إسرائيل محبطة وقلقة إزاء الاتفاق مع إيران، والذي قد ينهي كل آمالها في مواجهة طهران، وأن يحطم ما قامت به من جهود وتحريض واستفزاز، طوال سنوات.
بقدر مستوى الإحباط إزاء المفاوضات بين طهران ومجموعة «5+1» في جنيف، جاءت ردود الفعل بأن «إسرائيل لا تفهم رحلة أوباما في بلاد العجائب»، بينما جدَّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه المطلق لصفقة جنيف، مشيراً إلى أنه ذكَّر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بموقفه السابق من أن أي صفقة مع إيران أفضل من الاتفاق السيئ معها.
وأكد نتنياهو أن الصفقة المطروحة حالياً سيئة للغاية؛ لأنها تمنح ايران كل ما كانت تتمناه في هذه المرحلة من دون تقديم أي شيء حقيقي. ودعا كيري إلى عدم التسرع في توقيع الصفقة وإلى إعادة النظر فيها.
أيضاً، حذرت وزيرة القضاء الإسرائيلية تسيبي ليفني، في حديث إذاعي، من أن تخفيف العقوبات المفروضة على إيران قد يتمخض عن عدم التوصل إلى اتفاق أفضل، بعدما بذلت جهود جبارة طوال سنوات لتحقيق ذلك.
وأكدت ليفني أنه يستحيل التوصل إلى اتفاق جيد مع إيران، إلا من خلال فرض العقوبات أو التهديد باستخدام القوة. ورأى وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شطاينتس، أن الاتفاق في جنيف سيئ لأنه ينص على تقديم ايران تنازلات غير مهمة، وهي بمثابة نكتة ليس إلا.
رغم ذلك، حاول رئيس معهد أبحاث الامن القومي الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، اللواء عاموس يادلين، التخفيف من وقع الاتفاق على الساحة الاسرائيلية، مشيراً إلى ان الاتفاق، قيد الاعداد، بين الدول العظمى وايران، ليس سيئاً بالضرورة اذا ما كان اتفاقاً مرحلياً يستهدف فسح المجال امام مواصلة المفاوضات.
ولفت يادلين الى أن الاتفاق قد يحول دون مضي المشروع النووي الايراني، قدماً فيما كانت اسرائيل تخشى من مماطلة إيرانية متعمدة بهدف كسب الوقت لزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي، بتخصيب اليورانيوم وتشغيل مفاعل الماء الثقيل لانتاج البلوتونيوم في أراك.
في المقابل، استخدمت مصادر سياسية اسرائيلية تعابير أكثر حدة مما استخدم نتنياهو، اذ اعتبرت الاتفاق الذي تجري بلورته في جنيف «خطراً على اسرائيل والسلام العالمي كله».
اما على مستوى المعلقين السياسيين، فقد فسر المراسل السياسي لصحيفة «هآرتس»، في نيويورك، حامي شاليف، التوصل الى اتفاق بين الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن، مع إيران، بأنه يعود الى ان الولايات المتحدة لا تؤمن بالخيار العسكري ضد ايران، لأنه بنظر مسؤوليها لن يحقق الهدف. وانهم بعد التقدم الآن في جنيف، باتوا يعترفون بذلك علناً.
ونقل شاليف عن مسؤول أميركي رفيع مشارك في جنيف، قوله: «حسب رأينا الهجوم العسكري لن ينهي البرنامج الإيراني، بل سيؤخره الى الوراء»، مضيفاً أنهم في محادثات مغلقة في البيت الابيض أوضحوا «في نهاية الامر بعد كل الخسارة السياسية والاقتصادية ومقتل أشخاص، سنجد انفسنا في المكان الذي نحن الآن فيه من أجل مناقشة المشكلة المطروحة أمامنا، وبالتالي من الأفضل توفير كل ذلك على أنفسنا، والسعي لتحقيق اتفاق الآن».
وفي ما يتعلق بالتباين بين اوباما ونتنياهو في ما يتعلق بالخيار العسكري ضد ايران، اضاف شاليف أن رئيس الوزراء الاسرائيلي يرى في مهاجمة ايران، وبشكل خاص من قبل الأميركيين، وسيلة لكسر التوازن، وسلاح يوم الدين، وأداة لحسم المعركة، بالقوة او بالفعل. لكن الأميركيين لا يريدون مهاجمة ايران، سواء استند ذلك الى تقدير مستقيم، أو كان غطاءً لترددهم، هم لا يؤمنون بأن هذا الهجوم سيحقق اهدافه. في المقابل، يرى نتنياهو ايضاً ان الايرانيين لا يفهمون الا بالقوة.
ايضاً النقاشات والتباينات نفسها، بين نتنياهو واوباما، تنسحب على العقوبات؛ اذ ترى ادارة اوباما أن مفاقمة العقوبات في فترة المفاوضات لن تؤدي الى اجبار ايران على القبول بحلول وسط، بل على العكس ستفسَّر في طهران على انها دليل على العنصرية الأميركية.
في الاطار نفسه، رأى المعلق العسكري في موقع «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، ان الاتفاق المطروح في جنيف هو بداية المفاوضات على الاتفاق الأساسي، مشيراً الى ان ما طُرح لا يفرض على ايران تفكيك أي امر من برنامجها النووي. وأن ما جرى ليس سوى شد للكوابح، لكن مع إبقاء المحرك شغالاً، وبالتالي تستطيع ايران الاستمرار في التحرك الى الامام في اللحظة التي تراها. ويفسر يشاي ذلك بالقول إنه حتى لو وافق الايرانيون على ايقاف التخصيب لهذا المستوى او ذاك، إلا أنهم يستطيعون تجديد ذلك في اليوم التالي او بعد ثلاثة اشهر من الآن.
في المقابل، رأى بوعز بسموت في صحيفة «اسرائيل اليوم»، أن الاتفاق في جنيف ينهي نهائياً الخيار العسكري الذي يخيف الدول العظمى أكثر من الايرانيين. وان اسرائيل اكتشفت أنهم لا يفلحون في فهم «رحلة أوباما في بلاد العجائب»، وخاصة أنه تبين لإيران أنها يمكنها أن تواصل شتم أميركا وحرق علمها، وفي الأسبوع نفسه، تحصل منها على هدايا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها