في الوقت الذي تتسع فيه التسويات والمصالحات بين طرفي الصراع السوري، الحكومة السورية من جهة ومسلحي المعارضة من جهة أخرى ، في مناطق الغوطة الشرقية قضاء العاصمة دمشق مثل داريا والمعضمية، وآخرها قدسيا التي لجأ إليها 6000 لاجئ فلسطيني من مخيم اليرموك ومن باقي المخيمات المتضررة؛ تتعرض معظم المخيمات الفلسطينية الواقعة قضاء دمشق إلى قصف شديد واشتباكات بين قوات الحكومة السورية النظامية ومسلحي المعارضة ، كون هذه المخيمات ملاصقة لأماكن تواجد المعارضة كمخيم خان الشيح أو تتمترس المعارضة بداخله كاليرموك .
ويتصدر مخيم خان الشيح في الآونة الأخيرة قائمة المعاناة، حيث يرزح أكثر من 13000 لاجئ فلسطيني تحت الحصار من قبل الجيش السوري النظامي كون المخيم ملاصقاً لمزارع خان الشيح التي يتواجد فيها مسلحو المعارضة، وبهدف القضاء عليهم من قبل الجيش النظامي السوري.
ويرفض اللاجئون الفلسطينيون في خان الشيح ربط قضيتهم بالوضع الجغرافي لتواجد المعارضة، وعدم حلها، حيث وصل بهم الحال إلى الافتقار لأدنى مقومات الحياة، حتى أن وضع المخيم أخذ يتدحرج نحو اليرموك في مأساويته، واستمرسكانه بالمطالبة بتحييد المخيم ، وبفتح طريق آمن، وإيقاف القصف والاشتباكات التي تسببت بتدمير جزئي للمنازل وبحالات ذعر شديدة بينهم وخاصة الأطفال والنساء، كما طالبوا بتوفير الخدمات الضرورية لهم، وإعادة فتح الأونروا للمدارس التي أوقفتها بسبب الأوضاع .
كما يشدد اللاجئون هناك على أن ترفع الأونروا سقف الإجراءات التي من المفترض أن تكون حامية لهم، وأن لا تراوح مكانها ضمن بوتقة الدعوة فقط  لكافة الأطراف للامتناع عن القيام بالأعمال العدائية  في المناطق المدنية التي يقطنها اللاجئون الفلسطينيون كما جاء في تصريحات مسؤولي الأونروا.
ومن جهة أخرى ومن باب التضييق على اللاجئين الموجودين في مخيم اليرموك، تستمر داعش بإجراءاتها التعسفية المجرمة ضدهم، وآخرها هدم أكثر من 50 شاهدة قبورفي مقبرة الشهداء القديمة؛ بحجة تطبيق الشرع الاسلامي الذي هو منهم براء؛ وهي الطريقة المتبعة من قبل عصابات داعش لاعتياد المشهد مرةً تلو الأخرى، بهدف وصول الأمر بهم لإزالة مقبرة الشهداء بأكملها، دون أي ردة فعل قوية ضدها، مقبرة الشهداء التي تعتبرأحد الرموز الفلسطينية الباقية في المخيم، كونها تضم رفاة شهداء الثورة الفلسطينية وعدد من قياداتها الذين استشهدوا على يد الغدر الصهيوني.
ومن باب تسليط الضوء فذلك يشبه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين الصهاينة في محاولة اعتياد مشهد اقتحام المسجد الأقصى من قبل قطعان المستوطنين دون أي حراك عربي وإسلامي  لجره نحو امتداد مشهد هدم الأقصى بعد حين، والذي من المتوقع أن يأتي عادياً حسب ردات الفعل الحالية .
وإن استمرار تنظيم الدولة الاسلامية المزعومة داعش،  في ممارساتها ضد أبناء شعبنا المتبقين في مخيم اليرموك، من إغلاق المدارس البديلة، وفرض المنهاج الداعشي المتأسلم المنغلق، وفرض الخمار على النساء بحجة دينية، والنيل من حرمة الأموات، لتندرج تلك الأفعال تحت جدلية غوغائيتهم وتطبيق سياستهم المتماشية مع سياسة الاحتلال الإسرائيلي، وأعداء القضية الفلسطينية، حيث تقدم داعش لهم كل ما يجري على طبق من ذهب؛ وكذلك في كل تفاصيل جرائمها ضد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
وما طمس عناصر داعش لصور الشهيد ياسر عرفات بالطلاء، والتي كانت تملأ شوارع المخيم ، وتدمير معدات المؤسسات الإغاثية والطبية، إلا استكمالاً لتطبيق السياسة الهولاكية ، وكذلك سرقة معدات مركز الباسل الطبي القائم في وسط المخيم، الذي كان يعمل نسبياً هناك، ليتعطل العمل الطبي به نهائياً، مع بقاء مشفى فلسطين التابع للهلال الأحمر الفلسطيني بمحدودية خدماته التي تكاد تلامس العدم، وهوالمشفى الوحيد في المخيم الواقع على مقربة من منطقة الحجر الأسود مركز داعش.
تلك الإجراءات التي نلاحظ أن حدتها تزيد كردة فعلٍ إضافية، مع ارتفاع وتيرة الهجوم من قبل الجيش النظامي السوري وحلفائه في القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل، على أماكن تواجد داعش في مخيم اليرموك؛ وامتداد سيطرة حلفاء الجيش النظامي إلى وسط المخيم، وكذلك مع احتدام الاشتباكات بين الأخيرة و جبهة فتح الاسلام من باقي فلول جبهة النصرة الذين بقوا يحاربون ضد داعش هناك .
كما يدخل مخيم خان دنون على قائمة الوضع تحت النيران، بسبب اشتباكات عنيفة في المزارع المحيطة به بين الجيش النظامي والمعارضة المسلحة، وتأثر بعض منازل اللاجئين بوصول رشقات من رصاص الاشتباكات، وانتشار حالة من الخوف والتوتر خشية انجرار المخيم لباقي المخيمات في جنوب العاصمة السورية، علماً أن الأوضاع الاقتصادية في خان دنون متردية انعكاساً للأوضاع في سوريا بشكلٍ عام، وبسبب اعتباره المخيم الأشد فقراً سابقاً وقبل الأزمة السورية، حيث يعتمد سكانه على المعونات المالية والتموينية المقدمة من الأونروا.
إن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا هم ضحية حربٍ لاناقة لهم فيها ولا جمل، لكن الظروف الحالية وضعتهم على مذبح حرية ٍ ليست من نوعية حريتهم، والتي لطالما حاربوا من أجلها ضد الاحتلال الصهيوني الذي اغتصب أرضهم
عام 1948، الحرية الفلسطينية التي قامت شعوب الربيع العربي بتأخير دعمها انشغالاً منهم بأوضاعهم الداخلية، حيث تراجعت إلى آخر بند من أولوياتهم، ونخشى ما نخشاه أن يكونوا قد قاموا بشطبها حتى من أجندتهم، وهذا ما بدا في الست سنوات الأخيرة، ولو جاء في بيان القمة العربية الأخير أن القضية الفلسطينية لا تزال هي القضية المركزية للعرب.
إن المتابع لروزنامة نصر الدبلوماسية الفلسطينية وآخرها اعتراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بأن المسجد الأقصى وحائط البراق تراث إسلامي خالص، ولا علاقة لليهود به، وبالتالي تأمين قرار الحماية من الاعتداءات الصهيونية من قبل الاحتلال الاسرائيلي وقطعان المستوطنين، ليلاحظ  تصعيد الرد الاسرائيلي من الممارسات الاجرامية والاستفزازية في القدس والضفة وقطاع غزة، ويرافقه التناغم لا بل التنسيق مع تنظيم الدولة داعش في مخيم اليرموك على الأرض هناك، وكذلك حركة حماس التي تجند آلتها الإعلامية المفبركة على طريقة أعداء الشعب الفسطيني فتجد سهام الإخوان الحمساويين والحقد الداعشي والإسرائيلي تتجه نحو الجسد الفلسطيني الممتد من أرض الوطن فلسطين حتى أماكن تواجد اللاجئين الفلسطينيين في الشتات.
وإنه ليؤلم  الشعب الفلسطيني أن تصب أهداف الأعداء مع أهداف حركة حماس وهي التي اعتبرها لفترة من الزمن حركة تساهم في حماية المشروع الفلسطيني، لا لتدميره، فالشعب الذي انتخب رئيسه الفلسطيني محمود عباس أبو مازن  بنسبة 63% على برنامجه السياسي الواضح، لا يمكن أن يقتنع أن ممارسات حماس الخالية من الحكمة والإنسانية تصب في مصلحته، وإن الدعاية الحمساوية المنصبة على استهداف الرئيس أبو مازن، يظهر هدفها الوحيد واضح وهو تحطيم الانجازات التي تسهم في تسريع إعلان الدولة الفلسطينية، الدولة التي ستنهي معاناة الشعب الفلسطيني ومعاناة اللاجئين وستعيد كرامتهم التي هدرت على الحدود العربية والدولية، ونتمنى منهم عدم الاستمرار في غوغائيتهم المشابهة لأعداء القضية والمتماشية مع أهدافهم.
إن الشعب الفلسطيني يواجه تحديات عدة على كافة الصعد وفي كل الساحات المتواجد فيها، ولن تتوقف الاعتداءات عليه بأشكالها لطالما أن الانقسام جاثم على صدورهم، فالسبحة الفلسطينية واحدة إذا انفرط عقدها ستلحقها بقية الحبات، فلتتحد الجهود نحو تقوية الصف الداخلي الفلسطيني، وليبق كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو على أرض الوطن تداعى له سائر الجسد في الشتات بالسهر والحمى، والعكس صحيح .