دعا وزير الخارجية البولندي، فيتولد فاشيكوفسكي، الاتحاد الاوروبي الى أداء دور اكثر فاعلية لاستئناف المحادثات الفلسطينية الاسرائيلبية، مشددا على أن الحل يكمن في التوصل الى اتفاق يضمن تطلعات الشعب الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة ديمقراطية ذات سيادة.
وقال فاشيكوفسكي عشية وصوله الى رام الله، ليلة الاربعاء، في زيارة تستمر لساعات يلتقي خلالها سيادة الرئيس محمود عباس وكبار المسؤولين الفلسطينيين "نعتقد أنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يبدي الاستعداد لتعزيز وجوده، ودعمه، والتزامه بالعملية السلمية، وندعو إلى تعزيز مشاركته في استئناف محادثات السلام بالتعاون مع أعضاء اللجنة الرباعية والجهات الفاعلة الهامة الدولية الأخرى بأكملها".
واعرب المسؤول البولندي عن امله بأن تتّخذ المبادرة الفرنسية شكلا ملموسا خلال الشهور القادمة، "وسوف ننتهز هذه الفرصة لإعادة تقييم النهج والاليات التي نعتمدها ابتغاء مساعدة الطرفيْن على الالتقاء واستئناف المحادثات المباشرة، ونثق بأن الطرفيْن ملتزمان بالتوصّل إلى تسوية سلمية للصراع استنادا إلى حل قائم على وجود دولتيْن".
وحذّر فاشيكوفسكي من ان الوضع القائم في الشرق الاوسط غير قابل للاستمرار، مشددا على ان هناك حاجة ملحة لاستئناف الحوار الفلسطيني الاسرائيلي.
وقال: "نشدد في حوارنا مع الشركاء الفلسطينيين والاسرائيليين على الحاجة الملحّة لاستئناف الحوار بينهما، فانسداد الأفق السياسي القائم حالياً لا يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى"، مؤكدا ان السلام الدائم في الشرق الأوسط لن يتحقق بدون وجود إرادة قوية وشجاعة كافية لدى الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.
وجدد فاشيكوفسكي دعم بلاده لنهج التسوية وصولا إلى حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي "على شكل اتفاقية سياسية شاملة بين الأطراف، على نحو يضمن هدنة دائمة ومستدامة. ويجب أن تضمن هذه الاتفاقية تحقيق تطلعات كلا الطرفين: تطلعات الفلسطينيين للعيش بدولة ديمواقراطية وذات سيادة، وتطلعات اسرائيل لتحقيق الأمن".
وابدى استعداد بلاده لتقديم كل ما هو ممكن من مساعدة لتحقيق هدف السلام، لافتاً الى ان "تجربة التاريخ البولندي تمكننا من فهم تطلعات الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال، ونعلم أنّ تحقيق ذلك يتطلب عملية طويلة وصعبة للوصول إلى تسوية سلمية وتوافق بهذا الصدد".
وأضاف: "كانت بولندا ولا تزال داعماً أساسياً لحل سلمي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي يخلص إلى بناء دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة وذات سيادة، تعيش جنباً إلى جنب مع اسرائيل. إنّنا ننتهز كل فرصة لتقديم دعمنا لجهود إحياء محادثات السلام، كما ونقدّم تجربتنا النابعة من عملية التحول الاقتصادي والسياسي".
كما جدد الوزير البولندي التزام وارسو بدعم الجهود الفلسطينية لبناء مؤسسات الدولة، وكذلك الاقتصاد الفلسطيني، مشدداً على ان فلسطين تحتل رأس اولويات بولندا في الدعم الخارجي.
وقال "احتفلنا في العام الماضي بمرور 10 سنوات على الوجود الدبلوماسي البولندي في رام الله (افتتاح مكتب التمثيل البولندي). خلال السنوات العشر الماضية عززت بولندا تعاونها مع فلسطين على المستويات الحكومية والبرلمانية وعلى صعيد الحكم المحلي، وقد ساعد حوارنا السياسي على تأسيس اللجنة الوزارية المشتركة. إنّ بولندا مستمرة بدعم جهود المجتمع الدولي الرامية إلى استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط".
وحول محادثاته المنتظرة في رام الله، قال فاشيكوفسكي "نود أن نعرب للسلطة الفلسطينية عن دعمنا للجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة السياسية. ونعبر لشركائنا الفلسطينيين عن رضانا بخصوص العلاقات الفلسطينية البولندية، وجاهزيتنا لتعزيز التعاون المشترك والعلاقات الثنائية. في عام 2016 دخلنا عقداً جديداً في مجال الوجود الدبلوماسي البولندي في رام الله، ونرغب خلال السنوات القادمة في تطوير وتعزيز علاقات الصداقة بين البلدين وتعزيز التعاون المشترك المفيد في العديد من المجالات".
واضاف: سنؤكد التزامنا بتعزيز التعاون الفلسطيني البولندي وتأكيد جاهزيتنا للجلوس مع نظرائنا الفلسطينيين في إطار الجنة الوزارية المشتركة.
ومن المنتظر ان يزور الرئيس عباس وارسو في ايلول/سبتمبر القادم، وقال فاشيكوفسكي ان هذه الزيارة "ستعطينا الفرصة للحفاظ على مستوى عالي من الحوار السياسي مع شركائنا الفلسطينيين ومناقشة مجالات جديدة للتعاون".
كذلك، من المنتظر ان تعقد اللجنة الفلسطينية البولندية المشتركة اجتماعا لها في رام الله في وقت لاحق من العام الحالي، ويتوقع ان يتمخض الاجتماع عن جملة من الاتفاقات الثنائية بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين في مجالات مختلفة.
وقال فاشيكوفسكي "نتطلع إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات السياحة والتعليم والثقافة . لقد نمت مبادلاتنا التجارية خلال السنوات الخمس الماضية، بيد أنّ حجم التبادل التجاري الثنائي الحالي (8 ملايين دولار في 2015) لا يزال أقل بكثير مما نتوقعه، ونحن نرى إمكانية كبيرة للتعاون الاقتصادي بين بولندا وفلسطين، وذلك بفضل العلاقات السياسية الممتازة بينهما منذ أمد بعيد . إنّ على كلا الطرفين العمل لتعزيز هذا التبادل خلال السنوات القادمة".
واوضح فاشيكوفسكي ان المساعدات البولندية لفلسطين ستركز خلال السنوات الخمس القادمة على جهود الجوانب التنموية، مؤكدا ان فلسطين "تمثّل شريكا يحتلّ أولوية عليا في منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للتعاون الإنمائي البولندي، وخلال الأعوام 2016-2020، سوف نواصل تقديم المساعدة الإنمائية لفلسطين، كجزء من الدعم الذي نقدمه لعملية بناء الدولة الفلسطينية".
واضاف: نقرّ بالمساهمة الهامة التي قدّمتها البلدان العربية لتحسين الحالة الإنسانية في قطاع غزة، وتقديم المساعدة الإنمائية للضفة الغربية، ونقدّر الإجراءات التي اتّخذتها البلدان العربية بالتعاون مع الأمم المتحدة من أجل نزع فتيل التوتر في الشرق الأوسط، وندرك على وجه الخصوص الأدوار الرئيسية التي اضطلعت بها مصر والأردن في الجهود المتواصلة، وخلال الأعوام الأربعة المقبلة، سوف تركّز منظمة المساعدات البولندية "بوليش إيد" على مساندة بناء رأس المال البشري، بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، والتأهيل، وريادة الأعمال، والقطاع الخاص، ويجري توجيه المساعدة التي نقدّمها لفلسطين بصورة أساسية من خلال الإدارة البولندية والمنظمات غير الحكومية ومكتب الممثلية البولندية في رام الله.
واعرب الوزير البولندي عن ارتياحه للمشاريع التي نفذت حتى الآن بتمويل بولندي، وخصوصا تلك التي نفذها حرس الحدود البولندي لدعم شرطة الحدود والمعابر الفلسطينية خلال العام الماضي.
وقال: المشاريع التي ننفذها ليست واسعة النطاق ماليا، لكنها ناجعة للغاية، إذ أنها تصل المستفيدين مباشرة، ذلك أنها لا تساعدهم بصورة عفوية، بل تمنحهم الفرصة ليصبحوا مستقلين ومكتفيين ذاتيا على المدى الأبعد.
واوضح في هذا السياق، ان المنح الصغيرة التي قدمتها الحكومة البولندية ساعدت على زيادة إمكانية الحصول على مياه الشرب ومياه الزراعة. وفي عام 2014، ساعدت الانشطة البولندية النساء في المناطق الريفية على تحقيق التمكين الاجتماعي والاقتصادي.
وقال: خلال العام الماضي، ركّزنا على المجتمعات المهمّشة، وهي: وادي كريمزان (بيت لحم)، ومخيمات اللاجئين، والقدس الشرقية، وقطاع غزة، وسوف نواصل المساهمة في المجالات المذكورة أعلاه من خلال منظمة المساعدات البولندية "بوليش إيد" خلال الأعوام المقبلة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها