بينما نقترب من الذكرى العاشرة للانقلاب المسلح الذي نفذته حماس، وأدى الى الانقسام الأسود الذي فرضت بموجبه حماس سيطرتها بالقوة على قطاع غزة، وإدخاله في حروب ثلاث منذ ذلك الوقت، ومحاولة إخراجه من مساره ومصيره الفلسطيني، كنا نعتقد ان حماس تأهلت اكثر لفهم الواقع، وتقييم بشكل شجاع، والاستجابة الفعلية للمراجعة التي دعا اليها رئيس مكتبها السياسي السابق خالد مشعل، والقراءة العميقة للتطورات في الإقليم وفي العالم، والاقتراب بخطوات صريحة نحو انهاء الانقسام الأسود، أو ردم هوته التراجيدية التي اضرت بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، وتعيق إشارات الامل البسيط التي لاحت في الأفق من خلال صعود اسماعيل هنية الى رئاسة المكتب السياسي، وصعود يحيى السنوار الى قيادة حماس في قطاع غزة، خاصة ان أولها وهو اسماعيل هنية كان قبل الانقلاب الأسود رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية التي حطمها الانقسام، واما الرجل الثاني فهو يحيى السنوار الذي كان معتقلا لدى إسرائيل وقت وقوع الانقسام، وهو خارج حسبة الانقسام، لكن حتى هذا الامل البسيط تراجع بقوة من كثرة الرسائل السلبية التي صدرت عن حماس في الشهور والأيام الأخيرة، فبالاضافة الى سوء الأوضاع، والارتهان الى أولويات غير فلسطينية بالمرة، وقيام حماس بالاستنفار ضد كل صعود تحققه الشرعية الفلسطينية، وكأنها تقول "كل ما يتحقق من انجاز دون مشاركتي فأنا اعاديه"، وبعد ممارسات موغلة في الانقسام والانفصال، مثل احكام الاعدام غير القانونية وغير الشرعية، ومواجهة فعاليات التضامن مع الاسرى الابطال بالقبضة الحديدية، واغراق غزة في الظلام، جاءت الخطوة الأخيرة ضد حكومة الوفاق الوطني بتعيين وكيل جديد لوزارة العدل بعيدا عن الشرعية، واجراء إجراءات تسليم وتسلم لوظيفته وكأنه امعان في الانفصال وإعلان الذهاب اليه بتعمد، وهذا يذكرنا بالمثل العربي المعروف (يجدع انفه ليغيظ خصمه) بل ان بعض البصيص من الامل الذي ساد بعد إعلان الوثيقة قتلته حماس بترك المرحلة الرمادية التي سادت منذ ذلك الوقت، وذهبت الى الانقسام والانفصال بزخم جديد وكأنها لا تملك من الاهلية والمؤهلات سوى الحاق الاذى بالمشروع الفلسطيني وبالصعود الذي يحقق هذا المشروع.
وهذا المسار الخطير الذي تندفع اليه حماس، يتناقض مع الرؤى التي يمكن الوصول اليها وملخصها ان خلاص حماس من مآزقها المتفاقمة لا يمكن تحقيقه الا عن طريق الفرصة الوحيدة المتاحة، وهي العودة الى حضن الشرعية الفلسطينية، فلا احد في المنطقة قادر على إعطائها فرصة حقيقية سوى الشرعية الفلسطينية والانضواء تحت لوائها أي تحت لواء المشروع الوطني الفلسطيني، اما الارتهان الى الخارج المضطرب فهو عمل عبثي محض كارثي الثمن.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها