التواجد في المسجد الأقصى ومحبته كان سبباً لاعتقال السيدة سحر النتشة (48 عاماً)، وعزلها 11 يوماً في السجن الانفرادي، إضافة الى الحبس المنزلي وصولا الى السجن الفعلي.

تهم أخرى حاول المحققون إلصاقها بالنتشة الا ان السبب الرئيسي لاعتقالها هو محبتها للأقصى، الذي لا يمكن ان تبعد عنه، حتى لو أبعدت أو اعتقلت، فهو يسكن داخلها وروحها معلقة فيه.

وفي لقاء مع السيدة النتشة التي تستعد لقضاء مدة السجن الفعلي لثلاثة أشهر، قالت أن المحققين وجهوا لها تهما عدة منها التحريض على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" بوضع مشاركات اعتبرت تحريضية عن "الشهداء بكتابتها "الشهيد يمشي على الأرض"، وصورة لعمليات طعن ودهس وإلقاء حجارة"، ووصايا الشهيد بهاء عليان، الا أن سبب الاعتقال "تواجد في المسجد الأقصى والتحريض على الأرض".

وتقول النتشة :"بدأ ارتباطي بالأقصى في حلقات العلم عام 2011 ففي السنة الأولى والثانية تعلمت التجويد، وحصلت على شهادتين بذلك، واستمر تواجدي فيه 5 سنوات تعلقت به لأقرأ وأتعلم القرآن، كنت اذهب إليه منذ الصباح الباكر وأعود الى المنزل بنشاط وحيوية، وكان للأقصى انعكاس ايجابي على منزلي وأولادي، وقد استمددت القوة من الأقصى فهو بركة في وقتي وأولادي، أما الآن فاشعر بفراغ كبير..".

اعتقالات متكررة.. وابعاد عن الاقصى

اعتقلت السيدة النتشة 3 مرات.. خلال الفترة الماضية، والسبب "التواجد في المسجد الأقصى والصلاة فيه حيث محاولة إبعادي عنه وتخويفي من التواجد والصلاة فيه، وتعرضت للاعتقال في إحدى المرات من باب المجلس -احد أبواب الأقصى- وافرج عني بشرط الإبعاد عن الأقصى لمدة أسبوعين، كما اعتقلت من داخل المسجد الأقصى بعد الاعتداء علي بالضرب وأفرج عني بعد تدخل الأوقاف الإسلامية بشرط الإبعاد شهرين عن الأقصى "تقول النتشة".

وضمن محاولات سلطات الاحتلال منعها من التواجد في الأقصى، وضعت النتشة أواخر عام 2015 ضمن "القائمة السوداء" التي أصدرها قائد الشرطة لمنع عدد من الأشخاص من الدخول الى الأقصى، حيث قالت :"خلال محاولتي الدخول الى الأقصى منعت بحجة أني ضمن القائمة السوداء، فبكيت بشدة وكأني فقدت شخصاً عزيزاً، وأنا محرومة من الدخول الى الأقصى مدة عام وشهرين".

عزل انفرادي وتضييق..

أما المدة الأطول والأصعب على السيدة النتشة فكانت بالاعتقال والعزل الانفرادي مدة 11 يوماً، وذلك بتاريخ 21-3-2015 بالقرب من باب حطة، حيث تعرضت للتحقيق 6 مرات وتناوب على ذلك 8 محققين وتنقلت من سجن الرملة الى المسكوبية بسيارة البوسطة.

وعن ظروف السجن والتنقل قالت النتشة :"تعتبر البوسطة مأساة بحد ذاتها، بسبب منع شرب الماء أو الذهاب الى دورة المياه، عدا عن القيود بالأيدي والأقدام طوال الوقت ويستمر ذلك لساعات طويلة".

وقالت :"مررت بظروف صعبة، فلم أشرب الماء ليومين، وكانت الفرشة رقيقة وسيئة (أقل من 2 سنتيمتر) ومبللة ورائحتها عفنة، وبداخل الغرفة يتواجد الحمام المتسخ بفعل القاذورات وعظام الدجاج، لكني أخذت قوتي من القرآن الذي لم اتركه".

وأضافت :"خلال اعتقالي تمت مداهمة المنزل ومصادرة الأجهزة والهواتف، وتم فحص جميع ما صودر، لكن ذلك كان محاولة لتضخيم الموضوع، وقد تركز التحقيق على الصور التي اقوم بالمشاركة لها والأختام عليها على صفحة الفيسبوك، كما تم التحقيق عن نساء اخريات".

ولفتت النتشة أن المحققين ركزوا على صورة قديمة نشرتها على صفحتها لعمليات (دهس وطعن والقاء حجارة)، مؤكدة خلال التحقيق أن حسابها "الفيسبوك" تعرض للسرقة وتم وضع الصورة وهي لم تنته لذلك، حتى حقق معها حولها.

الحبس المنزلي..

وبعد ذلك أفرج عن النتشة وبقيت في الحبس المنزلي المفتوح حتى صدر الحكم عليها نهاية شهر تشرين ثاني الماضي، بالسجن الفعلي لمدة 3 أشهر. وخلال الحبس المنزلي عقدت حوالي 8 جلسات بين تأجيل ومرافعات وقراءة لائحة اتهام.

والى ذلك تقول السيدة النتشة :"الحبس المنزلي تدمير للنفسية وكأنك تعيش في عالم آخر، في إحدى المرات خرجت من المنزل الى المحكمة، شعرت بحزن شديد بالوحدة والغربة وأنا في المدينة، لم اتمكن من الذهب الى الطبيب للعلاج، أبنتي أنجبت ولم اتمكن من الذهاب معها، زوجي ذهب الى المستشفى يومين ولم اتمكن من التواجد معه والعناية به، وابني كان طالب بالثانوية العامة ولم اتمكن من التواجد في حفلة تخرجه من المدرسة".

وأشارت أن الاحتلال منعها من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والهواتف الذكية، كما منعها من التواصل مع الصحافة، طوال فترة الحبس المنزلي (8 أشهر).

وأكدت أن الحبس المنزلي يأتي للحد من حرية الكفيل، وهو ليس لشخص فقط إنما لاسرة كاملة.

السجن الفعلي..

وتستعد النتشة لقضاء مدة 3 أشهر في الحبس الفعلي، وهي فترة تعتبر من أصعب فترات حياتها، لأنها ستترك عائلة خلفها بحاجة لرعاية واهتمام، وستبعد عن الأقصى.

وتقول :"سأترك بيتي وزوجي المريض وأترك الاولاد..اعتقالي ظلم.. لماذا اعتقالي والحكم علي فقط لاني اتواجد في المسجد الأقصى..".

وتؤكد النتشة أن الحكم والحبس المنزلي لم يكسر أرادتها لأن الأقصى هو العقيدة، لكن أكثر ما ستفتقده هو تواجدها في الأقصى والتمتع بروحانية الاقصى".

وأوضحت ان ابعادها عن وملاحقة حلقات العلم التي كانت تعقد في المسجد الاقصى أدى الى تفكك "أسرتها" الثانية، لأنها تعتبر نفسها مع أخواتها المشاركات في حلقات العلم أسرة واحدة، هدفها تعلم القرآن والتجويد والصلاة في الأقصى، مشيرة أن الذهاب الى السجن بمثابة الذهاب الى مجهول.

معنويات عالية رغم تضييق الاحتلال..

ورغم تعرضها للاعتقال والحبس المنزلي وصولا الى السجن الفعلي، عدى عن التهديدات والتهم، والتضييق على زوجها المريض بحرمانه من "تأمين العجز" كونه يعاني من تلف بالأعصاب، الا أن معنوياتها عالية.

وقالت :"أوصي الاولاد بأن يهتموا بأنفسهم وبوالدهم، وأوصتهم بالتماسك خاص أن غيابها كأم سيترك أثراً كبيراً، وهو ما يهدف اليه الاحتلال، لأن الأم اساس كل بيت وأسرة، وباعتقالي يفككون الأسرة"، كما أوصتهم بزيارة الأقصى والصلاة فيه.

السيدة سحر النتشة أم ل6 بنات وأبن واحد (اكبرهم 28 عاماً وأصغرهم 14 عاماً)، ولديها 12 حفيداً.

ولم يكتفي الاحتلال بالحكم على السيدة النتشة بالسجن لمدة 3 أشهر، إنما أعاد فتح ملف "الاعتداء على عضو الكنيست عن البيت اليهودي "شوليه معلم رفائيلي" ومن المفترض أن تعرض على المحكمة مجددا، حيث تصدت مجموعة من المصلين لعضو الكنيست لدى صعودها الى ساحة قبة الصخرة بالهتاف وحينها اعتقلت النتشة وتعرضت للاعتداء.