لم تصدق الأربعينية "فرحة" أن ما ألم بها من وعكة صحية خفيفة في منطقة الثدي قبل خمسة أعوام من الآن، سيتحول سريعا إلى ذاك المرض الخبيث الذي بات ينتشر بسرعة كبيرة في صفوف النساء في العالم أجمع، ويُعرف باسم "سرطان الثدي"، فتملكها الخوف الذي أذابه وقوف زوجها إلى جانبها مع عزيمتها وابتسامتها التي لم تفارقها أملا في الشفاء القريب مع التزامها برحلات العلاج التي أوقفها إغلاق معبر رفح البري كما أوقف تماما وأنهى حياة العشرات من المرضى خلال السنوات الماضية.
وفي خضم حالتها الصحية التي كانت مستعصية رغم أنها في بدايتها، أصر الأطباء في قطاع غزة على استئصال الثدي فورا منعا لتفشي المرض في باقي الجسم، إلا أن هذه العملية الجراحية لم تداوي جراحها فاضطرت للعلاج بـ "جرعات الكيماوي" الذي تسبب في إسقاط شعر رأسها تباعا، مشيرةً في حديثها أن العلاج الإشعاعي والمسح الذري الذي تلقته خلال رحلاتها مسبقا إلى مصر قد قضيا على المرض بنسب كبيرة جدا.
وأشارت إلى أنها منذ ثلاث سنوات تتلقى العلاج في رحلات متنقلة من غزة إلى مصر، وأن الأطباء في أكبر المستشفيات المصرية قد أكدوا شفاءها خلال عامين وأنها بحاجة للعودة إلى القاهرة مجددا للاطمئنان على صحتها ومتابعتها باستمرار، إلا أن إغلاق المعبر المتكرر – كما تقول-حرمها من إكمال علاجها في ظل ندرته في المستشفيات وعدم تمكن الجهات المختصة في غزة توفيره بسبب الحصار المشدد على القطاع.
سرطان الثدي أسباب وعوامل
حول مدى انتشار سرطان الثدي بين السيدات يقول استشاري الأورام في مجمع الشفاء الطبي، د.زياد الخازندار: نسبة الإصابة في مرض سرطان الثدي لدينا لا تختلف كثيرا عن نسبتها في باقي أنحاء العالم". مبينا أن أكثر أمراض السرطان انتشارا عند السيدات هو سرطان الثدي بنسبة 29% إلى 31%، فيما سرطان الرئة يصل إلى نسبة 19%.
ويرجع الخازندار أسباب سرطان الثدي إلى الوراثة، والسمنة، والعادات السيئة التي تؤدي إليه، والظروف البيئية مثل "الحروب والمواد المشعة"، وحول هذه النقطة أشار إلى تعذر إثبات استخدام إسرائيل تلك المواد في حروبها على غزة من أجل نشر الأمراض السرطانية.
ونوه الخازندار إلى امتلاك مستشفى الشفاء أجهزة لفحص مرض سرطان الثدي، تبدأ من مختبرات تحليل الدم والأشعة وأجهزة الماموغراف، والالترا ساوند، والرنين المغناطيسي، والسي تي، مشيرا إلى أهمية أن تكون السيدة المصابة ذات ثقافة لمساعدة نفسها في مراحل العلاج.
وأضاف "كلما كان اكتشاف المرض في وقت مبكر يكون العلاج ناجحا، وكلما تأخر اكتشافه قلت فرصة العلاج والشفاء منه". مطالبا الفلسطينيات في ذات السياق بإجراء فحص دوري سادس يوم للدورة الشهرية من سن 35 عاما بل وأقل.
وأوضح "الخازندار" اهتمام الجمعيات والمستشفيات في غزة بالمصابات بمرض سرطان الثدي، وتقديم العلاج لهن، وتنفيذ حملات توعية حول أهمية الفحص من أجل الاكتشاف المبكر لمرض سرطان الثدي.
مراحل العلاج والأدوية
عن مرحلة العلاج يقول الخزندار: "بعد استئصال الثدي نقدم العلاج الكيماوي الذي يقضي على 40 -60% من الخلايا السرطانية، ومن ثم تبدأ مرحلة الإشعاع الذي يقضي على نسبة 30 إلى 40%.
ويتابع: نكمل بعلاج وقائي هروموني فنعمد أولا لإجراء فحص "مستقبلات الهرمونات لنقرر إمكانية المعالجة الهرمونية التي تمتد لخمس سنوات متتالية ضمانا لعدم رجوع المرض فترة زمنية طويلة، ويتم خلال هذه الفترة إجراء الفحوصات الدورية".
وحول توفر أدوية مرض السرطان، أوضح أن الأدوية متوفرة لجميع مرضى السرطان "مجاناً" من قبل وزارة الصحة، ولكن في حالة عدم توفر أي نوع من الأدوية يتم تحويل المريضة إلى أحد المستشفيات الخارجية".
وأشار "الخازندار" إلى المشاكل التي تواجه مرضى السرطان، مبينا أن أغلبها يكمن في نقص بعض العلاجات الكيماوية والعلاجات التي تساعد في رفع مناعة المريض، وقلة عدد الأسرّة في المستشفى، وعدم وجود مسح ذري، وعدم وجود علاج إشعاعي، وعدم وجود قدرة على عمل "صورة كمبيوتر بالصبغة الدالة على الأورام"، وعدم وجود غرف عزل خاصة للمرضى لانخفاض مناعتهم نتيجة العلاج الكيماوي، والنقص في التمريض وعدد الأطباء المختصين في مجال الأورام.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها