رصدت الصحفية الفلسطينية نهى موسى ابو عمرو ، ما أسمته  "مافيا المعبر" التي تسيطر على أحلام الفقراء لمغادرة قطاع غزة، في ظل أزمة متفاقمة يعاني منها سكان القطاع، فهم بين مطرقة الاحتلال وسندان حركة "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة، ومعبر رفح البري المغلق أغلب فترات العام، منذ الانقلاب الأسود عام 2007..

وقالت الصحفية نهى، لموقع البوابة نيوز" المصرية، أن الإهمال للحالات الإنسانية كان واضحا لصالح دافعي الرشوة، وقدعرض عليها ذلك من قبل مجموعة من السماسرة لتسهيل إجراءات خروجها مقابل مبلغ يتراوح بين 3500 – 7000 دولار.

وكشفت أبو عمروحقائق لم تكن معلنة، عن كيفية تعامل حركة "حماس"، وجمعت أدلة الفساد، التي قدمتها لمديرى المعبر، ومن ثم اتهموها بالتصوير بدون إذن.

وبعد معاناتها في الخروج من قطاع غزة، عن طريق معبر رفح، كشفت نهى عن قصة المتاجرة المقيتة التي يقوم بها تابعون لـ"حماس"، لابتزاز الشعب الذى عاش أسوأ سنوات حياته منذ سيطرت الحركة على غزة.

أشارت أبو عمرو، أن المتحكمين في المعبر لا ينظرون إلى مايسمى بالحالات الإنسانية، فجميع من ينوى السفر في القطاع يسجل فى مجمع أبوخضرة، ونظرًا لاستمرار معاناة المعبر فى ظل إغلاقه، فإن آلاف من المسافرين سجلوا من سنوات ولم يتمكنوا من السفر حتى هذه اللحظة، وبطبيعة الحال معبر رفح يفتح مرات معدودة خلال السنة، بسبب الانقسام السياسى، وعجز القيادة السياسية عن التوصل لتفاهمات لحل هذه الأزمة، لتتمكن القيادة المصرية من أن تتعاطى مع موضوع المعبر وتتمكن من فتحه على مدار 24 ساعة.

بدأت أبو عمرو، عندما ذهبت الى "مجمع أبوخضرة" للتسجيل للسفر، وهو الذى لا يفتح أبوابه إلا مرة كل شهر أو شهرين، وسحبت رقمًا ليكون ترتيبها هو الـ33 ألفًا بين المسافرين.

انتظرت طويلًا، وإذا بهم يغلقون باب التسجيل، وقال رجل الأمن لها: "حظًا أوفر"، وعندما حاولت التواصل مع مسئولين بالداخلية بغزة، للبحث عن حل لهذه المشكلة، لم تجد استجابة من أحد.

وأكدت نهى، أن أقاربها ومعارفها في القاهرة حاولوا البحث لها عن تنسيق، ولكن التنسيق كان ضعيفًا جدًا، ولم يأت اسمها فى قائمة التنسيقات المطلوبة، وخلال الأيام الأربعة لفتح المعبر، تمكنت أبو عمرو، بحدسها الصحفي من الوصول إلى الحقيقة الكاملة، جلست كباقى المسافرين تنتظر الدور كأى مواطن رفض الواسطة والمحسوبية ودفع الرشاوى، ليتمكن من الخروج من بلده معززًا مكرمًا، حتى أن ما رأت في هذه الفترة دفعها لان تفكر في ضرورة أن يرفض الجميع الظلم واستمرار إغلاق المعبر والعمل على إجبار القيادة السياسية، أن تجد حلولًا لهذا الوضع الصعب القائم.. وأخذت على عاتقها  تلك الرسالة كمواطنة ترفض الظلم وكإعلامية رأت، فقامت بتسجيل كل التجاوزات التى رأتها فى أروقة معبر رفح البرى فى الجانب الفلسطينى وتوجهت لبوابة المعبر للحديث مع الإدارة عن الوضع الإنسانى الصعب لكثير من الحالات التى كانت تنتظر حتى ساعات الصباح الأولى للمرور من خلاله، ولتقديم الأدلة الكافية التى تثبت كل التجاوزات التى تحدث فى أروقة المعبر، ولكن الأمن منعها من ذلك.

وعلى الرغم من منع الأمن لها، استطاعت «نهى» تجاوز بوابة المعبر، وتوجهت إلى مدير المعبر وبالفعل قابلت وكيل الداخلية، ليستمع لمعاناة الحالمين بالعبور، ويتعهد لها بإيجاد حلول لكل الحالات الإنسانية الموجودة على المعبر، وعلى عكس ما تخيلت الإعلامية الطامحة لحل أزمات العالقين، تقول: "جاءت مباحث "حماس" تأخذ منى تعهدًا بعدم اجتيازى بوابة المعبر بهذه الطريقة التى يعتبرونها غير نظامية، مع العلم أن الأمن رفض إيصالى بأى من العاملين بإدارة المعبر رغم معرفتهم أنى إعلامية، ولكنى صممت أن أصل لهم لأوصل لهم الحقيقة كاملة التى تحدث داخل أروقة المعبر".

وقعت المصدومة، على التعهد، والذي صاحبه وعد بعبورها بشكل سريع متخطية كل ما يحيط بها من حالات إنسانية تود الهروب من نار غزة، وحماس، وأضافت قائلة: "اضطررت للمبيت على بوابة معبر رفح، وأن أنتظر التعهدات التى أعطانى إياها مسئولون فى وزارة الداخلية، توجهت لبوابة المعبر من جديد لمتابعة الموضوع وقضية كل العالقين فطلبت من الأمن إبلاغ إدارة المعبر أنى أريد مقابلتهم لمتابعة كل مجريات الأمور، ولتسليمهم الأدلة التى بحوزتى التى تثبت ضلوع موظفين داخل المعبر فى قضية رشاوى من المواطنين".

وتوضح: "صممت على الدخول رغمًا عن الأمن بعد أن رفضوا إدخالى لأنه لا يوجد أى أحد يستطيع إخراس صوت الحق، ومنع أى مواطن مقهور ومظلوم ومعه كل الحق بمطالبته بحياة كريمة كباقى الشعوب، توجهت لمقابلة مدير المعبر وشرح الوضع له فرفض الاستماع لى وكانت هذه البداية".

وتضيف: «أخذونى إلى غرفة تحقيقات المباحث فى معبر رفح ليقوموا بالتحقيق معى حول كتاباتى على فيس بوك ونشر معاناة الناس الموجودين على المعبر وإطلاقى لهاشتاج (#سلموا_المعبر) والتفاعل الكبير الذى حظى به من كل المواطنين فى غزة.

ودخلت فى غرفة بها 8 محققين 3 نساء و5 رجال الكل عبر هواتفهم المحمولة يفتح على صفحتى ويقرأ منشوراتى ويستهزئ بها».

وتستطرد: "قال لى أحد المحققين: هو أنت بدك تعملى كل هادا ضدنا وكتاباتك وبتفوعى الناس علينا وبضلى تحكى علينا وبدك يانا نتعاطف معك ونسفرك؟ من المستحيلات تسافرى. فقلت لهم: يوجد فساد لديكم. فردوا: هاتى الأدلة.. وقمت بتسليم الأدلة على حديثى لكنهم لم يكتفوا بها، وقالوا إنهم لا بد أن يروا بأعينهم ما يحدث، فاتفقت مع المباحث العامة بالمعبر وهناك رأوا عتالين يدخلون ويخرجون من مكاتب الإدارة، وينادون على الناس ويتفقون معهم على الدفع مقابل العبور، ومن ثم يبلغون الإدارة بالأسماء التى ستدفع، وتنتهى مهمة العتال بإيصالهم إلى كرسى الباص الذى كلفهم آلاف الدولارات، وبالفعل تم القبض على اثنين منهم".

وتؤكد "أبوعمرو" أنها قدمت أيضا شهادتها على ما حدث معها، حيث كانت جالسة وفاقدة الامل فى السفر والمرور من المعبر، وإذا بمجموعة من الشباب أتوا ليساوموها هى وعائلتها على أموال بلغت قيمتها من 3500 دولار إلى 7٠٠٠ دولار، ونظير ذلك سيسلمونهم لموظفين داخل إدارة المعبر يتواصلون مع هؤلاء الشباب بأسماء وهمية كى لا ينكشفوا.

وتلفت إلى أنه وبعد كل ذلك بدأت مباحث المعبر بالاقتناع بالحجج والأدلة والبراهين التى قدمتها لهم، ومنها أخذوها إلى مقر المباحث العامة بمحافظة رفح للإدلاء بشهادتها هناك من جديد، لكن المفاجأة أنها عندما وصلت إلى هناك كانت قد تحولت إلى متهمة.

 

وتقول: "وصلت إلى هناك فتفاجأت بأنهم حولونى إلى متهمة حتى بعد كشفى لهم الفساد والتجاوزات التى تحدث من قبل موظفين إداريين فى المعبر قبل عرضها، وكنت أرفض تمامًا تقديم الأدلة للرأى العام قبل أن تعرض على الجهات المختصة، وبدلًا من مكافأتى تم التعامل معى كمتهمة".

وتضيف: "قاموا باحتجازى على الرغم من تدهور وضعى الصحى بسبب المعاناة التى رأيتها وعشتها خلال الأيام التى قضيتها بالمعبر، وهناك قاموا بمصادرة هاتفى المحمول، على الرغم من أنه توجد عليه صور خاصة جدًا، وبقى لساعات فى أيدى المحققين الذين اتهمونى بأنى لم أحصل على إذن تصوير داخل أروقة المعبر، مع العلم بأن قانون المطبوعات والنشر الفلسطينى يتيح للصحفى نشر كل ما يقع تحت يده من أدلة على الضلوع بقضايا فساد، بدون أخذ الإذن من أى جهة رسمية، ومنعونى تمامًا من السفر عن طريق معبر رفح البرى أو الاقتراب منه، وجعلونى أوقع على تعهد بذلك، وحتى ضابط المباحث أصر على تكذيبى رغم وجود الأدلة، وبعد أن رآنى الناس أتكلم عن الظلم بدون خوف، خرج من بينهم شهود مستعدون للإدلاء بشهاداتهم حول الموضوع، لكن الضابط رفض الاستماع لشهاداتهم، وتم اتهامى بأننى صورت داخل أروقة المعبر لأتواصل مع جهات خارجية، على الرغم من أننى توجهت إلى الجهات المعنية فى إدارة المعبر لتسليمهم الأدلة، ورفضوا نشرها قبل أن يجدوا لها حلولًا، وعلى الرغم كذلك من أنه كان بإمكانى أن أحصل على السبق الصحفى ولا أكترث بما سيحدث".

واتهمها المحققين بالتشهير بالحكومة، لمطالبتها لهم  بضرورة متابعة فساد الموظفين الموجودين على المعبر، وإيجاد حلول لهذه الأزمة من أجل المواطنين، عبر صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.