نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل مهرج لا يتقن التهريج، غوغائي من طراز بائس. ومن يعتقد انه يجيد الخطابة، فإنه مخطئ. قد تعجب خطاباته الاوساط الاسرائيلية عموما باستثناء القلة المؤمنة بخيار السلام، والتي تعي الحقائق التاريخية، لأنه يضرب على وتر مصالحها الاستعمارية. ويغذي في اوساطها روح التعالي العنصرية والافتراء والتحريض على القيادة والشعب العربي الفلسطيني وشعوب الارض والمنابر الاممية. ويقول الفكرة ونقيضها، فمرة "الامم المتحدة انتهت بمسرحية هزلية ومسخرة". وأخرى يقول فيها "ان الامم المتحدة تتغير ايضا، وأن كل شيء يتغير وبأسرع مما تعتقدون". وأخرى يعلن "ان مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، هو نكتة كبيرة، لأنه يقوم سنويا باستنكار إسرائيل أكثر من اي دولة أخرى بالعالم". لماذا هذه الادانات والاستنكارات والشجب، التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع؟ هل هي ادانات لمجرد الادانات ام هناك اسباب استعمارية املت على المنابر الاممية الانسجام مع انظمتها ومواثيقها؟ ويتابع في مكان آخر هجوما على منظمة اليونيسكو، معتبرا اياها "نفت العلاقة الكبرى ذات 4000 سنة، التي تربط الشعب "اليهودي" وموقعه الأقدس، وهو جبل الهيكل". (المقصود المسجد الاقصى، اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين) لا يوجد لليهود اية آثار في فلسطين التاريخية، ومضت سبعون عاما ولم يجد علماء الاثار الاسرائيليون اية دلائل تشير لوجودهم في ارض ووطن الشعب الفلسطيني.. ويختم فقرته بالقول "ان الامم المتحدة بدأت كقوة أخلاقية، وباتت اليوم نكتة أخلاقية". ثم يؤكد في أكثر من مكان بشكل وقح وفاجر، أن إسرائيل لن تلتزم بقرارات الامم المتحدة، ويمعن في إدارة الظهر لقرارات الشرعية الدولية والسلام على حد سواء، حين يقول" لن نقبل اي محاولة من الامم المتحدة بتحديد امننا." وهو ما يعني تصفية خيار السلام كليا.
زعيم الائتلاف الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل يغالط نفسه، عندما يقول "طريق السلام تمر عبر القدس ورام الله وليس نيويرك"، على اي اساس يتم ذلك بعد مضي 23 عاما من التوقيع على اتفاقيات اوسلو ومن المفاوضات بين القيادات الفلسطينية والاسرائيلية المتعاقبة؟ ألا تكفي تلك السنوات لتكشف عقم وانسداد افق السلام بالطريقة الاسرائيلية؟ وألم يحن الوقت للاقرار بالحقوق الوطنية الفلسطينية وفتح أفق لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؟ ليس هذا فحسب، بل انه يكشف هزال طرحه لمسألة السلام حين يعلن بشكل مراوغ ومفضوح "لم اتنازل عن السلام (اي سلام المقصود، هل هو سلام الاستيطان الاستعماري في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967؟ ام ومواصلة سياسة العقاب الجماعي ضد الشعب العربي الفلسطيني؟) بعكس الكثيرين منكم (من المعنيين بذلك؟ من هم الكثيرون الموجه الحديث لهم من قادة العالم) أعتقد ان السلام سيتحقق (كيف؟ وعلى اي ركائز؟ ووفق اي معايير؟ المعايير الاممية ام الاسرائيلية الاستعمارية!؟) والتغيير الجاري اليوم في الدول العربية ينّمي ويطور السلام في المنطقة ( هل المقصود هنا التطبيع المجاني مع الدول العربية ام فرض الهيمنة على الارض والمصالح الوطنية الفلسطينية ام كلاهما؟) وحول مبادرة السلام العربية، التي يرفضها نتنياهو من حيث المبدأ، يحاول في خطابه حصرها في نقطة التطبيع المجاني، عندما يقول: "إسرائيل ترحب باجزاء من المبادرة العربية، ولأجل تحقيق السلام يجب ان يكون الفلسطينيون جزءا منها". اي يريد من الفلسطينيين، ان يكونوا شاهد زور وجسراً للتطبيع مع الدول الشقيقة، اليس كذلك؟
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها