ان قضيتنا الفلسطينية قضية عادلة، وعملت حركة فتح منذ انطلاقتها في عام 1965م، على تجسيد شعار التحرير على أرض الواقع، واستمرت نجاحات الثورة الفلسطينية على المستوى العربي والإقليمي والدولي، وبعد عام واحد من عقد المؤتمر العام الخامس للحركة – تونس 1987م-  وفي العام 1988 أعلن المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر رسميا استقلال الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلتها (إسرائيل) عام 1967م.

وبعد أيام قليلة سوف ينطلق المؤتمر السابع للحركة في مدينة رام الله ومن قاعة الشهيد أحمد الشقيري، معلنا عن البرنامج السياسي للحركة بحيث يتمحور بين التكتيك والاستيراتيجية، فهو سوف يُثَبِت حقنا الفلسطيني في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وكذلك قرارات المؤسسات التابعة للأمم المتحدة مثل قرار اليونسكو الخاص بالمسجد الأقصى، وكما أن التكتيك اليومي للمقاومة الشعبية سوف يكون حاضرا، وفاعلا، ولأن دعم صمود شعبنا على أرضنا، وحق اللاجئين في العودة والتعويض، ومساءلة بريطانيا على الخطيئة السياسية التاريخية التي اقترفتها ضد تاريخ وحق شعبنا الفلسطيني.

وتعتبر الوحدة الوطنية والعربية بوابة الاستيراتيجية لحركة فتح وتستمر في ربطها بكافة البرامج السياسية والنضال الفلسطيني، فالوحدة الوطنية هي ركيزة أساسية في استيراتيجية الحراك الدولي والفعل الدبلوماسي ومعركة الدولة المستقلة والالتزام بالمرجعيات الدولية وتفعليها قراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية ومنها قرار 194،338،242، 181، وكما أنها عاملا للنهوض بالتنمية الاقتصادية والسياسية والمجتمعية الفلسطينية ووحدة الكل الفلسطيني وإنهاء الانقسام ومعالجة تداعياته ودعم مؤسسات السلطة لتكون على جاهزية تامة لأي قرارات دولية.

ان التكتيك السياسي الفلسطيني لن يرتبط مباشرة بالتفرد الأمريكي في القضية الفلسطينية، بل يعتبر دعم وجود تعدد الأقطاب الدولية، هو الطريق المطلوب لبلورة إطار دولي ضاغط على الاحتلال وحتى على الأمم المتحدة لتطبيق قراراتها، وهنا يلزم تفعيل كافة المؤسسات الفلسطينية ذات الصلة في الخارج والداخل، وكما أن دعم أهلنا في 48 يتلاقى مع هذا التوجه، كون أن القضية الفلسطينية لها بعدها السكاني وبذلك يعتبر كل فلسطيني في كل مكان هو جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية ومن هنا تتضح معالم الاستيراتيجية الفلسطينية الخاصة بالصمود الفلسطيني فوق أرضه وبتقرير المصير.

وكما أن الاستيراتيجية الفلسطينية والتي يولد منها التكتيك اليومي بالعلاقة مع الدول العربية، لا يعني التقاطع او التصادم، بل يعني تعزيز القرار الوطني الفلسطيني واعتبار القضية هي قضية الكل العربي والإسلامي، دون تدخل فلسطيني في شؤون هذه الدول أو ممارسة هذه الدول أدوارا خارج المفهوم التحرري والمساند للقضية الفلسطينية، وهنا تبرز أهمية تفعيل العلاقات مع حلفاء القضية والثورة الفلسطينية واستقرار العلاقات مع الكل العربي سواء بالأنظمة الرسمية او الشعوب العربية، فلا زال هناك الملايين من أبناء شعبنا في مخيمات اللجوء في الدول العربية، وهنا يفسر معنى الالتحام الفلسطيني العربي في معركة انهاء الاحتلال وقيام دولتنا المستقلة.

ان النظام السياسي الفلسطيني، هو ممارسة سيادية لا تغيب عنه القوانين والأنظمة سواء ما يتعلق بالنظام الداخلي لحركة فتح، أو القوانين الدولية الخاصة بمفهوم المقاومة وحق الشعوب في ممارسة النضال والكفاح، وبالتالي فالنظام السياسي هو الممارسة السياسية والحركية اليومية، وترجمة لتطلعات شعبنا، ويعني بتدبير وإدارة الشأن الفتحاوي والفلسطيني، وقيادة المشروع الوطني والحفاظ على الكيانية السياسية والقرار الفلسطيني المستقل.

وكما أن النظام السياسي للحركة هو الممارسة الاستيراتيجية التي تتعلق بالمصالح والمحددات والأهداف العليا التي تسعى حركة فتح لتحقيقها، وتبدع في كل مؤتمراتها برؤيتها العميقة والمستقبلية، وقدرتها على ربط التكتيك بالاستيراتيجية، وبالتالي فإن ارتباط البرنامج السياسي للحركة في المؤتمر العام السابع بالبرنامج الذي كان في المؤتمر السادس، يعتبر عاملا تكامليا، ويتصل بالانطلاقة الأولى للحركة.

 إن تطلعاتنا في المؤتمر السابع وبما يخص البرنامج السياسي، هو القفز عن الجمود السياسي الحالي، وخلق بدائل فاعلة من أجل رفع مستوى التصعيد اليومي والسياسي بما يخص الحق الفلسطيني، والتقاط كل الفرص والممكنات السياسية، وتكتيك سياسي فاعل وقادر على معالجة الواقع الفلسطيني ومواجهة الاحتلال ومخططاته المستمرة لنشر الفوضى واستمرار الانقسام وإبطاء القدرة الفلسطينية على النهوض بالاقتصاد ونجاح البرامج التنموية، وهذا يحتاج إلى اجتهاد الجميع ومشاركته الفاعلة، والانطلاق نحو ميادين الفعل الفلسطيني ما بين التكتيك والاستيراتيجية .