لا هدف من إعلان حكومة دولة الاحتلال عن إنشاء مستوطنة جديدة الا الاستيطان، أي الاستمرار بالسيطرة على ارض فلسطين تدريجياً باعتبارها جوهر الصراع، فالاستيطان عقيدة (سياسية – دينية) تعتمدها حكومات دولة الاحتلال كمرجعية لإثبات مصداقيتها عند الجمهور الاسرائيلي عموماً، والمتطرفين خصوصاً، والتمرد على الشرعية الدولية وقرارات المجتمع الدولي، وارعاب الفلسطينيين بجرائم حرب مصنفة تحت بند الاستيطان. قد تتصادف أحداث فلسطينية أو عربية او دولية مع اعلان قرار لحكومة دولة الاحتلال اسرائيل ببناء مشروع استيطاني جديد، وتفسير ذلك امر واحد فقط، اي رسالة مفادها: انتم تخطون على الورق ما تريدون، أما نحن فننشئ على الأرض مخططاتنا!!.

لا تستخدم حكومات دولة الاحتلال الاستيطان اليهودي في بورصة السياسة الخاضعة لقانون الربح والخسارة وانما سبيلاً لاستعراض قدرتها على الهيمنة، واخضاع مشيئة العالم لمشيئتها كلما استطاعت ذلك، فحكومة نتنياهو اعلنت عن بناء مستوطنة بديلة لبؤرة عمونا في ظل تسريبات صحفية اسرائيلية عن تفاهمات شفوية مع ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول التوقف عن اعلان إنشاء مستوطنات جديدة، اي استمرار العمل بالقائم حالياً، وبما ان رئيسة الاتحاد الأوروبي موغيريني اكدت في آخر لقاء مع رئيس دولة فلسطين قبل ايام ان الاستيطان لا شرعي، ويدمر عملية السلام، وبما ان القمة العربية في المملكة الاردنية الهاشمية أكدت على قرار مجلس الأمن 2334 وأعادت  القضية الفلسطينية الى موقع الصدارة، وبما ان الفلسطينيين كانوا يحيون ذكرى يوم الأرض، ذكرى تضحيتهم لمنع تهويدها، فقد  لجأ نتنياهو الى القصف في الاتجاهات الأربعة، ولكن ليس بالأسلحة والقذائف النارية، وانما بما هو اشد تدميراً وفتكاً بمشروع السلام والاستقرار في المنطقة.

 لا يمكن للفلسطينيين الاستمرار في تبني اي عملية سياسية  والاستمرار بتلبية متطلباتها واستحقاقاتها كما وردت في اتفاق اوسلو، ما لم تتوقف جرافات اسرائيل المحروسة بدبابات جيشها عن اغتصاب اراضي الفلسطينيين العامة والخاصة على حد سواء.

 أما الدول العربية التي استطاعت جاذبية حركة القيادة الفلسطينية السياسية وحكمة الرئيس ابو مازن  انقاذ بعضها من الانخراط في (حل اقليمي) فصلته اسرائيل على مقاسها على حساب  القضية الفلسطينية، فإن دوام الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي بدول حل الدولتين الذي اقرته قممها العربية، فإنها ستجد صعوبة في التفرغ لمواجهة موجات الارهابيين والمتطرفين المتصاعدة، التي فيما يبدو تعمل وفق اجندة مصلحة مشتركة مع اسرائيل. ستجد اوروبا صعوبة بالغة قد تصل الى حد المستحيل في اقناع العالم بمؤازرتها في الحرب على الارهاب، فيما ارهاب دولة الاحتلال باحتلالها واستيطانها منبع ذرائع الجماعات الارهابية ومبررات جرائمها ضد الانسانية!. ستجد الادارة الاميركية الجديدة نفسها عاجلاً أم آجلاً، بمعضلة وهي تبحث عن حل لمعادلة التوفيق بين مصالحها في المنطقة، واستمرار دعمها اللامحدود واللامشروط لاسرائيل، فاستمرار احتلال اسرائيل لاراضي دولة فلسطين واستعمارها الاستيطاني لن يوفرا فرصة لاقناع شعوب الدول العربية بجدوى العملية السياسية، والسلام، وستبقى عقلية الحرب والعنف الدموي مسيطرة، ولن يكون هناك خاسر على المدى البعيد اكثر من الولايات المتحدة الأميركيةـ الا اذا عملت ادارة ترامب على تبييض صفحتها مع العرب، ونشدت علاقة متكافئة مع الدول العربية وشعوبها، والانتصار لقيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاقرار بحقوق الفلسطينيين كما اقرتها الشرعية الدولية، ومنع دولة المستوطنين في اسرائيل من دفن القانون الدولي حياً.