في الأيام القليلة المقبلة سيكون البيت الأبيض في واشنطن مقراً لحضور عربي نوعي مكثف من خلال اللقاءات التي سيجريها الرئيس دونالد ترامب مع الزعماء العرب الثلاثة كل على حدة، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، والرئيس محمود عباس أبو مازن، وهؤلاء الزعماء الثلاثة فرغوا للتو من القمة العربية التي استضافتها المملكة الأردنية الهاشمية على البحر الميت، وكان لهم دور كبير في بلورة رؤى جدية لسلام الشرق الأوسط المنشود، من خلال الاتفاق الكامل على ادانة الاستيطان الإسرائيلي باعتباره غير شرعي باجماع دولي وضد جهود السلام ومحاولات الخروج عن حل الدولتين الممكن الوحيد، واعطوا دفعة جديدة وقوية لمبادرة السلام العربية وإعادة الاعتبار لبنودها وتراتبية هذه البنود، والتماهي مع الواقع السياسي الجديد الذي تنطلق منه الإدارة الاميركية مع قضايا المنطقة، حيث الأولوية لهزيمة الإرهاب وعدم السماح بالإخلال الاستراتيجي في المنطقة وبذل كل طرف ما يتوجب عليه من جهد في محاربة هذا الإرهاب حتى اسقاطه نهائيا، وعدم الهروب الى مشاريع افتراضية.
ومن المؤكد ان إسرائيل بنسقها السياسي الحالي الذي يقوده نتنياهو على رأس تحالفه اليميني غير راضية عن هذا الحضور العربي الكثيف، وقد بدأت علامات عدم الرضى الإسرائيلي عن الواقع السياسي الجديد الذي يحيط بها من خلال تهديد نتنياهو بالذهاب الى انتخابات مبكرة قبل الموعد المقرر، والأثر الذي احدثه هذا التهديد على مجمل القوى السياسية في إسرائيل، وتوجيهات التصعيد الى حلقة عنف جديدة في قطاع غزة عبر التهديد بحرب او بناء السور العائق حول القطاع او تصعيد الهجمات الاستيطانية ضد الاجماع الدولي بوقف الاستيطان، ورغم ذلك فإن المشهد الإسرائيلي يبدو اكثر ارتباكاً بسبب ان الاسرائيليين عبر هذه السياسة يظهرون انهم غير متأكدين من أي شيء، وان رغبة النجاة الفردية لنتنياهو من مآزقه تبدو عنده اهم من كل الاعتبارات كما رأينا في القرار الأخير ببناء مستوطنة جديدة بدلاً من مستوطنة عمونا التي تمت ازالتها.
الزعماء العرب الثلاثة الذين يزورون البيت الأبيض في الأيام القليلة المقبلة سبق لهم ان تواصلوا مع دونالد ترامب منذ نجاحه بالانتخابات بوسائل كثيرة، سواء الاتصالات الهاتفية او عبر لقاءات مع مبعوثي الإدارة او عبر متابعة خطوات جديدة قامت بها الإدارة الاميركية على الأرض في العراق وسوريا او عبر اجتماعات قيادة حلف الناتو وبالتالي فإن لقاءاتهم في البيت الأبيض هي من اجل بلورة محطة نهائية تكون خطة عمل للمرحلة المقبلة، السلام ممكن وليس مستحيلاً كما يدعي نتنياهو، وتجاهل الحقوق الفلسطينية غير مجد، لأن العالم له رؤى ومصالح وليست الرؤية الإسرائيلية التي تتجاهل الجميع.
من المهم القول إن محاولات الخروج عن الصف العربي واللعب خارج المسموح اخذت اهتماماً كبيراً في القمة العربية، واعتقد ان صغار اللاعبين قد اخذوا إنذاراً بان العابهم ليست سوى هدايا مجانية لإسرائيل، هدايا قد يدفعون ثمنها بشكل قاس اذا عادوا اليها من جديد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها