المضمون: إصرار أبو مازن على حق العودة هو دليل على أنه ليس شريكا.
إن احتمال جسر الفجوات بين إسرائيل والفلسطينيين يقترب من الصفر ففي الأسبوع الماضي فقط، في القمة العربية، طرح قادة الدول مرة أخرى المبادرة العربية على رأس فرحتهم. محظور الاستخفاف بها، محظور رفضها رفضا باتا. ولكن يجدر الانتباه لما قاله أبو مازن: فقد شدد على أنه يجب قبول المبادرة كما هي، بكل أجزائها، وقصد أساسا "حق العودة" وهو يعرف بأنه لا احتمال في أن يوافق أي حكم في إسرائيل حتى لو كان برئاسة ميرتس على ذلك. ورغم ذلك، فانه يكرر الطلب الذي معناه: أنا لست شريكا في السلام.
ولكن محظور تجاهل حقيقتين، الأولى بخلاف مجالات أخرى يتكبد فيها ترامب المزيد فالمزيد من الإخفاقات ففي العالم العربي بالذات بدأ بالقدم اليمنى. العالم العربي السني ليس موحدا إلا في موضوعين: إيران وإسرائيل. في إيران يرى عدوا، في إسرائيل يرى شريكا بشرط أن تتحقق تسوية مع الفلسطينيين. ترامب يتخذ صورة الشريك للعالم العربي في هاتين النقطتين. فالتصريحات المعادية لإيران تصعد درجة والتفاهم المتبلور لتجميد البناء خارج المستوطنات القائمة هو انجاز حتى أوباما لم يحلم به.
هل يوجد احتمال للجسر بين المبادرة العربية وإسرائيل؟ يجدر بالذكر أن في مرة واحدة سبق أن كانت نقطة توافق بين الطرفين. وقد حصل هذا في نهاية العام 2000 بعد أن عرض بيل كلينتون صيغته للسلام. فالمبادئ التي طرحت تضمنت اعترافا بإسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي وحلا لمشكلة اللاجئين ليس من خلال العودة الجماهيرية إلى إسرائيل. وقد ضغط كلينتون على زعماء الدول العربية الهامة – السعودية، مصر، الأردن والمغرب. ونجح الضغط. فالزعماء، على الأقل حسب شهادة الأمير بندر بن سلطان، سفير السعودية في الولايات المتحدة في حينه، تبنوا الصيغة. وكانت هذه المرة الأولى التي يوافق فيها حكام الدول العربية على الاعتراف بدولة إسرائيل كالوطن القومي للشعب اليهودي. كما ان حكومة إسرائيل برئاسة ايهود باراك، اتخذت قرارا دراماتيكيا – ورفعت ردا ايجابيا.
لقد كان الفلسطينيون، ولا يزالون العائق غير القابل للاجتياز. فقد طلبت الدول العربية من عرفات قبول صيغة كلينتون. هذا لم يجدِ نفعا. فقد وافق الفلسطينيون على الدولتين، وليس على الشعبين. هذا هو التفسير لإصرار أبو مازن، في الأسبوع الماضي أيضا على "حق العودة". وعندما يتحدثون اليوم عن حلف إقليمي أو مؤتمر إقليمي أو مبادرة جديدة، ينبغي العودة إلى التوافق العربي القديم في هذا الوضع، حتى لو لم يكن نتنياهو متحمسا لصيغة كلينتون، فان بوسعه أن يسمح لنفسه بالمرونة. لأنه حتى لو قال نعم، فان الفلسطينيين سيقولون لا لن تكون انعطافة من جانب نتنياهو. في أثناء المحادثات التي أدارها مع جون كيري، أبدى نتنياهو مرونة مفاجئة فقد وافق على انسحاب إسرائيلي من 90 في المئة من المناطق. وقد كشف النقاب عن التفاصيل لم يعترف نتنياهو بذلك، ولكنه لا ينفيه أيضا.
مشكوك أن ينجح ترامب وقادة الدول العربية في تحريك الفلسطينيين عن موقفهم. مشكوك أن تصرح الدول العربية علناً بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية /أو التراجع عن مطلب العودة. ولكن يمكن بلورة صيغة متفق عليها من إسرائيل الولايات المتحدة وقادة الدول العربية صيغة رف عملياً، البند الأول في الصيغة ينطلق منذ ألان على الدرب: تجميد البناء خارج البلدات القائمة في المناطق لا حاجة لأكثر من ذلك بكثير من أجل منع المصيبة الزاحفة لدولة واحدة كبرى. يمكن المواصلة بخطوات أخرى تسمح لمدن أخرى في الضفة بالتقدم إلى "نموذج جنين" في الرفاه الاقتصادي.
إن احتمال تحقيق اتفاق سلام، كما ينبغي العودة للقول، يقترب من الصفر – ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد ما يمكن عمله، وانه لا يمكن تحقيق تقدم نحو توافق إقليمي في أن كل شيء ينبغي أن يبقى مثلما هو ألان. الخطوة الأولى كما أسلفنا، انطلقت على الدرب، وإذا كان هذا متفقا عليه وسيتم فهناك أمور أخرى يمكنها أن تتم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها