في منزلها ببلدة عسكر في محافظة نابلس، كل شيء يحكي رواية خاصة من التراث الفلسطيني، جاروشة تروي قصة إعداد مواد التموين سابقا، وقنديل يلخص التأقلم مع ظروف الحياة والحصول على الإنارة، وبابور تلاشى من المنازل اليوم لكنه في بيت دويكات يبرق بلونه الذهبي قصة إعداد الطعام سابقا، ثوب فلسطيني يحكي أصالة تراث عمره مئات السنين، أدوات كثيرة في ذات المنزل تكاد تنطق للحديث عن تراث فلسطيني قديم.

توزع كفاح دويكات "40 عاما" معالم التراث الفلسطيني في منزلها بطريقة تظن أنها تتعانق لتشكل لوحة فنية معلنة بتحالفها عنوانا خاصا لهذا التراث، ولتكون هذه اللوحة بمجملها "سفارة" للتراث الفلسطيني على أرض الوطن.

لدى دخولك إلى منزلها يستقبلك ذاك الثوب الفلسطيني المطرز يدويا باللون الاحمر على القماش الاسود ليذكرك بتاريخ اجدادك.

عندما تدخل ذلك المنزل تتلفت لكل الجهات لما يوجد حولك من تراث عريق، فلن تستطع تمالك نفسك من ان تدقق النظر بكل ما هو موجود، من كنب مطرز بألوان التراث الفلسطيني، أو حتى ثريا الحائط والشجرة المكونة من أسماء الأنبياء وخارطة فلسطين المطرزة، وعندما يقع نظرك على الارض تجد السجاد المطرز أيضا بألوان جميلة ففي كل زاوية من زوايا المنزل ستجد رائحة تراث الاجداد متأصلة فيه.

كفاح دويكات من مدينة نابلس لا تجد على وجهها سوى ابتسامة تفاؤل وحب لعملها الذي لطالما تهدف فيه للإبقاء على الموروث التاريخي تقول: "بدأت العمل في التطريز منذ عشرة أعوام، كنت أعمل بمفردي وأنتج كميات بسيطة جدا، وفي بادئ الأمر كنت أعرض ما انتجه في مركز ركن المرأة، حيث لاقت الفكرة صدى واسعًا لدى أبناء الوطن وحتى وصلت لخارج الوطن".

حقائب ومحافظ مطرزة وأثواب جميلة واكسسوارات كل ذلك تنتجه كفاح دويكات لإدخال التراث الفلسطيني عليها واكسابها رونقًا وطابعًا فلسطينيين.

بيديها الناعمتين تقلب الاثواب الفلسطينية واحدا تلو الآخر وتعبر عن سعادتها لتطورها خلال العشر سنوات حتى اصبحت شخصية معروفة لدى الجميع تقول: "لم يقتصر نجاحي في ايصال تاريخ الاجداد الى نطاق دولتنا، بل فاق تصوري حتى وصل النجاح الى بلدان مختلفة فيحدثني اشخاص من دولة مصر ومن تونس، والمغرب، والجزائر معبرين لي عن انتمائهم لهذا التراث العريق وحبهم له".

وتضيف دويكات: "عند قدوم الأجانب او الزوار لأحد معارضي يستهويهم التراث الأصيل فيرغبون دومًا بالحصول على البعض من ما انتجه ليحملوه كذكرى من تراثنا الفلسطيني"، مؤكدة أحاول جاهدة إبراز هذا التراث وايصاله لاكبر عدد ممكن من الدول ليبقى راسخًا في عقول الجميع.

وتوالي: "لا أجد من يمد لي يد العون لدى اقامتي للمعارض في المدينة، فدائما أواجه الصعوبات والرفض عند اقامة اي معرض رغم أنني حصلت على التسهيلات كافة في مدن الضفة المختلفة لاستضافتي في المعارض". 

ورغم الصعوبات التي تواجهها ودعمها لنفسها معنويا وماديا كان بمفردها، إلا أنها لم تحتكر هذا الانجاز لنفسها بل قدمت المساعدة لبعض الفتيات والنساء للنهوض بحالهن الميسور من خلال تطريزهم معها للاثواب والحقائب وأشياء مختلفة، لتعيل كل منهم نفسها بعائد مادي.