شاركت بعثة دولة فلسطين في مؤتمر السكان والتنمية الخمسون المنعقد على مدار الأسبوع الجاري في الأمم المتحدة، وذلك إلى جانب ترأسها أيضاً المجموعة العربية التي تخوض مفاوضات صعبة على القرار الذي من المفترض أن يخرج عن هذا المؤتمر.

وقال المراقب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة السفير رياض منصور، إننا نشارك في كافة المؤتمرات التي تعقدها الأمم المتحدة بشكل عام، ونشارك في هذا المؤتمر بشكل خاص من ثلاث منطلقات، الأول بصفتنا جزءً فاعلاً في المنظومة الدولية نؤثر ونتأثر بكل الحراك السياسي الكوني المشترك، والثاني بصفتنا رئيساً للمجموعة العربية لهذا الشهر، وبالتالي فان علينا مسؤولية قيادة المجموعة العربية لضمان خروجها بموقف موحد، والثالث لضمان عكس مشاغلنا الوطنية والمتمثلة في ضمان ان يكون القرار الذي سيصدر عن هذا الاجتماع موجها للدول قاطبة وليس الدول كاملة العضوية في الأمم المتحدة فقط، إلى جانب إننا نريد أن يأخذ القرار بعين الاعتبار الموروث الديني والثقافي والاجتماعي العربي والذي يختلف في الكثير من الجوانب عن غيره من الموروث الثقافي العالمي.

وأوضح عبدالله ابو شاويش، الذي قدم كلمة دولة فلسطين أمام المؤتمرين: ان التنبؤ المبكر باتجاهات النمو السكاني من أهم العوامل التي يبنى عليها التخطيط  المستقبلي للسكان والتنمية، وأن تعرض أي مجتمع لهزات عميقة في اتجاهات نمو وتوزيع سكانه يربك كل الخطط التنموية الموضوعة مسبقاً، ويُحول كل الجهود التنموية الى جهود إغاثية، وعادة ما تأتي هذه الهزات العميقة نتيجة لعامليّن أساسيين الحروب أو الكوارث الطبيعية، مدللاً على ذلك بما تعرض له الشعب الفلسطيني، فقبل قيام دولة إسرائيل مباشرة في العام 1948 أي النكبة شكل الفلسطينيون ثلثي مجموع سكان ارض فلسطين التاريخية، وعقب النكبة ومع حلول العام 1951 وصلت نسبتهم الى 21% فقط، وفي سبيل المحافظة على هذا الوضع والتفوق الديمغرافي الذي تحقق لها نتيجة نكبة الفلسطينيون فقد اقرت اسرائيل قانون العودة العنصري القائم على التميز على اساس الدين والقاضي بحق كل من هو يهودي فقط في السكن والمواطنة على ارض فلسطين التاريخية، بينما منعت بالمطلق عودة الفلسطينيون اصحاب الارض الأصليين والذين اقرت الامم المتحدة بوجوب عودتهم بموجب القرار 194 الصادر سنه 1949.

واشار ابو شاويش الى انه ومنذ احتلال إسرائيل لقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، فإنها عمدت الى تقسيمها الى ثلاث مناطق يتم التعامل مع كل منها بطريقة وقوانين مختلفة. الاولى هم سكان العاصمة الفلسطينية القدس الشرقية والذين يصنفهم القانون الإسرائيلي بأنهم مقيمين في القدس الشرقية وليسوا مواطنين، وتمارس ضدهم سياسات عديدة تؤدي الى هجرتهم بهدف تهويد المدينة وتغير الميزان الديمغرافي لصالح اليهود كفرض الضرائب الباهظة والتمييز العنصري الذي ينعكس في تقديم خدمات الإسكان ورخص المساكن والهدم والمصادرة المستمرة لعقاراتهم. والمجموعة الثانية هم سكان قطاع غزة، والبالغ عددهم حوالي 2 مليون نسمة الذين يخضعون جميعاً للحصار العسكري المشدد منذ عشر سنوات ولا يسمح لهم بالعيش او الانتقال للضفة الغربية او القدس الشرقية المحتلة، يبلغ عدد الفلسطينيون القاطنين حوالي 5 الاف فرد لكل كيلومتر مربع. واما الفئة الثالثة، فهم سكان الضفة الغربية والبالغ عدهم 2.5 مليون نسمة والذين لا يسمح لهم بالسكن في كل من القدس الشرقية المحتلة او قطاع غزة، ومنذ العام 1967 اقرت اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، الكثير من السياسات والقرارات العسكرية التي بموجبها مارست التطهير العرقي البطيء، كعمليات هدم المساكن اليومية وعدم السماح بتطوير 60% من أرض الضفة الغربية والمصادرة اليومية للأراضي لصالح المستوطنات غير الشرعية وغيرها العشرات من السياسات.

واعاد ابو شاويش التأكيد على ان اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ومنذ العام 1967 نقلت ما يقارب 600 الف من مواطنيها للأرض المحتلة بشكل مخالف للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تمنع على دولة الاحتلال نقل مواطنيها للمناطق التي تحتلها، وهم ما يعرفهم القانون الدولي بالمستوطنين، والذين يشكلون تحدي تنموي للفلسطينيين، مدللاً على ذلك بالقول ان مدينة الخليل والبالغ عدد سكانها 200 الف مواطن يعيشون في جحيم لا يطاق من اجل 700 مستوطن من غلاة المتطرفين والعنصريين الإسرائيليين الذين يسكنون قلب المدينة، ويقوم على حمايتهم الآلاف من جنود الاحتلال. والى جانب التحدي التنموي فان المستوطنين الإسرائيليين يشكلون أيضاً تحدياً سياسياً عالمياً، هذا التحدي يكمن في عدم قدرة المجتمع الدولي انفاذ قراراته وإعمال مواد القانون الدولي عندما يتعلق الامر بإسرائيل بينما يفعل ذلك، وقد فعلها مع الكثير من دول العالم التي خالفت وتحدت القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

وختم ابو شاويش كلمة فلسطين بالقول: "ان اسرائيل اعتقلت ومنذ العام 1967 ما يقارب المليون فلسطيني، وانه وفي السابع عشر من هذا الشهر سيخوض الآلاف من الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي اضرباً عاماً مفتوحاً عن الطعام بقيادة المناضل مروان البرغوثي ضد سياسات إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، سائلاً الحضور هل ستتركون آلاف الأسرى الفلسطينيون يموتون جوعاً في السجون الإسرائيلية؟