تتعرض أمتنا العربية والإسلامية لأشرس مؤامرة غربية وصهيونية وعالمية من أجل تدمير ما تبقي من مقدراتها وخيراتها وبالأخص تلك الدول العربية التي لازالت متماسكة ولديها بعض الأمن والاستقرار؛ فتسعي بعض الدول الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وروسيا وبعض الدول الأوروبية للقضاء علي ما تبقي من اتفاقية سايسك بيكو عام 1916م، التي قسمت الوطن العربي الكبير إلي عدة دول متفرقة ولكل دولة علم وحدود الخ...!!؛ خدمةً للمشروع الصهيوني في المنطقة العربية؛؛ وبعد مرور قرن من الزمن علي الاتفاقية الاستعمارية المشؤومة بين بريطانيا وفرنسا في ذلك الوقت، تتعرض اليوم الأمة العربية والإسلامية إلي هجمة مبرمجة ومخطط لها، لكي لا تبقي أي دولة عربية متماسكة، وفيها أمن وقانون وحكومة واحدة وجيش واحد؛ والمخطط له أن لا يبقي في أي دولة عربية حجر علي حجر، فيقُتل الأخُ أّخاه العربي المسلم، والسلاح صنع في الولايات المتحدة الأمريكية أو في ((إسرائيل))، وتُستنزف قدرات الجيوش في كل دولة عربية من خلال صراعات داخلية وعدو وهمي صنيعة الاستعمار الغربي فقديمًا أسموه: (تنظيم القاعدة، واليوم أسموه داعش) وركب الغرب والصهاينة معهم موجه الربيع العربي أو الدموي لكي يخرجوا لنا "شرق أوسط جديد" بتركيبة جديدة مع الفوضى الخلاقة. ما الأسباب في كل ما يحدث اليوم للعرب والمسلمين من قتل للإنسان وخراب ودمار شامل طال كل شيء ؟؟؟ والسبب بسيط ومكتوب في الكتاب المعجز الخالد العظيم المصحف الشريف القرآن الكريم الموجود بيننا ونقرأهُ ليلاً ونهاراً ولكن دون العمل بما جاء فيه!! فبعدما كان العرب والمسلمين سادة الأمم وأعزة الأمم ورأس سنامها. وبالإيمان تحقق لهم الأمن حينما وقّر في قلوبهم وصدقه العمل؛؛ فالقاعدة العريضة واضحة وبسيطة تقول لنا بوضوح :((إن لم تُّؤمنوا فلن تأمنوا )) ؛ إن تعريف الأمن في ظل تفسير القرآن الكريم نعرفهُ في لغة العرب: بمعنى الأمان والأمانة؛ وقد أَمِنْتُ فأنا آمن، وأمّنتُ غيري من الأمن، والأمان ضد الخوف، والأمانة ضد الخيانة؛ قال تعالي:(ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ) فلقد وعد الله المؤمنين الذين يعملون الصالحات، ولا يظلمون الناس، بنعمة الأمن والأمان في الدنيا وفي الآخرة؛ أي: توفير الطمأنينة والسكينة لهم؛ " فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"، الفريق الأول أم الفريق الثاني؟! ويجيب البيان الإلهي قائلاً﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾. وورد مصطلح الأمن ومشتقاته - في سياق آيات القرآن الكريم - بأكثر من عشرين صيغة وهي: "أمان- أمانة – آمن- الإيمان- أؤتمن- استأمن- الأمين- والمأمون- ومنها كلمة أمين في الدعاء- أمنتكم- أمنتم- أمنوا- أمنكم- تأمنا- تأمنه- يأمن- يأمنوا- يأمنوكم- آمنًا- آمنةً - آمنون- آمنين- أمنًا- مأمنُه- أَمِنهُم، وذلك في أربعٍ وعشرين سورة؛ والأمن بمعنى الاطمئنان، فهو آمن إذا اطمأن ولم يخف، وذكر أيضًا أن الأمن بمعنى التصديق، والمعنى (آمن) إيمانًا صار ذا أمن وصِدق؛ ومنه قوله :"﴿ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ فإن الأمن ضد الخوف، والأمنةُ هي (الأمن)، ومنه قول الله : ﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ تتكلم الآية عن معركة بدر الكبرى، بعد إيمان الصحابة رضي الله عنهم بالله عز وجل، وتطبيقهم الفعلي للإيمان، وحين جاءت المعركة مع المشركين من كفار قريش وكانوا أكثر عدداً وعُدةً وعتاداً جاء النعاس من الله لهم ليطمئن قلوبهم من الخوف من الكفار وثم أنزل لهم ملائكةً لتحارب مع الصحابة ،ونصرهم الله نصرًا مؤزراً، فبسبب الإيمان تحقق لهم الأمن والنصر. ومفهوم الأمن في التصور الاسلامي: يشمل الحياة الدنيا والآخرة، وله مكانة كبيرة في الشريعة الإسلامية لحفظ النفس البشرية التي خلقها الله عز وجل وحرم قتلها بغير الحق وبضوابط وبشروط مغلظة، وأهمية الأمن والأمان كبيرة في رخاء الشعوب المسلمة واستقرارها؛ لأن الإخلال بالأمن إخلال بحياة المجتمع المسلم كله وهدم لأركانه، ومن يزعزع أمن الفرد يزعزع أمن المجتمع؛؛ وكلمة الأمن مشتق منها كلمة مؤمن، ومن أمن فقد أمن، ومنها يأتي الأمن. ففي المجتمعات المسلمة، التي إذا آمنت أمنت، وإذا أمنت نمت؛ فانبثق عنها أمن وإيمان، إذ لا أمن بلا إيمان، ولا نماء بلا ضمانات واقعية ضد ما يعكر الصفو في أجواء الحياة اليومية، وبضعف الأمن وانحلاله؛ تظهر آثار خبث الشيطان، وألاعيبه هو وجنده من الجن والإنس، وإقعاده بكل صراط، يوعد بالأغرار من البشر، ويستخفهم فيطيعونه؛ فيبين حذقه وإغواؤه، محققاً توعده بقوله تعالى﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)، والعكس صحيح فبالإيمان بالله عز وجل وبالعبادة الخالصة لله جل جلاله المتبوعة بعمل الصالحات والخيرات للبشرية جمعاء يتحقق النصر والتمكين في الأرض والدليل الآيات التي تكلمت عن الأمن في القرآن الكريم في قولهِ سبحانهُ وتعالي: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا فيتحقق من خلال الإيمان المتبوع بعمل الصالحات الأمن النفسي والعقلي والأمن الديني والأمن الغذائي، والاقتصادي، والأمن البيئي والصحي والأمن الوقائي، لأن (الأمن مسؤولية الجميع) والأمن الفكري العقلي مهم جدًا اليوم، إذ إن الأمن على العقول، لا يقل أهميته عن أمن الأرواح والأموال، فكما أن للبيوت لصوصاً ومختلسين، وللأموال كذلك؛ فإن للعقول لصوصاً ومختلسين، بل إن لصوص العقول أشد خطراً، وأنكى جرحاً من سائر اللصوص؛؛؛ والأمن لا يقبل التبعيض، ومما يثير الانتباه في كتاب الله عز وجل أن هذا اللفظ (أي الأمن) لم يَرِدْ إلا في خمسة مواضع: ثلاثة منها ورد معرَّفا في الصورة المطلقة وذلك في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾؛ وقد ورد اللفظ بعدة أشكال لكنه لم يرد مقيدا بشيء لا بوصف ولا بإضافة، ومعنى ذلك أنه غير قابل للتبعيض، فالأمن شيء كلي شامل لا يقبل التبعيض، فهذه نقطة مهمة وهو أن الأمن نعمة يتنعم بها الناس إما أن تكون وإما أن لا تكون، ولا يمكن أن تكون مبعضه، بمعنى ينعمون بنوع من الأمن ولا ينعمون بأنواع أخرى ولا سيما بالنسبة لأهل الإيمان، إنْ تتبعنا لمفهوم الأمن يوصلنا إلى حقيقة مفادها أنه مستقر في القلب، ومدار مادة "أمن" في اللسان العربي على سكينة يطمئن إليها القلب بعد اضطراب، فأصل الأمن: طمأنينة النفس وزوال الخوف... و"آمن" إنما يقال على وجهين: أحدهما متعدّيا بنفسه، يقال: آمنته أي جعلت له الأمن، ومنه قيل لله مؤمن؛ والثاني: غير متعدّ، ومعناه صار ذا أمن... والإيمان هو التصديق الذي معه أمن؛ فلا يمكن أن تتصور أن يكون هناك مؤمن وليس عنده أمن، أي سكينة واطمئنان، أي استقرار لا اهتزاز ولا اضطراب ولا قلق ولا حيرة، لأنه مطمئن إلى ربه ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، ويوم القيامة المؤمنون لا يفزعون بل هم أمنون، قال تعالي:﴿وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾، وإن من أسماء الله الحسني اسم المؤمن: الذي يمنح الأمن ويعطيه، فهذه الحال - التي هي نعمة من الله عز وجل- هو الذي يعطيها: ﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ ۞إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ ومعنى ﴿آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ أي أعطاهم الأمن، وللمكان طبيعته الخاصة، وسره الخاص، وقد وصف القرآن الكريم ذلك المكان في مواطن متعددة بأنه "آمن" ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا﴾ ،﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا)،﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا﴾،ذلك سر جعله الله في ذلك المكان تفضلا منه سبحانه وتعالى، وإنا لنرى ذلك حتى الساعة،، جعله آمنا ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ فيأتي الأمن نتيجة ما سبق، ويأتي نتيجة أسباب معينة، ويأتي نتيجة حصول شروط معينة على رأسها الإيمان الصحيح والعمل الصالح، فإذا وجد هذا بالنسبة للفرد وبالنسبة للجماعة جاءت هذه النتيجة وإلا اختفت. ولا بأس من الإشارة في هذا المقام إلى سبب آخر من أسباب الاستمرار تشير إليه الآية الأخرى في سورة النحل، قال عز وجل: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا َيصْنَعُونَ﴾ فحين اختفى الإيمان واختفى العمل الصالح واختفى الشكر وحل محله شيء آخر سماه القرآن ﴿كَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ﴾، كانت من موانع حصول الأمن، وكفران النعمة يسلب نعمة الأمن. ولقد أرسى الإسلام للأمن قاعدتين أساسيتين هما: الإيمان بالله، وعمل الصالحات، وتطبيق القرآن منهج حياة علي أرض الواقع، إن أراد العرب والمسلمين التمكين في الأرض والغلبة والنصر علي عدوهم فليعودوا لكتاب ربهم. ولنتذكر شهادة الهرمزان أحد قادة الفرس وملوكهم والذي قال في حق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما سأل أين قصرهُ، فوجده ينام في الخلاء دون حراسة وهو الخليفة فقال: حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر.
الأمن العربي المفقود ، والحل !: بقلم جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
26-09-2016
مشاهدة: 586
جمال ابو النحل
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها