إحياءً للذكرى الثلاثين لاستشهاد القائد علي أبو طوق ورفاقه الذين استشهدوا دفاعاً عن مخيّم شاتيلا، وتضامناً مع شعبنا العربي الفلسطيني في أراضي العام 1948 الذين يتعرَّضون لهجمة عنصرية إسرائيلية تستهدف وجودهم، وإحياءً للتراث الفلسطيني القديم من أغاني وطنية وثورية ودبكات تراثية، نظَّمت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في بيروت مهرجاناً فنياً تراثياً، أحيته فرقتا "حنين للأغنية الشعبية" و"البيادر للتراث"، وذلك في ساحة قاعة الشعب في مخيّم شاتيلا، مساء الجمعة 3\2\2017.

وتقدَّم الحضور قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، وقيادة منطقة بيروت والأطر التنظيمية الفتحاوية كافةً، وممثّلو فصائل الثورة والقوى الإسلامية الفلسطينية، وممثلو اللجان الشعبية والقوى الأمنية والأمن الوطني في بيروت، وممثّلو المؤسّسات الأهلية الفلسطينية، ووجهاء وفاعليات مخيّم شاتيلا، وحشد جماهيري كبير.

وبدأ المهرجان بالوقوف دقيقة صمت مع قراءة سورة الفاتحة لأرواح الشهداء، تلا ذلك الاستماع للنشيدَين الوطنيَّين اللبناني والفلسطيني ونشيد حركة "فتح" بصوت المجموعة لفرقة حنين، ثُمَّ كانت كلمة حركة "فتح" ألقاها مسؤول إعلام الحركة في بيروت حسن بكير، جاء فيها: "نرحِّب بكم في مخيَّمكم، مخيّم شاتيلا، مخيّم الصمود الذي سطّر أروع ملاحم البطولة في ذكرى أليمة على قلوبنا جميعاً.. ذكرى مرور ثلاثين عاماً على استشهاد القائد الشهيد علي أبو طوق ورفاقه الشهداء الذين استشهدوا دفاعاً عن القرار الوطني المستقل، وعن كرامة شعبنا الفلسطيني. عامان من الحصار والقصف المدمِّر والتجويع لم تستطع خلالها القوات الغازية والمحاصِرة للمخيَّم مصادرة القرار الفلسطيني، وبقي شاتيلا واقفاً شامخاً وشاهداً على العنفوان الفلسطيني، وتجلّى الصمود بتلاحم جميع الفصائل والأهالي مسطّرين أروع ملاحم البطولة والفداء ضد حرب فُرضَت عليهم. ونحن بإحيائنا لهذه الذكرى إنّما نحيي أيضاً ذكرى انتصار الدم على السيف، انتصار الحق على الباطل.. 27-1 هي ذكرى انتصار مخيّم شاتيلا، وهذه ذكرى يجب أن يعتزَّ بها كلُّ فلسطيني".

وأضاف: "في ذكراهم الثلاثين نوجِّه التحية لكل الشهداء الذين استشهدوا والذين شاءت الأقدار أن يرقدوا هنا، في المخيّم الذي استبسلوا دفاعاً عنه، في مقبرة الشهيد علي أبو طوق،  كي نتذكّرهم دائماً ويكونوا بيننا.. كما نوجِّه التحية للجرحى ولأولئك الذين دافعوا عن المخيّم وما زالوا أحياء ليرووا قصص البطولة والتضحية والفداء لأبنائهم".

وتحدَّث بكير عن معاناة الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلَّة قائلاً: "شعبنا في أراضي الـ48 يتعرَّضون اليوم لأشرس هجمة عنصرية إسرائيلية تستهدف أرضهم التاريخية، ووجودهم في أراضيهم، وأمنهم واستقرارهم، والعبث بمستقبلهم على طريق اقتلاعهم وتشريدهم. كما يعاني شعبنا في الضفة والقدس من عمليات القتل والزج في المعتقلات الإسرائيلية، ومن التضييق وسياسة هدم المنازل. هذه السياسة التي تتَّبِعُها الحكومة الإسرائيلية بصورة ممنهَجة زادت وتيرتها في الآونة الأخيرة داخل الخط الأخضر وخاصة في المنطقة "ج" من الضفة الغربية، بزعم أنها بُنيَت بصورة غير قانونية، رغم الاحتجاجات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي. واللافت أنَّ نتنياهو يصف البناء العربي بأنه مرضٌ يجب التخلُّص منه، مهدِّداً بتوسيع رقعة الهدم في الأيام القادمة.

وتحاول سلطات الاحتلال إظهار أنَّ سياسة هدم المنازل العربية إنّما هي (إجراءات قانونية) بينما الغرض منها التضييق على الفلسطينيين. إنَّ هذه السياسة القمعية العنصرية الصهيونية، هي سياسة ممنهَجة وتصعيدية، الهدف منها إجبار الفلسطينيين على الهجرة أو قبول (غيتوهات) يُحشَرون فيها إلى حين الترحيل أو التهجير.

من جهة أخرى، أبرزَ تقرير صدر مؤخراً لوكالة (التنسيق الإنساني) التابعة للأمم المتحدة خطورةَ سياسة الهدم التي تمارسها سلطات الاحتلال، وأشار إلى أنَّ هدم البيوت في الضفة الغربية تضاعفَ في العام 2016 مقارنة بالعام 2015، إذ بلغ عدد البيوت المهدومة (1089) بيتاً، ونجم عن ذلك تشريد (1593) شخصاً، وتأثَّرت حياة (7000) شخص آخر. كذلك أظهرت تقارير أوروبية، تُعنَى برصد حقوق الإنسان، أنَّ معدل الهدم الشهري للمنازل المموَّلة جزئياً من منظمات أوروبية بلغ (165) بيتاً، بزيادة بلغت أكثر من ثلاثة أضعاف معدل الهدم الشهري خلال الفترة الممتدة ما بين عامَي  2012 – 2015 إذ كان (50) منزلاً يُهدَم كل شهر.

وفي العام 2016 هدمت السلطات الإسرائيلية 1089 منزلاً ومنشأةً في الضفة الغربية والقدس، وهناك إخطارات هدم لأكثر من 657 منزلاً ومنشأة في الفترة نفسها، وتشير التقارير إلى أنَّ ثلث منازل المدينة المقدسة مهدّدة بالهدم، والهدف من ذلك ترحيل المقدسيين وإحلال المستوطنين مكانهم".

وأردف بكير: "يوم الجمعة 23 كانون الأول 2016 وافقَ مجلس الأمن الدولي بأغلبية أربعة عشر صوتاً من أصل خمسة عشر صوتاً، وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، على قرار بوقف الاستيطان الفوري في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، هذا القرار الأممي قابلَتهُ الحكومة الإسرائيلية بإصدار المزيد من قرارات بناء المستوطنات والهدم ومصادرة الأراضي الفلسطينية. أقول إنَّ إسرائيل لم تكن لتتمادى بإجراءاتها التعسُّفية والتعدي على المدينة المقدَّسة والمقدسيين وعلى الأماكن المقدَّسة الإسلامية والمسيحية لو كنا موحَّدين، لذا باتت الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام مطلَباً ضرورياً وهاماً.. ومن هنا نطالب جميع فصائل العمل الوطني بالتوحُّد حول إطار وطني جامع، وأعني بذلك منظمة التحرير الفلسطينية، الممثِّل الشرعي الوحيد لشعبنا الفلسطيني لمواجهة المشروع الصهيوني.

وأختمُ بتوجيه التحية إلى القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عبّاس وإلى الأسرى والمعتقلين في المعتقلات الإسرائيلية وإلى شعبنا على الأراضي الفلسطينية كافةً، ولحركة "فتح" التي تتَّبع أساليب النضال التي تتناسب والمتغيّرات والمناخات الدولية والإقليمية كافة. والتحية إلى شعبنا الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وأخصُّ شعبنا في لبنان وسوريا الذين يعانون الأمَرَّين.. التشرُّد والمعاناة والفقر والبطالة.

وإنَّها لثورة حتى النصر والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".

هذا وقدَّمت فرقة "حنين" مجموعةً من الأغاني الوطنية الحماسية لامست مشاعر الحضور في الصميم حيثُ قامت بعض النسوة بنصب الدبكات وهنَّ يحملن البنادق. كما غنَّت المجموعة أغنية "عهد الله ما نرحل" وعدداً من الأغاني الثورية، وأدّى الفنان محمد آغا "اشتقنالك" وهي أغنية جديدة للفرقة موجَّهة للرئيس الرمز ياسر عرفات وللرئيس القائد محمود عبّاس، أمَّا سحر سبلاني فقد غنَّت أغنية "أنا فلسطينية"، فيما غنَّت روان "عاليادي".

بدورها قدَّمت فرقة البيادر سكتش "منع الآذان"، وهو مقطع مسرحي قصير رائع يروي معاناة الأسرى وتعذيبهم والإجراءات الإسرائيلية بحق المواطنين لمنع الآذان. كما قدَّمت الفرقة مجموعة من الأغاني الشعبية من وحي الفلكلور الفلسطيني، ومجموعة من الدبكات كدبكة: "السعراوية" و"الفرادية" ودبكة "عالوحدة ونص".