منذ تولي حكومة نتنياهو المتطرفة مقاليد الحكم في إسرائيل تصاعدت حدة الحرب الاستيطانية ضد الأراضي الفلسطينية لوضع العصا في دواليب عجلة السلام في المنطقة، مما دفع القيادة الفلسطينية آنذاك لوقف المفاوضات السياسية مع دولة الاحتلال ورهنت عودتها بتجميد الاستيطان والإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى المتفق عليها مسبقاً
وفي تحد جديد للمجتمع الدولي والعربي ومواصلة الحرب على الشعب الفلسطيني ولقرار 2334، واستكمالاً للمخطط الإسرائيلي بتقويض حدود الدولة الفلسطينية الذي بدأ ببناء جدار الفصل العنصري صادق الكنيست الإسرائيلي على قانون شرعنة الاستيطان في الضفة الغربية، هذا القانون الذي بموجبه يمنع رفع قضايا في المحاكم الإسرائيلي ضد مصادرة الأراضي الفلسطينية، وتقويض صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية، ويعتبر هذا القانون كل أرض يصادرها الاحتلال هي أرض إسرائيلية وملك لدولة الاحتلال، مما يقلل من مساحة الأراضي الفلسطيني ويقوض حدود الدولة الفلسطينية، وبالتالي نسف كامل لعملية السلام التي هي بالأصل تعيش في حالة موت سريري، فبين الفينة والأخرى تصادق حكومة الاحتلال على مصادرة مئات الدونمات من الأراضي الفلسطينية لإقامة مستوطنات عليها كان آخرها المصادقة على مصادرة 1162 دونماً من أراضي الضفة وكذلك النية في إقامة جدار حول مدينة الخليل سيلتهم مئات الدونمات من أراضي المواطنين لفرض وقائع جديدة على الأرض
حرب عدوانية ممنهجة يقودها نتنياهو ضد الشعب الفلسطيني ويحظى بدعم أمريكي ودولي من خلال صمت المتجمع الدولي الذي لا نسمع منه سوى عبارات التنديد والشجب والشعور بالقلق المزمن تجاه العدوان الإسرائيلي المتنوع ضد شعبنا الفلسطيني، إلا بعض المواقف الدولية رغم أنها لم ترتقي لمستوى الرد المطلوب تجاه حجم الحرب الاستيطانية، كل ذلك دليل حقيقي على أن إسرائيل لم يعد لديها أي قناعات بأن للفلسطينيين حق في إقامة دولتهم الفلسطينية، وكل ما يهمها هو كيفية الاستحواذ على الأراضي الفلسطينية ومصادرة الحقوق الفلسطينية، ولو نظرنا للمواقف الأمريكية على وجه التحديد نرى أنها مواقف متناقضة، فقبل أيام صدر بيان البيت الأبيض الذي اعتبر الاستيطان لا يشكل عائقاً أمام عملية السلام واليوم ينتقد ترامب الاستيطان معتبراً أن الإفراط في الاستيطان سيقلص من مساحة الأراضي الفلسطينية المتبقية، فالتصريح الأخير سبق زيارة نتنياهو للبيت الأبيض التي سيناقش فيها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس
في خضم هذه الحرب الاستيطانية الخطيرة يتطلب الأمر أن يصبح الموقف الفلسطيني موحداً ليكون قوياً، وأن يتم العمل على تقوية السلطة الفلسطينية لتكون مهيأة لأي رد فعل أمريكي أو إسرائيلي في حال اتخذت السلطة الفلسطينية قرارات جريئة تجاه ما تمارسه إسرائيل، فبدلاً من توجيه النقد وتحميل المسؤولية للسلطة الفلسطينية عما يجري في الضفة الغربية وعدم قدرتها على التصدي للاستيطان، فمن الأولى أن تتعاون جميع الفصائل الفلسطينية لاتخاذ موقفاً موحداً بعيداً عن حالة الانقسام المشؤوم، والاتفاق على برنامج يتضمن سلسلة خطوات يتم من خلاله التوجه للمحكمة الجنائية الدولية ورفع قضايا على دولة الاحتلال وتكليف لجنة فلسطينية وعربية لمتابعة هذا الأمر.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها