منذ عقد المؤتمر السابع لحركة فتح في رام الله في التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي، أصبحنا نتحرك في افق اكثر قربا للوصول الى هدفنا الأسمى الذي لا ينافسه هدف آخر، وهو الدخول في مرحلة تجليس الدولة الفلسطينية المستقلة من مرتبة الشعار والحلم الى مرحلة الواقع المادي التنفيذي، فكان الحسم في مسألة مكان انعقاد المؤتمر في فلسطين، في ارض دولتنا وليس في أي مكان آخر، وأعطى المؤتمر الذي كان نموذجا في نجاحه التنظيمي والإداري وفي ضيوفه الذين شاركوا فيه من الخارج وفي حواراته الخالية من الشطط، رسالة مفادها اننا نتصرف بعقلية الدولة، واننا مهيأون لذلك تماما، واننا نستحق ما نطالب به، وان فلسطين الدولة المستقلة هي مسؤولية كبرى وسط الاضطراب الشديد الذي يسود المنطقة، والرهانات الدولية المتضاربة، والتغير الحاد في أولويات القوى الإقليمية.
وتقدمنا بخطوات متلاحقة ابتداء من قرار مجلس الامن رقم 2334 ضد الاستيطان، أي مع الدولة الفلسطينية المستقلة، وتقدمنا عبر مؤتمر باريس الدولي للسلام على قاعدة المبادرة الفرنسية، وتقدمنا بوصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض وسعيه القوي الى ممارسة العمل بخصوص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على قواعد جديدة يجري الاعداد لها بشكل كبير يشمل كل الميادين، ونجحنا في فرض الحقيقة الفلسطينية على إسرائيل التي تحاول فيها بعض القوى استمرار الهروب الى الامام عبر فهم خاطئ وقاصر لما يجري في المنطقة وتفسير كل شيء من وجهة نظر إسرائيلية تتناسى مصالح الآخرين سواء كانوا أصدقاء او خصوما او أعداء.
وها قد حل موعد اللقاء الكبير، لقاء أبو مازن رئيس دولة فلسطين مع دونالد ترامب الرئيس الأميركي في البيت الأبيض لقاء هام جدا، نوعي جدا، جرى التحضير والتمهيد له على امتداد فترة طويلة، مبعوثون من الدرجة الأولى واستيضاحات رئيسية، الموعد قد حدد في الثالث من أيار، والتنسيق الواعي مع العمق العربي والإسلامي في اعلى المستويات، من اقصى شرق الوطن العربي الى اقصى غرب الوطن العربي، كل التوقعات طرحت، كل الممكنات تم التأكيد عليها، مع اجماع دولي على حل الدولتين، حتى ان البدائل الإسرائيلية الهروبية أصبحت خارج الموضوع، لأن السؤال في إسرائيل اليوم هو أي إسرائيل يريدون إسرائيل عضو في المنطقة ام إسرائيل محمولة على فرضية خارجية.
ولعبة السماح لاي طرف فلسطيني بافساد المشهد لم تعد تجدي نفعا، فحماس خارج الأولويات الفلسطينية هي لا شيء، اما حماس كجزء عضوي من الأولويات الفلسطينية فهي المصالحة واسقاط الانقسام بكل مفرداته والشراكة الفاعلة بكل مداها الجدي.
الرئيس الفلسطيني أبو مازن يذهب الى هذا اللقاء التاريخي وهو مطمئن لانه عمل بكفاءة عالية وبأهلية رائعة كل ما يتوجب عليه، وكل ما يجعله مؤهلا للنجاح، وكل ما يجعل السلام إمكانية قائمة، وكل ما يجعل التعاون ممكنا الى اقصى الحدود، فأهلا بالقمة الفلسطينية الأميركية، وأهلا بالدخول الى مرحلة جديدة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها