اعتبر الامين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أستاذ القانون الدولي، الدكتور حنا عيسى قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإغلاق وهدم مدرسة الخان الأحمر الأساسية، في التجمعات البدوية المقامة شرق القدس المحتلة، انتهاكاً جسيماً للحق بالتعليم الذي تكفله القوانين الدولية.
وأكد د. عيسى على ان الحق في التعليم من اهم حقوق الإنسان بل من أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يجب توفيرها للإنسان من أجل التمتع بجميع حقوقه الأخرى، حيث أن الحق في التعليم ورد في العديد من الإعلانات والمعاهدات والمواثيق الدولية التي كفلته لكل فرد في المجتمع ومنها: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966م، واتفاقية حقوق الطفل للعام 1989م، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة للعام 1981م، الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين للعام 1952م.
واضاف:"بناءً على ذلك، ولغاية حماية المدنيين الفلسطينيين بالقدس ، فإنه تنطبق عليهم قواعد القانون الدولي الإنساني المعروف بـ " قانون الحرب " أو " قانون النزاعات المسلحة وهو القانون الذي ينطبق في زمن النزاعات المسلحة سواء الدولية أو الداخلية ، ويعتبر القانون الدولي الإنساني قسماً رئيسياً من أقسام القانون الدولي العام .
ووقف د. حنا عيسى على المعاهدات التي يتكون منها القانون الدولي الإنساني: " قانون جنيف وهو القانون لحماية ضحايا النزاعات المسلحة، وتشكل اتفاقيات جنيف الأربع 1949 وبروتوكولاها الإضافيان 1977 المصادر الأساسية له . قانون لاهاي وهو القانون الذي ينظم استخدام القوة ووسائل وأساليب القتال، وتشكل اتفاقية لاهاي الرابعة 1907 والاتفاقيات المعنية بحظر الأسلحة مصادرة الأساسية . الاتفاقيات اللاحقة : والتي من أهمها الاتفاقيات الخاصة بحظر استخدام الأسلحة والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" .
وحول اهتمام القانون الدولي بالتعليم أضاف: "يُلاحظ أنه على امتداد التسعينات كان القانون الدولي الإنساني غائبا إلى حد بعيد عن الخطاب الدولي بشأن التعليم الأساسي، سواء في سياق التنمية أو في سياق أوضاع الطوارئ وإعادة التعمير التالية للحرب. لكن التسليم بأهمية توفير تعليمٍ مستمرٍ في أوضاع النزاع المسلح أخذ يكتسب تأييداً مطرداً، فقد نجحت "الدورة الاستراتيجية الموازية المعنية بالتعليم في أوضاع الطوارئ والأزمات" التي نظمت ضمن فعاليات " المنتدى العالمي للتعليم " لدى انعقاده في داكار (أبريل / نيسان 2000)، في إدراج هذه القضية في نص " إطار داكار للعمل " . وهناك مجموعة واسعة من الصكوك القانونية يشار إليها عادة في معرض تأييد حق الأطفال والشباب من اللاجئين وممن يواجهون ظروف الطوارئ في أن تُكفل لهم فرصة الحصول علي تعليم أساسي جيد. فكون التعليم يمثل، أولا وقبل كل شيئ "حقا من حقوق الإنسان غير القابلة للتصرف" ، ومن هنا، يُنظر إلى الحق في التعليم كحقّ يجب كفالته في جميع الظروف وحمايته في جميع الأوضاع بما في ذلك أوضاع الأزمات والطوارئ الناجمة عن الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة. ان القانون الدولي الإنساني لا يعزز فحسب الإطار القانوني لحماية التعليم أثناء النزاعات المسلحة، وإنما يُورِدُ أيضاً أحكاما لمواجهة الأوضاع الخاصة. فهناك عدد من المواد تتضمنُ أحكاما لحماية البنى الأساسية المدنية ولكفالة حق المدنيين وغير المقاتلين في إشباع احتياجاتهم الاجتماعية والثقافية الأساسية، بما فيها التعليم، أثناء النزاع المسلح أو تحت الاحتلال العسكري أو في أوضاع الطوارئ.
واشار د. عيسى الى القوانين التي تكفل حماية الحق في التعليم تحت الاحتلال العسكري: "تكفل دولة الاحتلال، بالاستعانة السلطات الوطنية والمحلية حُسن تشغيل المنشآت المخصصة لرعاية الأطفال وتعليمهم (....) فإذا كانت المؤسسات المحلية عاجزة، وجب على دولة الاحتلال أن تتخذ إجراءات لتأمين إعالة وتعليم الأطفال الذين تيتموا أو افترقوا عن والديهم بسبب الحرب في حالة عدم وجود قريب أو صديق يستطيع رعايتهم، على أن يكون ذلك كلما أمكن بواسطة أشخاص من جنسيتهم ولغتهم ودينهم " (المـادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949 ). وهكذا، فإن المادة 50 من الإتفاقية، توجب على دولة الإحتلال المبادرة لإتخاذ الإجراءات التي تكفل تعليم الأطفال وتغطية النقص الحاصل في مجال التعليم، بواسطة توفير الكادر التعليمي والحاجيات اللازمة لتمكين الأطفال من ممارسة تعليمهم. وتحظر على دولة الإحتلال التدخل في مناهج التعليم بتغييرها أو استبدالها بمناهج جديدة عندما تقول " بواسطة أشخاص من جنسيتهم ولغتهم ودينهم".
واضاف: " تُمنح للمعتقلين جميع التسهيلات الممكنة لمواصلة دراستهم أو عمل دراسات جديدة. ويُكفلُ تعليم الأطفال والشباب، ويجوز لهم الانتظام بالمدارس، سواء داخل أماكن الاعتقال أو خارجها " (المـادة 94 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949 ).
وطالب الامين العام بضرورة بذل الجهود الدبلوماسية والضغط من خلال وسائل الإعلام من اجل توفير الحماية للطلاب والمعلمين والمناهج والمدارس من إعتداءات قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين من خلال الاتصال والتواصل مع الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية ذات الصلة كـ "اليونسكو" و "الألسكو"، إضافة الى مخاطبة الدول الصديقة والداعمة لإحلال السلام.
يشار الى ان مدرسة الخان الأحمر تضم 170 طالباً وطالبة من الصف الأول حتى التاسع، وهي تخدم عديد التجمعات البدوية المقامة في منطقة فلسطينية استراتيجية وحيوية شرق القدس المحتلة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها