منذ أن أعلن عن قيام مجلس التعاون الخليجي ، وهو هيكل يضم الدول المطلة على الخليج العربي ، وليس الخليج الفارسي كما يحلو لبعض من يحسبون قيادات على الشعب الفلسطيني أن يسموه "موقف مقبوض الثمن " وهو محط اهتمام الكثيرين من دول العالم وعلى رأسهم إسرائيل ومن حمل أوصافها في النظرة إلى أمتنا العربية.

في عهد المغفور له الشيخ زايد آل نهيان تشكل اتحاد الإمارات العربية وهو أنبل ظاهرة في تاريخ هذه الأمة ، فلم يكن أحد يتوقع من دويلات صغيرة كل واحدة على شكل إمارة ، أن تصدر هذه الخطوة وكم روعت هذه الخطوة العملاقة غير المسبوقة دولاً تعتد منبت الثوريين والتقدميين والوحدويين والذين حاولوا إقامة اتحادات سواء في شرق الوطن العربي أو مغربه صاحبة الشعارات الثورية جداً ولكنها غير قابلة للتطبيق وهذا ما أثبتته التجارب والمحاولات ، والأدهى من ذلك والأمر أن الإنسان العربي عليه أن يحوز على تأشيرة لدخول أي دولة من هذه الدول التقدمية والاشتراكية والديمقراطية ، والشعبية ، وذات الرسالة الخالدة ، والنظرة العالمية الجديدة .

 

أثبت مجلس التعاون الخليجي حضوراً قياساً ببقية التشكيلات والتكتلات النظرية ، ولم يعلن أنه بديل عن وحدة الأمة وكان ومازال يعلن أنه جزء من النسيج العربي الوحدوي إذا ما تحقق .

ولئن حاولت جهات خارجية وإقليمية أن تجهض هذه التجربة سواءً كانت الإمارات العربية المتحدة لتعيد التشطير لها كما كانت ، أو مجلس التعاون الخليجي ... إلاّ أنها بقيت صامدة في وجه المؤامرات كافة ، والتي لن تنتهي .

إن اتفاقية الدفاع المشترك والتي سميت درع الخليج ، هي البديل عن أي صيغة خارجية يتم اللجوء إليها إذا ما تعرضت أي دولة لعدوان خارجي ، ولم تتوقف عن دعم بعضها من جهة ، أو دعم جيرانها وأشقائها من جهة أخرى ، رغم أن عليها أن تستغني عن القواعد الأجنبية على أراضيها التي لاهم لها إلا التدخل المباشر أو غير المباشر أو إنهاك خزينتها للإنفاق على قواتها التي تتغطى بغطاء الدفاع عن أراضي وحدود هذه الدول .

لدى أشقائنا في مجلس التعاون الخليجي رؤية تتمثل في توسيع الدائرة لتشمل دولاً عربية غير خليجية ، كطلبها للشقيقة مصر الانضمام لمجلس التعاون الخليجي وكذلك المغرب ، وهذه نظرة طموحة ليصبح مجلس التعاون الخليجي مجلس التعاون العربي ، مع الاحتفاظ لدول الخليج ببراءة الاختراع أو الاكتشاف أو الاسم .

ولكن أين يقف الفلسطينيون من هذا الحراك العربي؟

لا نمن إذا قلنا نحن أول من ساهم في بناء دول الخليج الشقيقة على الأصعدة كافة منذ ثلاثينيات القرن الفائت ، وأشقاؤنا لا ينكرون ذلك ، من هنا نعتبر أن دعوة دولة فلسطين للانضمام لهذا الإطار الجديد ، لن يكون إلا إضافة نوعية ، مطمئنين الأشقاء أن ليست لنا أطماع لا في التوطين ولا الاندماج ، ولا الوطن البديل ، مؤكدين على حقوقنا الثابتة الكاملة غير المنقوصة ، وغير القابلة للتصرف في فلسطيننا . هذا من جهة أما من الجهة الثانية ، فالخطوة من أشقائنا باتجاهنا لا تبقينا في عزلة وحصار ، واستفراد بنا ، بل تقوي موقفنا في المحافل كافة ، وتطمئن شعوبها أنها تضطلع بمهمة دينية وأخلاقية وإنسانية إزاء إخوانهم الفلسطينيين ، وإزاء المؤسسات الإسلامية والمسيحية .

لقد وعى أشقاؤنا في مجلس التعاون الخليجي أهمية التكتلات العالمية القائمة اليوم ، والتي ينتظر قيامها وما لكل تكتل من أهداف وطموحات ، و لا يخلو أي تكتل من أطماع في أرض وثروات أمتنا العربية ، والتي لا يمكن أن تواجه إلاّ بسواعد أبناء هذه الأمة ، فهي الدرع الواقي لحقوقها وحدودها وثرواتها وساعتها سيحسب لأمتنا الحساب الحقيقي لأن الأطماع ستبوء كلها بالفشل .

وسيصبح للأمة شأن أكبر . بل تستطيع بإمكانياتها أن تشكل القوة الأكبر والتكتل الأكثر تأثيرًا في السياسة العالمية .

والله نسأل أن يرى أبناء أمتنا هذا قريباً ، إنه نعم المولى ونعم النصير