تأكيدا على رسالة السلام التي كرسها فينا اسلامنا الحنيف وإحراجا لنهج المجرم نتنياهو قرر الرئيس ابا مازن المشاركة في جنازة شمعون بيرس تلبية لدعوة عائلة بيرس رغم ما توقعناه من حجم الهجوم للعاطفيين والمزايدين والمستثمرين لمشاركة الرئيس لمصالحهم الشخصية والفئوية .
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقادات من كل حدب وصوب ، وكأن الرئيس ابا مازن ذهب على هناك ليطوب فلسطين باسم نتنياهو ، او التنازل عن المقدسات ، ولم يفهم ولن يعرف الناقدين الاشاوس ان رسالة السلام هي الاساس الذي يقوم عليه ديننا وان السلام هو اسم من اسماء الله عز زجل وان تحية الاسلام هي السلام وان ديننا امرنا بان نقابل السيئة بالحسنة .
للتذكير بإحدى مواقف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع جاره اليهودي الذي اعتداد على رمي القاذورات امام منزل النبي الاكرم ، فعندما مرض هذا اليهودي ذهب اليه سيد الخلق مطمئنا على صحته رغم كل ما فعله مع نبينا فما كان من هذا اليهودي إلا ان نطق بالشهادتين اعجابا بخلق المسلمين وتسامحهم .
لا ارى ضرورة لتحميل مشاركة الرئيس ابا مازن في جنازة بيرس وزر مصائبنا وأوجاعنا لأنها لا تدخل في باب البيع والشراء والخيانة كما يحاول بعض الناقدين تصويرها لكنها مجرد مشاركة بروتوكولية تحمل رسائل سياسية في جميع الاتجاهات ، فلطالما نتنياهو اتهم الرئيس ابا مازن بأنه ليس شريك لصنع السلام وها هو الشجاع ابا مازن يحرج نهج نتنياهو ويعريه بهذه المشاركة الرمزية في جنازة بيرس ، ايضا فان مشاركة الرئيس التشييع تحمل رسالة للعالم اجمع مفادها ان الشعب الفلسطيني ليس شعب ارهابي بل هو شعب يعشق السلام والتسامح ويستحق ان يعيش بأمان واطمئنان .
في اعتقادي ان مشاركة الرئيس ابا مازن كانت اهم من وفاة بيرس وجنازته سياسيا ودوليا سيما وان هذه الجنازة تحولت الى بازار سياسي دولي تسلطت الاضواء فيه على رئيس الشعب الفلسطيني بدل من تسلط على كبار الزعماء العالميين وهنا يكمن ذكاء ابا مازن بان استثمر هذه الجنازة لإعادة لفت نظر العالم للقضية الفلسطينية بطريقة حضارية تنسجم مع طريقة تفكير الشعوب الغربية التي لطالما حاول الاعلام الاسرائيلي تشويه صورة الفلسطيني امامها وهنا تكمن الفائدة السياسية من المشاركة في هذه الجنازة .
الرئيس ابو مازن ايضا يقول للعالم اجمع ان نتنياهو لا يستحق ان يكون شريكا لصنع السلام لذلك رفض نتياهو في البداية مشاركة الرئيس لكنه اضطر للموافقة بعد ضغط عائلة بيريس على الحكومة الاسرائيلية لمشاركة الرئيس ابي مازن ، فالرئيس يسعى لإحراج نتنياهو ونهجه امام العالم بهذه المشاركة الرسالة ونتنياهو يعلم ذلك جيدا لكنه لم يستطع منع ابو مازن من المشاركة .
في النهاية قد يكون لمشاركة الرئيس في الجنازة مسا بعواطف بعض العاطفيين وسيسعى اصحاب الاجندات الخاصة والفئوية لاستثمار المشاركة للإساءة له ولحركة فتح وهو ما يحاولون تحقيقه إلا انهم لن يفلحون في سعيهم ولا اريد ان اذكر بموقف الرئيس ابي مازن من عسكرة الانتفاضة الثانية في سنة 2000 والهجوم الذي شنه العاطفيون عليه لكن النتيجة اننا اكتشفنا جميعا ان ابا مازن كان على حق وهو يسبقنا في التفكير عشرات السنين الى الامام وسنكتشف جميعا بعد عشر سنوات مرة اخرى ان الرئيس ابا مازن كان على حق مرة اخرى في مشاركته في جنازة بيريس هذا هو قدرنا ان نكتشف دوما اننا مجحفين بحق الامين على قضيتنا ..
لذلك اقول ان مقتلنا يكمن في اننا شعب عاطفي نحب من يكذب علينا ويحقق لنا الانتصارات الوهمية على ركام وجودنا وجبال جمام اطفالنا وشبابنا، ارجوكم صدقوني عندما اقول لكم ان كل الشعوب التي تقودها عواطفها لا مستقبل لها ، دعونا نغلب عقلنا في التعامل مع قضيتنا لان القدس واللاجئين والأسرى قضايا اكبر بكثير من وضعها في دائرة العواطف فقط لأنه دون العقل والعقلاء لن نتقدم خطوة واحدة للإمام ، واختم قائلا ان مشاركة الرئيس فيها الكثير من إعمال العقل وتغليبه على العاطفة بايجابيتها التي اسلفتها اهم بكثير نواح العاطفة التي يسعى اصحاب الاجندات المشبوهة لاستخدامها واستثمارها للقضاء على ما تبقى من فلسطين ..فلا تظلموا عقلائنا وحكمائنا لأنهم دروعنا
مشاركة الرئيس في جنازة بيرس احراج لنهج نتنياهو: بقلم زيد الايوبي
01-10-2016
مشاهدة: 639
زيد الايوبي
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها