يبدو كلام زعيم حزب النهضة التونسي راشد الغنوشي عن أحداث مصر التي أطاحت بحكم الاخوان في مصر ووصفه بأنه معركة أخرى من معارك الاسلام وكأنه يردد صدى كلام القذافي عن الاطاحة بحكم زين الدين بن علي في تونس عندما انتقد القذافي ذلك، بل ودعا الى اختيار بن علي رئيساً مدى الحياة.
ولعل أحاديث الغنوشي المتلاحقة حول أحداث مصر سواء في التنظيم العالمي لجماعة الاخوان في اسطنبول أو في بلاده تنم عن خشية بائنة من أن تتمدد حركة تمرد المصرية داخل تونس للاطاحة بحكم النهضة، وذلك ان سنة واحدة من حكم الاخوان في مصر راكمت من المحسوبية والفساد والقمع ما يوازي عشرات السنين من حكم مبارك، مثلما أن سنة واحدة من حكم حماس في غزة راكمت تجاوزات وقمعاً وفساداً ومحسوبية وتمييزاً ضد الآخرين أكثر مما شهدته منظمة التحرير على مدى تاريخها، الا أن الاسلام السياسي يغلف تجاوزاته وفجوره بالدين، فهو يبيح لنفسه كل شيء ويحرم على خصومه أي شيء، فعندما نسمع أن مستشاراً واحداً في حكومة قنديل بلغ ما تقاضاه 600 ألف جنيه خلال سنة وأن مستشاراً في وزارة الشباب بلغ راتبه 120 ألف جنيه شهرياً وأن ميزانية الرئاسة تضاعفت عما كانت عليه في عهد مبارك وأن سياسة الاخونة أدت الى توظيف عشرات الألوف دون الاعتماد على الكفاءة، بل الانتماء فقط، فهذا يكفي للدلالة على حجم الفساد الذي تبلور خلال شهور، فكيف الحال لو استمر حكم الاخوان؟ ألن تعود مصر الى عصر السادة والعبيد؟
مشكلة الأحزاب الاسلامية أنها تحلل لنفسها ما تحرمه على الآخرين, وتظن أن إثمها مغفور وسعيها مشكور طالما طبعت زبيبة على جباه أنصارها بالكي والحك والعك، حتى وصل الأمر بأحد قادة الاخوان في مصر هو أحمد أبو بركة للقول أن الاطاحة بمرسي شرك بالله، وهذا الربط بين مرسي والله اعتقد انه هو الشرك وليس العكس.
فالفشل للأحزاب المتمسحة بالدين بات جلياً من غزة الى مصر الى تونس, وليس نجاح الانموذج التركي الذي يحاول احتضان هذه التجارب الا لأنه تصرف بطريقة مغايرة لما تتصرف به بعض قيادات هذه الأحزاب من غلظة وفساد وإفساد ومحسوبية وإتجار بالدين ونفاق وكذب وتدليس، فالاصلاح يجب أن يبدأ داخل هذه الأحزاب قبل محاولة اصلاح مجتمعاتها, لأن العلة في الحزاب وليست في الدين. والله من وراء القصد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها