مضى وقت لا بأس به منذ الرابع من مايو / ايار الماضي، يوم تتويج توقيع ورقة المصالحة المصرية في القاهرة. تعثرت عربة المصالحة لاكثر من سبب وسبب، وان إحتل ترشيح الرئيس ابو مازن سلام فياض لتولي رئاسة حكومة التكنوقراط المستقلة خلال المرحلة الانتقالية لتنفيذ المهام الملقاة على عاتقها، وخاصة الاعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية، والشروع في إعمار ما دمره العدوان الاسرائيلي عام 2008/2009، السبب المعطل. والحقيقة أنه ليس كذلك، وانما الاسباب تعود لاعتبارات شخصانية وفئوية ولارتباطات باجندات اقليمية. واي كانت الاسباب الذاتية والموضوعية التي حالت حتى الان الحراك الايجابي، فإن المصلحة تحتم على كل القوى الوطنية بمختلف مشاربها الفكرية والسياسية داخل منظمة التحرير وخارجها وخاصة حركتي "فتح"و "حماس" البحث عن عوامل تحفيز وتقريب للمسافات، بهدف تجسير العلاقة الوطنية - الوطنية بين جناحي الوطن لاعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، الرافعة الاساسية لحمل المشروع الوطني خطوات جدية للامام. منها:

 

اولا مواصلة اللقاءات المشتركة بين مختلف الفصائل للبحث في تعزيز المناخات الايجابية، وتحديدا حركتي "فتح" و "حماس".

 

ثانيا العمل للافراج عن المعتقلين، الذين ليس لهم علاقة بالجوانب الامنية، التي تمس مصالح الوطن والمواطن وبرنامج الاجماع القائم على خيار النضال السلمي والديبلوماسي.

 

ثالثا دعوة اعضاء المجلس التشريعي لجلسة مشتركة، على ان يسبقها اتفاق بين الكتل البرلمانية المختلفة على تشكيلة هيئة المكتب، وطبعا رئيس المجلس والنواب وامين السر، والغاء كل التهويشات غير القانونية، التي سنتها كتلة التغيير والاصلاح عبر إستنطاق الصور (صور المعتقلين من النواب) لتؤتي الجلسة أُكلها.

 

رابعا الطلب الى كافة الموظفين في محافظات غزة بالعودة الى مواقع عملهم السابقة، ليتابعوا مهامهم، ولكن شرط ان يتقيدوا بتعليمات الحكومة الشرعية بقيادة الدكتور سلام فياض. وعدم التعرض للوضع الوظيفي غير الصحي القائم حتى الآن، لحين تشكيل الحكومة رسميا بموافقة كافة الاطراف، وتقوم بمعالجة هذا الملف.

غير ان الحاجة تملي الآن على جميع الموظفين من كل الوزارات والمؤسسات العودة الى مواقع عملهم، لان الاضراب البائس، الذي حصل، عمق الانقسام، ولم يحقق أيٍ من الاهداف والغايات المرجوة منه. ليس هذا فحسب، بل انه عطل الطاقات الوطنية، ولم تقم تلك الطاقات بتأدية المهام والخدمات الضرورية للمواطنين، وحرم الالاف من الكفاءات من تطوير مهاراتهم المهنية والفنية، وخاصة الاطباء والمدرسين وجميع اصحاب التخصصات العلمية والمهنية.

كما انه بحجة الاضراب، ضاعت حقوق عشرات الاف الموظفين الغزيين، مع انهم، إلتزموا بقرار الشرعية الوطنية، ولم يضربوا حبا في الاضراب.

 

خامسا وقف الحملات الاعلامية المؤججة لمشاعر الانقسام وتأبيد الانقلاب الاسود. والتخفيف قدر الامكان من الغلواء في مناقشة الرأي الآخر. دون ان يسقط ذلك حق هذا الفصيل او ذاك الشخص المستقل من التعبير عن مواقفه السياسية والثقافية و... إلخ . وهذا يعني الابتعاد عن لغة التخوين والتكفير والتشهير الشخصي او الفصائلي، ومناقشة الاراء دون تحفظ وفق المنطق الوطني، الذي يشير الى المثالب او الاخطاء، ولكن دون الاسفاف والسقوط في لغة الحوار والاختلاف في الرأي.

 

سادسا فتح ابواب غزة لعودة الرئيس ابو مازن للقاء ابناء عبه هناك، ومخاطبتهم مباشرة من القلب للقلب دون حواجز او قيود من اي نوع. والكف عن وضع العراقيل والعقبات في وجه عودة رئيس الشعب الفلسطيني لجزء غال من وطنه. وفي السياق الكف عن الاجراءات غير الايجابية التي ينفذها قادة حركة حماس ومن يتبع لهم من ادواتهم الامنية تجاه تنقل قيادات حركة فتح من والى غزة والضفة او الى الخارج عبر معبر رفح.

 

سابعا التدرج بادخال عناصر من الحرس الرئاسي لمعبر رفح لتجسير الواقع القائم مع ما كان عليه الوضع قبل الانقلاب في حزيران / يونيو 2007.

 

ثامنا اسقاط القرارات او التشكيلات، التي قررتها قيادة حركة حماس بشأن الجامعات في غزة، إن كان ما يتعلق بجامعة الاقصى او غيرها من الجامعات.

 

تاسعا إعادة فتح المؤسسات الوطنية، التي اغلقتها "حماس" الاعلامية ومؤسسات المجتمع المدني او اي مؤسسات تعرضت للاغلاق لاعتبارات سياسية. وايضا السماح بوصول الصحافة الى جناحي الوطن. لاسما وان ثورة الاتصالات والمعلومات، لم تعد تعطي اية مصداقية لحجب وسائل الاعلام، ومن يريد ان يصل الى هذا المنبر او ذاك فسيصل بالضرورة عبر الانترنت.

خطوات عديدة وصغيرة ومهمة ستساهم في ردم الهوة بين جناحي الوطن. وهذه الخطوات ضرورية، ومصلحة وطنية تستدعيها اللحظة السياسية الراهنة، حيث تتكالب قوى الشر على القيادة والشعب الفلسطيني للبقاء في دوامة المفاوضات العبثية وغير المجدية، التي أكل وشرب عليها الدهر. لذا على الغيورين على مصلحة الوطن خلق الحوافز الضرورية لتقريب المسافات بين جناحي الوطن، وقطع الطريق على كل القوى المعادية للوحدة الوطنية من اسرائيليينواميركيين وعرب وفلسطينيين وغيرهم. لكن هذه الخطوات تحتاج الى ارادة وشجاعة وتصميم، وعدم التوقف امام اي عثرة من هنا او هناك. لاسيما وان استمرار الحال على ما هو عليه لا يخدم اي وطني. ولابد من ايجاد مخرج وطني مشرف لاستعادة الوحدة الوطنية إما بما طرح او بأي اسلوب يجترح الواقع البائس القائم. وكما قال الرئيس ابو مازن للعالم ولاسرائيل والولايات المتحدة والرباعية الدولية " كفى .. كفى.. كفى إحتلالا وظلما وعذابات" يقول المرء معه، ولكن في النطاق الوطني: كفى .. كفى .. كفى إنقسام وانقلاب وتمزيق لوحدة الارض والشعب والقضية، وعلى كافة الوطنيين وخاصة شباب الخامس عشر ن آذار / مارس ان يشكلوا لوبي وطني ضاغط لاستعادة الوحدة الوطنية، لنخلق الربيع الفلسطيني