بقلم: حسن بكير|
بدعوةٍ من منظمة التحرير الفلسطينية و"الحركة الثقافية في لبنان"، نُظِّمَ حفلٌ تضامنيٌّ مع الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، تخلَّلهُ تكريمٌ رمزيٌّ للأسيرة المناضلة أيقونة فلسطين "عهد التميمي"، وذلك في صالة "ART" للفنون التشكيلية - الروشة، مساء اليوم الثلاثاء 13-3-2018.
وتقدَّم الحضور سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهوريّة اللبنانية أشرف دبور، وأمين سر حركة "فتح" – إقليم لبنان وعددٌ من أعضاء الإقليم، وأمين سر حركة "فتح" في منطقة بيروت وأعضاء قيادة المنطقة، ومرشَّح دائرة بيروت الثانية في الانتخبات اللبنانية النيابية الأستاذ محمد خواجة، ورئيس "الحركة الثقافية في لبنان" الأستاذ بلال شرارة، إلى جانب ممثّلين عن الأحزاب الوطنية اللبنانية، ووفد "المنتدى القومي العربي"، والجمعيات والهيئات اللبنانية، وممثِّلين عن اللجان الشعبية، ورجال دين، وثُلَّةٍ من الشعراء اللبنانيين.
وتخلَّل الحفل إلقاءُ كلماتٍ وقصائدَ شعريّةٍ، كما قدَّم الفنان السوري جمال سليمان إلى الشعب الفلسطيني لوحةً للأسيرة عهد التميمي تسلَّمها السفير دبور الذي قدّم بدوره درعًا تكريميّةً إلى الأستاذ بلال شرارة وفاءً وتقديرًا لمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية. أما أمين سر "فتح" - إقليم لبنان حسين فيّاض فقدّم للأستاذ بلال شرارة رملاً من أرض المسجد الأقصى.
وبدأ الحفل بالنشيدين الوطنيَّين اللبناني والفلسطيني، تلتهُما كلمةٌ ترحيبيّةٌ وقصيدةٌ شعريّةٌ لعريف الحفل الشاعر سليم علاءالدين، ثُمَّ كانت كلمة للحركة الثقافية ألقاها الأستاذ محمد خواجة، قال فيها: "إنَّ مشهدية عهد التميمي وهي تواجه بقبضتَيْها العاريتَيْن الجنود الصهاينة المدجَّجين بالسلاح تجعل كلَّ حُرٍّ منّا يستبشر بأنَّه لا يزال في هذه الأُمّة خيرٌ. فهي وأقرانها من شُبّان وشابات فلسطين، همُ بعض ما تبقّى من بقع ضوء في تراجيديّة السواد العربي. لقد بدت عهد التميمي وهي خلف القضبان حُرّة أكثر بكثير من عبيدٍ طأطأت رؤوسها ونضبت مياه وجهودها أمام الممثل الاسرائيلي والراعي الأميركي، فتحوَّلت موناليزا فلسطين إلى أيقونة أُمَميّة لتغدو مصدر إلهام لأكثر من كاتب وشاعر ورسّام ومُبدِع، يَرَوْن في كبريائها وصلابتها مادةً إنسانية تُحرِّك المشاعر وتُطلِق العنان للخيال. وكسر هؤلاء المبدعون جدار الصمت الدولي والعربي متضامنين بقلمهم وريشتهم مع عهد التميمي وكلّ المعتقلين الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال الذين تناهز أعدادهم السبعة آلاف. وهنا نتساءل لو كانت عهد التميمي فتاةً إسرائيليةً، هل كانت الأُمم المتحدة وما يُسمّى بالمنظمات الدولية سيلتزمون الصمت؟! بالتأكيد لا، كانت (ستقيم الدنيا ولا تقعّدها). ولن أتحدِّث عن الجامعة العربية وملحقاتها لأنَّها مجرد هياكل فارغة لا حياة فيها، وخرجت من دائرة الفعل والتفاعل والتأثير منذ زمن بعيد".
واستطردَ خواجة قائلاً: "إنَّ عهد التميمي، ابنة العائلة المناضلة التي لم يبقَ فردٌ من أبنائها إلّا ودخل غرف التحقيق وزنازين الاعتقال، ترمز هي ورفاقها من أجيال الانتفاضات المتتالية إلى أنَّ القضية كانت وستبقى حيّة، بعد نحو قرن من الصراع الدامي والمفتوح بمواجهة مشروع الاستئصال الصهيوني، وسبعة عقود على احتلال فلسطين. ويُجسِّد هؤلاء الأبطال الشجاعة الفلسطينية والإرادة التي لا تلين، ورغم تآمر الأقربين قبل الآخرين اللاهثين وراء سَراب وَهْمِ السلام الترامبي المسمَّى صفقة القرن، ويستعجل هؤلاء اللاهثون مع راعيهم الأميركي لإقفال ملف العداء لـ(إسرائيل) بأيِّ ثمنٍ؛ لكي يتفرَّغوا جميعهم لخوض الصراع ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، بقصد معاقبتها على احتضان قضية الشعب الفلسطيني، ودعم حركات المقاومة في المنطقة".
وتابع خواجة: "إنَّ أُولى الإرهاصات التنفيذية لقرار ترامب الخاص بالاعتراف بالقدس عاصمةً للكيان الصهيوني تتمثَّل بنقل السفارة الأميركية إلى المدينة المقدّسة في منتصف شهر أيار القادم، بما يحمل هذا التاريخ من دلالة متساوية مع الذكرى السبعين لتأسيس دولة (إسرائيل)".
وختم قائلاً: "لكنّ ما يُخطِّط له ترامب ونتنياهو وحلفاؤهما في الوطن العربي لن يتحقَّق ولن يُكتَب له النجاح ما دام الشعب الفلسطيني يضمُّ بين أبنائه الآلاف من أمثال عهد التميمي الذين يواجهون آلة القتل الإسرائيلية بالقبضة والحجر والسكين والبندقية. ولن يكون بمقدور أيّ مسؤولٍ أكان فلسطينيًّا أم عربيًّا التفريط بحبّة تراب من أرض فلسطين الحبيبة، لأنَّ فلسطين ليست ملكًا لحاكم أو سلطة، بل هي ملك للشعب الفلسطيني، وكلِّ أحرار العرب والعالم".
وألقى الشاعر العروبي المناضل طارق المير آل ناصر الدين قصيدةً شعريّةً لفلسطين والأسيرة عهد التميمي.
أمّا السفير أشرف دبور فقد استهلَّ كلمته التي ألقاها بِاسم فلسطين مُدينًا بأشدِّ العبارات الاعتداء الجبان الذي تعرَّض له موكب دولة رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمدلله ورئيس جهاز "المخابرات العامّة الفلسطينية" اللواء ماجد فرج والوفد المرافق أثناء توجُّهِهِم اليوم لافتتاح مشروع تحلية المياه، أحد المشاريع المهمّة، والتي تخفِّف من معاناة وآلام أبناء شعبنا الصامد في قطاع غزّة.
وتابع السفير دبور قائلاً: "نؤكِّد أنَّ هذا الاعتداء الجبان خطير جدًا، وهو يندرج في إطار المحاولات الجارية لتصفية القضية الفلسطينية خاصّةً أنَّها تمرُّ في مرحلة حرجة ومفصلية، وفِي سياق المحاولات المستمرة الرّامية لإفشال جهود السيّد الرئيس محمود عبّاس لتحقيق المصالحة، وكذلك في إطار محاولات خلط الأوراق الفلسطينية، وإفشال جهود حكومة الوفاق الوطني للتخفيف من معاناة أهلنا في قطاع غزّة وإعادة إعماره".
وطالبَ السفير دبور بسرعة الكشف عن الجهات المشبوهة التي تقف وراء هذا العمل الجبان والذي يخدم الاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى، واضعًا علامة استفهام كبيرة حول الجهة التي نفَّذته.
واستطرد قائلاً: "إنَّ عهد التميمي؛ أيقونة فلسطين؛ الفتاة الشقراء الصغيرة التي نشأت على مقاومة الاحتلال رغم صغر سنها وعرفت جيّدًا ما تريد وإلى أين تتّجه وكيفية تحديد الهدف، ولديها قناعة تامّة بما تقوم به، حيثُ قالتَّ (إنَّ طريق تحرير فلسطين بحاجة للتضحية، ولا أخشى الموت، وأتمنَّى أن أكون إحدى شهيدات فلسطين)، فهي العنوان للوطنية الفلسطينية، وهي نموذجٌ لجيل من الشباب الفلسطيني الذي توارثَ النّضال أبًا عن جَد وتشرّب القضيةَ، كما تتشرَّب الأرضُ مياهَ السماء، ولعلَّ هذا الجيل يضعنا جميعًا أمام الامتحان اليومي والدائم للضمير والموقف، لأنَّ فلسطين الوطن هي الامتحان لضمير العالم أجمع".
وأضاف سعادته: "لقاؤنا اليوم أيضًا تعبير عن هذا الضمير، وأنتم هنا خير من تعبّرون عن ذلك، خصوصًا أنَّ صراعنا مع المحتل الإسرائيلي لا يقتصر فقط على الجغرافيا وإنَّما على الوجود، وليس عبثًا أن تعمل قوات الاحتلال على فرقتنا وسرقة كلِّ ما يمت لفلسطين بصِلة من الأرض والمقدسات، وصولاً للتاريخ والذاكرة والتراث، وكلّ ما يُعبِّر عن الهُويّة الوطنية الفلسطينية".
وأكَّد أنَّ دور الكلمة في هذه اللحظات المصيرية لا يقل أهميةً عن دور الحجر والرصاصة، لأنَّ الكلمة تؤكد الحقَّ وترسّخه في الذاكرة والوجدان، وتُساهم في تشكيل الوعي، وفي منع تزييف هذا الوعي أو تزويره. لذا يغدو التضامن الثقافي والفكري مع فلسطين -ممثَّلاً بعهد التميمي ورفاقها- جزءًا عضويَّا أساسيَّا في إطار المواجهة الشاملة مع الاحتلال.
وختم سعادته: "إنَّ قضية عهد التميمي يجب أن تكون عهدنا جميعًا على أنفسنا بأن تستعيد فلسطين موقعها الطبيعي في صدارة الاهتمام، ولأجل ذلك لا بدَّ لنا أن نستعيد وحدة الشعب والوطن. ولتكن صفعة "عهد" لجنود الاحتلال ليست فقط صفعةً لهيبته وبطشه وآلته العسكرية، بل صفعة الشعب الفلسطيني بأكمله في وجه الاحتلال".
إعلام حركة "فتح" - لبنان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها