلس النقابة , حين قامت ' كتلة الصحفي ' المحسوبة على حركة حماس قبل أيام بتظاهرة أمام مقر نقابة الصحفيين في غزة ثم قامت باقتحام المقر عنوة و طردت أعضاء النقابة الذين كانوا متواجدين تحت التهديد بالقوة , و استولت على المقر بدون وجه حق . 

بداية :

الصحفيون مهما كانت انتماءاتهم الأيديولوجية و السياسية , يستخدمون أقلامهم في الحوار مع الشرائح و قوى مجتمعهم , كما يستخدمون الأقلام في الحوار مع بعضهم , و لا يستخدمون أيديهم , لأن استخدام الأيدي معناه الاعتراف الصارخ بعجز القلم و فشله , و هذا ما لا نقبله للصحفيين مهما كانت الجهة التي ينتمون إليها .

و الأهم من ذلك :

أن هذا الحوار المطلوب دائما بين الصحفيين في إطار هيئاتهم النقابية , له قوانين و قواعد تنظمه , و هذه القوانين سارية المفعول ليس فقط على الصعيد الوطني الفلسطيني , و إنما على الصعيد الإقليمي و الدولي , و هذه القوانين و القواعد هي التي تكسب الهيئات النقابية شرعيتها , و تجعل نقابة الصحفيين الفلسطينيين عضوه في اتحاد الصحفيين العرب و في اتحاد الصحفيين الدوليين .... الخ !!! حيث هذه الشرعية المهمة لا تأتي من خلال الاستيلاء على الحجارة و الجدران و اقتحام مقر النقابة بالقوة كما جرى في غزة !!!

و أعتقد على قاعدة هذه القوانين و اللوائح و المعايير المكرسة وطنيا و إقليميا و دوليا و التي تنظم العمل النقابي , هي التي يجب أن تنشئ الحوار , و يستند إليها الحوار , ومهما كانت الاعتراضات على نقابة الصحفيين , فإن هذه الاعتراضات يجب أن تستند إلى شرعية العمل النقابي , التي تتطلب أولا الاعتراف بهذه القوانين و اللوائح و المعايير و الاعتراف بالمرجعيات المنشئة لها , كما يتطلب أن يكون هذا الحوار بالوسائل الديمقراطية السلمية للوصول إلى التغير المطلوب , و لا أحد هنا يدعي أن مؤسساتنا النقابية الفلسطينية لا تعاني من أي خلل أو أنها في حالة الكمال , فهذا منطق أعرج لا يقبل به العاقلون !!! و لكن المهم أن يتم التغير بوسائل سلمية , و عبر إجراءات قانونية و ديمقراطية , فإذا كان أهل القلم يفقدون القدرة على الحوار و يستخدمون أيديهم و عضلاتهم , فكيف يدعون بعد ذلك أنهم مؤهلون و لو بالحد الأدنى لإدارة حوار مع مجتمعهم ؟؟؟ و كيف سيصدقهم أحد إذا قالوا أنهم دعاة حوار داخل مجتمعهم الفلسطيني ؟؟؟

أنا شخصيا كاتب صحفي , و كنت عضوا في الأمانة العامة لاتحاد الكتاب و الصحفيين الفلسطينيين لسنوات طويلة , و أعتز كثيرا لكوني انتمي لهذه الشريحة المتميزة من مجتمعنا وشعبنا الفلسطيني , و أرفض بشدة أن يرسم أحد على هواه صورة الصحفيين على هذا النحو , صورة مهتزة , من خلال استخدام الأيدي بدلا من الأقلام , و استخدام عربدة القوة بدلا من الحوار الراقي !!! و لو كانت الأمور تتم بهذه الطريقة لفقد الصحفيون مبرر وجودهم , و نحن نريد أن يظل الصحفيين يحظون بهذه المكانة , لأنهم الجنود الشجعان الباحثون عن الحقيقة , و أنهم جسر التواصل الذي يردم الهواة السحيقة التي يفتعلها السياسيون نتيجة قراراتهم المتشنجة و الخاطئة !!! و أن يحافظ الصحفيون على كونهم دعاة حوار و وحدة و تواصل و خاصة حين يكون الانقسام هو المهنة الملعونة التي يتعيش من ورائها الكثيرون .

أتمنى من الأخوة في كتلة الصحفي التي تربطني ببعضهم صلات حميمة أن يقوموا فورا بمبادرة شجاعة بإصلاح الخطأ الذي ارتكبوه , و أن يقوموا بإخلاء مقر نقابة الصحفيين فورا ديون قيود أو شروط !!! فإن كان الهدف هو إسماع صوتهم فقد وصلة الرسالة !!! و إن كان الهدف هو تصحيح الوضع القائم , فقد أثير الاهتمام على أشده , و اتضح أن القواعد و القوانين و اللوائح صالحة لأن تفعل بطريقة سلمية ونقابية محضة , و اعتقد أن صياغة نقاباتنا الفلسطينية هي موضوع حيوي و ملح على الأجندة الوطنية يجب أن نبدأ به على الفور !!! و لكن في كل الحالات لا يجوز أن يكرس الصحفيون في ما بينهم نموذج عربدة القوة , فنحن الصحفيون انتمينا إلى مهنة لا ترتقي و لا نرتقي معها إلا بالحوار و احترام القانون و النظر إلى المستقبل , و ليس الاختناق في شذوذ اللحظة الراهنة .