كشف مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" عن كبرى عمليات الترحيل التي تشهدها مدينة القدس المحتلة في هذه الفترة، وخاصة في حيّ بطن الهوى الواقع في قلب بلدة سلوان.

وجاء في تقرير للمركز أنه في حيّ بطن الهوى تحدث كبرى عمليات الترحيل التي تشهدها شرقي القدس في هذه الفترة، وحتى الآن تم تقديم دعاوى إخلاء ضدّ 81 أسرة فلسطينية تعيش في الحيّ منذ عشرات السنين.

وأشار إلى أنه منذ أن سلطات الاحتلال تتبع من أن ضمّت "إسرائيل" شرقي القدس، سياسة تميز ضدّ السكان الفلسطينيين، وتعمل بشتّى الطرق على زيادة عدد اليهود الذين يعيشون في المدينة، وخفض عدد الفلسطينيين، من أجل خلق واقع ديمغرافي وجغرافي من شأنه استباق أيّة محاولة مستقبلية لتحدّي السيادة الإسرائيلية على المدينة.

وأوضح أن سلطات الاحتلال صادرت آلاف الدونمات من السكان الفلسطينيين، وبنت 12 حيّا خصّصتها لليهود فقط، وذلك في الأراضي المحتلة التي ضمّتها "إسرائيل".

وقال "إضافة لما يعانيه جميع سكان شرقي القدس من نقص في المساكن والميزانيات والبنى التحتية والخدمات، تجنّدت في السنوات الأخيرة الوزارات المختلفة وبلدية الاحتلال لمساعدة الجمعية الاستيطانية "عطيرت كوهانيم" لطرد أسر فلسطينية تقيم في حي بطن الهوى، ولتوطين المستوطنين اليهود مكانهم.

وأضاف أن المحاكم الإسرائيلية شرعنت هذا الواقع بجميع جوانبه، علمًا أنّها توفّر بذلك غطاءً قانونيًّا لعنف الدولة المنظّم والهادف لتحقيق غاية مخالفة للقانون: "الإزاحة القسريّة لسكان محميّين من منازلهم في أرض محتلة".

وأجرى مركز "بتسيلم" دراسة للحيّ وعيّن العمليات التي تجري في الحيّ، حيث أفادت نتائج الدراسة بأنه قد جرى تقسيم الحي إلى نحو 50 قسيمة، تسعة منها نُقلت إلى "عطيرت كوهانيم" وخمسة أخرى يسكنها المستوطنون بشكل فعليّ.

وبينت الدراسة أن جمعية "عطيرت كوهانيم" قدمت حتى الآن دعاوى إخلاء (معظمها في عام 2015) ضدّ 81 أسرة، تعيش جميعها في قسيمة رقم 96 الممتدّة على مساحة 2.6 دونما، في وسط الحي، إضافة إلى عائلتين فلسطينيّتين تقيمان في قسيمة رقم 84، فرضت عليهما البلدية غرامات مالية وأصدرت أوامر هدم لقسم من مساكنهما، بحجّة دخول أراضٍ تملكها الجمعية الاستيطانية.

وذكرت أن أعضاء الجمعية يملكون بشكل فعليّ ستّة من مباني الحيّ تشمل 27 وحدة سكنية، أقامت في معظمها سابقًا أسر فلسطينية، وطرد الفلسطينيين من المنازل التي أقاموا فيها منذ عشرات السنين، بادّعاء تطبيق القانون، إذ كانت المنازل لليهود قبل حرب عام 1948، حيث سيجبر بعض سكان الحي أن يعيشوا مجدّدًا تجربة اللجوء، بعد أن طُردوا من منازلهم في هذه الحرب.

وجاء في التقرير أنه في عام 2011 بدأت جمعيّة "عطيرت كوهانيم" سعيها إلى الاستيلاء على الأملاك وإقامة مستوطنة يهودية في حيّ بطن الهوى.

 وتعتمد هذه الجمعية في تحقيق ذلك مزيجًا من قوانين ثلاثة، سنّتها "إسرائيل" منذ 1948، تسمح لليهود فقط بمطالبة الوصيّ العام باستعادة حقّهم على أملاك كانت في حوزتهم قبل 1948، وبقيت خارج حدود الدولة بعد الحرب، وتقع في الأراضي التي جرى ضمّها.

وفي مسار آخر، يعمل المستوطنون مباشرة مع الوصي العام لكي يبيع لهم أملاكهم في الحي، وهي عادة أملاك يقيم فيها الفلسطينيون، فيبدأ المستوطنون بإجراءات لطردهم من المنزل، ولكنّ "إسرائيل" لا تسمح في المقابل لأصحاب الأملاك الفلسطينيين باستعادة حقّهم على أملاك كانت في حوزتهم قبل 1948.

وفي عام 2001، صادقت المحكمة المركزية في القدس على قرار الوصيّ العام نقل إدارة "وقف بنبنيشتي" لجمعية "عطيرت كوهانيم"، وهو وقف يهودي عمل في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

وفي عام 2002، أطلق الوصيّ العام ليد سلطة الوقف قسيمة رقم 95 وقسيمة رقم 96، حيث تعيش اليوم الأسر المهدّدة بالطرد، وفي عام 2005 باع الوصيّ العام للجمعية أرضًا أخرى بمساحة ثلاثة دونمات (قسائم 73، 75، 84 و97)، حيث تعيش نحو عشر أسر فلسطينية أخرى.

وبحسب التقرير، "عمل الضغوطات الممارَسة على الأسر التي تسكن في ملك يدّعيه المستوطنون لأنفسهم كمكبس ثقيل يضعها أحيانًا كثيرة أمام خيارين في منتهى القسوة، إمّا الموفقة على الإخلاء مقابل مبالغ ماديّة كبيرة، أو رفض المغادرة والمجازفة بذلك بفقدان الملك (وهو احتمال فعلي، حيث طردت أسر أخرى في الحيّ)، وتراكم الأعباء المالية والتعرض للتنكيل".

وقال التقرير إن دخول المستوطنين إلى الحيّ أدّى إلى تغييره، حيث يعاملون السكان الفلسطينيين بعنف، يهدّدونهم، ويعتقلون القاصرين ويعرقلون مجرى الحياة في الحيّ، وكلّما تعمّق وجود المستوطنين في الحيّ ازداد يوميًّا عدد الفلسطينيين المتضرّرين من النظام الأمني الذي يقيمه المستوطنون، وإن لم يُطرّدوا من منازلهم.

ووفق التقرير، فإن المستوطنة التي تقوم "عطيرت كوهانيم" على تطويرها بالحيّ تشكّل جزءًا لا يتجزّأ من مساعي السلطات والجمعيات الاستيطانيّة لتهويد حوض البلدة القديمة -في الحيّ الإسلامي بقلب البلدة القديمة والأحياء الفلسطينية المحيطة بها.

ولفت إلى أن نحو 2800 مستوطن يعيشون حاليًا في نحو 140 مبنىً في قلب الأحياء الفلسطينية في البلدة القديمة ومحيطها – وهي منطقة يعيش فيها نحو مائة ألف فلسطيني.

وتبين من إفادات سكّان الحيّ، التي جمعها "بتسيلم"، أنه منذ بدء الاستيطان في الحي عام 2004، يواجه سكّانه الأصليّون صعوبة في ممارسة حياة طبيعية، حيث أن سلوك المستوطنين وحرّاسهم برعاية قوّات الجيش، يعيق وصول السكان في الوقت المناسب إلى أماكن العمل والمدارس، ويعرقل إدخال البضائع إلى مصالحهم التجارية.