كتب هيثم زعيتر

تتنوع الملفات التي يبحثها الرئيس الفلسطيني محمود عباس <أبو مازن> في زيارته إلى لبنان، تلبية لدعوة الرئيس العماد ميشال سليمان، بما تحمله من دلالات متعددة في التوقيت والمضمون··

فالزيارة تتزامن مع إستمرار اتصالات ولقاءات القيادة الفلسطينية لدعم موقفها بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي من أجل الإعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في هيئة الأمم المتحدة، في شهر أيلول المقبل، في الدورة التي يكون فيها لبنان رئيساً لها، وما يعني ذلك الكثير من أهمية لدور الرئيس··

كذلك قرار مجلس الوزراء اللبناني في جلسته التي عقدت برئاسة الرئيس سليمان <بدء الإجراءات الآيلة إلى تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 2 تاريخ 27/11/2008، القاضي بإقامة علاقات دبلوماسية مع دولة فلسطين>، بما يعني إعتراف لبنان بالدولة الفلسطينية، وهو الدولة العربية الوحيدة التي لم تكن قد اعترفت بالدولة الفلسطينية بعد، علماً بأنه كان سباقاً إلى الإعتراف بـ <منظمة التحرير الفلسطينية> كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، كذلك تأييد إعلان قيام الدولة الفلسطينية بعد المؤتمر الذي عقد في الجزائر·· ويقضي الإعتراف اللبناني بدولة فلسطين، بأن يتم التعامل مع فلسطين كدولة - أي أن مستوى التمثيل الذي كان يتعاطى به لبنان مع ممثلية المنظمة، سيتغيّر، حيث يرتفع إلى مستوى سفارة، وتتويجاً لذلك، سيقوم الرئيس عباس ورئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، برفع علم فلسطين على مبنى السفارة في بيروت بعد ظهر اليوم (الأربعاء) في إحتفال رسمي، وهو ما يعني أن هناك العديد من الملفات والقضايا التي سيتم التعاطي بها دبلوماسياً بين الدولتين اللبنانية والفلسطينية··

كما سيلتقي الرئيس عباس فصائل <منظمة التحرير الفلسطينية> وفي <تحالف القوى الفلسطينية> طلبت مواعيد للقائه، هذا فضلاً عن القيادات اللبنانية··

ويتوقع أن تنعكس هذه الزيارة إيجاباً على الواقع الفلسطيني في لبنان بشقيّه: الداخلي والعلاقات مع الدولة اللبنانية··

- لبنانياً: يؤمل أن يتم تفعيل ما بقي من قوانين تحتاج إلى الإقرار، من أجل تحسين الواقع المعيشي والإجتماعي، والحقوق المدنية وحق التملك للفلسطينيين في لبنان، وهو ما يُساهم بتحصين التمسك الفلسطيني بحق العودة، بعد تأكيد مختلف القيادات الفلسطينية رفض التوطين، مما يعزز أيضاً الواقع المعيشي والأمن والإستقرار للفلسطينيين الذين ينبذون <الإرهاب>، وحتى لا تكون المخيمات أرضاً خصبة لمحاولات المجموعات الإرهابية استغلال الواقع الإجتماعي والمعيشي المأساوي··

- فلسطينياً: يتوقع أن يؤدي استمرار الإجتماعات وخصوصاً بين حركتي <فتح> و<حماس> بعد توقيع المصالحة الفلسطينية في أيار الماضي في القاهرة، الى انعكاس ذلك إيجاباً على الواقع الفلسطيني في لبنان، بحيث يتم تفعيل جهود تشكيل مرجعية موحّدة من <منظمة التحرير الفلسطينية> و<تحالف القوى الفلسطينية>، وهي التي بدأت زياراتها، واستهلتها بزيارة الرئيس ميقاتي، ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري، بوفد مشترك بعد طول غياب، بعدما كانت تتم زيارات منفصلة لكل من الإطارين الفلسطينيين··

<اللـواء> وقفت على آراء مسؤولي فصائل المنظمة والتحالف، حول رفع مستوى التمثيل الفلسطيني، وأين أصبحت مساعي تشكيل المرجعية الفلسطينية الموحّدة في لبنان··

أبو العردات

 أمين سر قيادة الساحة لحركة <فتح> وعضو مجلسها الثوري فتحي أبو العردات، أشار الى <أن رفع مستوى التمثيل الفلسطيني في لبنان من ممثلية <منظمة التحرير الفلسطينية> إلى سفارة دولة فلسطين، قرار اتخذ في مجلس الوزراء، وتم تفعيله في اللقاء الأخير الذي جرى مع الوفد الفلسطيني، وبالتالي تم وضع الترتيبات اللازمة من أجل تنفيذ مضمون هذا القرار أثناء زيارة الرئيس <أبو مازن> والوفد المرافق معه، حيث سيفتتح الرئيس عباس السفارة بحضور الرئيس ميقاتي وعدد من المسؤولين اليوم (الأربعاء)>·

وأوضح <أن <منظمة التحرير الفلسطينية> بالتأكيد هي المرجعية الفلسطينية، وقد تم التفاهم على موضوع الوفد الفلسطيني الموحّد للحوار مع الدولة، وهذا الوفد مشكل من فصائل المنظمة والتحالف، والموضوع إن شاء الله يسير بخطوات جيدة، وقد بدأ الوفد عمله من خلال تسليم مذكرة فلسطينية موحدة - تقدم للمرة الأولى باسم فصائل المنظمة والتحالف، سلمت للرئيس ميقاتي، وكذلك الى الرئيس بري، حيث وضعناهما في صورة اللجنة الفلسطينية المشتركة، والمذكرة التي رفعت، وتشكيل لجنة فلسطينية - لبنانية للحوار، لطرح كافة القضايا المتعلقة بالشعب الفلسطيني من أجل إيجاد الحلول المناسبة لها، وهذا هو شكل التحرك>·

وتمنى أبو العردات <أن يُساهم الحوار القائم الآن ما بين حركتي <فتح> و<حماس>، بتفعيل <منظمة التحرير الفلسطينية>، إضافة للجهود القائمة الآن في الداخل، وفتح ملفات تتعلق بتكريس المصالحة على أرض الواقع، وأن تكون هناك مشاركة سياسية لكل ألوان الطيف السياسي في إطارها عبر إجراء إنتخابات لـ <المجلس الوطني الفلسطيني>، حيث أمكن ذلك، وبالتالي إستناداً إلى ما تم الإتفاق عليه في وثيقة آذار 2005، التي تتعلق بإعادة تفعيل <منظمة التحرير الفلسطينية>·

بركة

ممثل حركة <حماس> في لبنان علي بركة، أمل <أن تكون هذه الخطوة لتحسين العلاقات اللبنانية ? الفلسطينية، وتحسين وضع اللاجئين في لبنان، وخصوصاً إقرار الحقوق المدنية والإنسانية وإعمار مخيم نهر البارد، وبناء أفضل العلاقات بين الشعبين اللبناني والفلسطيني>· وتمنى <أن تكون هذه خطوة مقدمة لتفتح باب حوار لبناني - فلسطيني، لمعالجة كافة قضايا الشعب الفلسطيني في لبنان، بكل جوانبها السياسية والأمنية والقانونية والإجتماعية والإنسانية>، منبّهاً <في الوقت نفسه أن لا يكون ثمن هذه الخطوة حق العودة أو الإعتراف بالكيان الصهيوني، أو بتحويل اللاجئين إلى جالية>·

وأكد على <ضرورة الحفاظ على قضية اللاجئين في المخيمات الفلسطينية في لبنان، ودعم صمودهم، حتى يتمكنوا من مواصلة نضالهم من أجل العودة إلى فلسطين - إن شاء الله>·

وأشار ممثل <حماس> الى <أن المسعى لتشكيل مرجعية فلسطينية بين المنظمة والتحالف قائم على قدم وساق، وستكون بعد زيارة الرئيس <أبو مازن> إلى لبنان، لقاءات مكثفة بين الفصائل من أجل إنشاء قيادة سياسية موحدة في لبنان، تضم جميع الفصائل الفلسطينية، وتتولى الحوار مع الحكومة اللبنانية، وتشرف على الأوضاع الأمنية والإجتماعية في المخيمات، وتقود الوضع الفلسطيني لما هو أفضل مما هو الآن، وتُعالج كافة القضايا، سواء أكانت مع الحكومة اللبنانية أو وكالة <الأونروا>، وبين اللاجئين فيما بين بعضهم البعض>·

وختم بركة: ولا أكشف سراً أن هذا الأمر بُحث في لقاء القاهرة الأخير بين حركتي <فتح> و<حماس>، وكان هناك اتفاق بين الوفدين على دعم إنشاء مرجعية فلسطينية موحدة في لبنان·

فيصل 

عضو المكتب السياسي لـ <الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين> ومسؤولها في لبنان علي فيصل، اعتبر <أن رفع التمثيل الفلسطيني في لبنان من ممثلية إلى سفارة، وإن جاءت متأخرة، إلا أنها تعتبر خطوة إيجابية ومرحّب بها من قبل شعبنا، ومن شأنها الإسهام في تعزيز العلاقات الثنائية، وفي حل الكثير من الإشكالات التي لمسناها جميعاً على أكثر من مستوى منذ أن أعيد إفتتاح مكتب <منظمة التحرير> في لبنان>·

واستطرد بالقول: وعلى أهمية الخطوة اللبنانية في هذا التوقيت، فإننا ندعو الدولة اللبنانية إلى إستكمال خطوتها، والمبادرة إلى الإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، لما يُشكله ذلك من دعم حقيقي وفعلي للشعب الفلسطيني ونضاله من أجل إنتزاع حقوقه الوطنية، وهي خطوة من شأنها أيضاً أن تُساهم في حل الكثير من المعضلات على مستوى العلاقة الفلسطينية ? اللبنانية>·

وشدد مسؤول <الجبهة الديمقراطية> على <أن <منظمة التحرير> هي المرجعية الوطنية لشعبنا، وهي الإطار السياسي والقانوني الذي على الجميع الإنضواء في إطاره· لكن رغم ذلك، وفي ظل حالة الحوار المتواصلة بين جميع الفصائل الفلسطينية، والتي ترجمت مؤخراً بتقديم مذكرة فلسطينية موحدة إلى الحكومة اللبنانية حول الحقوق الإنسانية، فإن الأوضاع التي يعيشها شعبنا على مختلف المستويات السياسية والإقتصادية والأمنية، تتطلب إطاراً تنسيقياً يعبّر ويدافع عن مصالح شعبنا، ويهدف الى تفويت الفرصة على كل من يحاول المس بأمن مخيماتنا واستقرارها، ويأخذ على عاتقه أيضاً مهمة التنسيق مع السلطات اللبنانية في مختلف المجالات>·

ورأى فيصل <إن التوقيع على إتفاق المصالحة الفلسطينية شكل إنجازاً لشعبنا في لبنان، الذي طالما ناضل وضغط من أجل إنهاء الإنقسام، والجميع مطالب اليوم بعكس الأجواء الإيجابية على مستوى الأداء والممارسة، عبر توحيد الموقف الفلسطيني، وما يُعكس إيجابياً على مستوى التعاطي مع جميع المرجعيات، وهو ما يتطلب أن تبادر الدولة اللبنانية الى دعم هذه الأجواء، بالإنفتاح على الأوضاع الفلسطينية من خلال حوار رسمي مع وفد فلسطيني موحّد، بالإستناد الى الحقوق والواجبات المتبادلة>·

الرفاعي 

ممثل <حركة الجهاد الإسلامي> في لبنان أبو عماد الرفاعي، رحّب <برفع مستوى ممثلية <منظمة التحرير الفلسطينية> الى سفارة، في إطار المعركة الديبلوماسية التي تخوضها السلطة، والتوجه الى مجلس الأمن، لأننا نعتبر أن كل ما يُمكن تحقيقه ضد العدو الصهيوني، وفي مواجهة تهديدات الإدارة الأميركية مكسب لشعبنا الفلسطيني>·

وألمح الى <أن ما يُحاك من مشاريع توطين يتم الإعداد لها، من خلال الطروحات الأميركية والصهيونية بهدف تصفية قضية اللاجئين، يجعلنا ندعو الى ضرورة الفصل بين قضية اللاجئين الفلسطينيين وبين مهام السفارة الفلسطينية في بيروت، لأن ربط اللاجئين بالسفارة فيه مخاطر كثيرة على قضية اللاجئين، التي هي جوهر القضية الفلسطينية· فالطروحات التي يطرحها البعض، مثل إعطاء اللاجئين الفلسطينيين جوازات سفر صادرة عن السلطة الفلسطينية، وربط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بالسفارة في بيروت، تعني حرفياً تصفية قضية اللاجئين، وتمهيداً لإسقاط حقهم بالعودة، وحرمانهم حتى من المطالبة بهذا الحق>·

وأشار الى <أن خطوة كهذه لها أبعاد خطيرة، فهي تعني تغيير الصفة القانونية للاجئين الفلسطينيين، من لاجئين أخرجوا من أرضهم التي احتلت في العام 1948، يعترف بهم العالم كله على هذا الأساس، الى صفة رعايا دولة مقيمين في دولة أخرى· فإسقاط صفة اللاجئين عنهم، يعني تصفية وكالة <الأونروا> مع كل ما يتبع ذلك من آثار خطيرة، منها إعفاء المجتمع الدولي من المسؤولية عن المعاناة التي سببها لهم الاحتلال الصهيوني طوال أكثر من ستين عاماً· والأخطر، أن خطوة إعطاء جوازات سفر السلطة الفلسطينية (أو حتى الدولة الفلسطينية الموعودة) للاجئين، تعني حرمانهم من حقهم في المطالبة بالعودة الى أرضهم وبيوتهم، على اعتبار أنهم باتوا مواطنين لدولة محددة المساحة فوق قسم من فلسطين التاريخية، قد اعترفت بكيان العدو الصهيوني فوق أرضهم>·

ورأى ممثل <الجهاد الإسلامي> أنه <يجب التفريق تماماً بين رفع مستوى الممثلية الى سفارة فلسطينية، وبين قضية اللاجئين، إننا نصرّ على أن مسؤولية اللاجئين تقع بالكامل على عاتق المجتمع الدولي، المسؤول الأول عن معاناة اللاجئين، ممثلاً بوكالة <الأونروا>، ولا يجب السماح بالقيام بأية خطوة من شأنها إعفاء المجتمع الدولي من تحمل مسؤولياته، أو تغيير الوضع القانوني للاجئين، كلاجئين ينتظرون العودة الى أرضهم>·

وأضاف: نحن في <حركة الجهاد الإسلامي>، نعتبر أن وجود مرجعية فلسطينية موحدة تمثل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتأخذ على عاتقها معالجة كافة قضاياهم، هي الصيغة الأنسب للحفاظ على قضية اللاجئين في لبنان، ولمواجهة مشاريع التوطين التي تُحاك لتصفية حقهم في العودة، ولمعالجة المشاكل المعيشية والاقتصادية التي يعانون منها· والأجواء الحالية تعكس جواً إيجابياً، حيث أن هناك توافقاً كبيراً بين مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية في لبنان، على اختلاف توجهاتها، بخصوص قضية اللاجئين، وهو ما عبّر عنه الاجتماع الذي عقده وفد من التحالف والمنظمة مع الرئيس ميقاتي، ثم مع الرئيس بري، حيث قدّم الوفد الفلسطيني رؤية مشتركة، فيما يتعلق بأوضاع أهلنا في لبنان، تناول فيها كافة القضايا المتعلقة بحقوقهم الاجتماعية والمدنية·

وختم الرفاعي: إننا نعتقد أنه يجب الاستفادة من هذه الأجواء الإيجابية من خلال تشكيل مرجعية فلسطينية موحّدة، تمثل اللاجئين الفلسطينيين رسمياً، وتأخذ على عاتقها معالجة كافة القضايا والملفات العالقة، وخصوصاً الحفاظ على قضية اللاجئين في لبنان، وصولاً الى تحقيق العودة الى أرضنا وبيوتنا·